قلقيلية – الرسالة نت
تعاني قرى محافظة قلقيلية الـ34 من قيود مشددة يفرضها المستوطنون الذين أصبح تعدادهم يقارب عدد سكان المحافظة بأكملها، فوفق الإحصاء الأخير يقطن مستوطنات قلقيلية 81 ألف مستوطن، في حين يبلغ عدد سكان المحافظة 91 ألف مواطن.
في رحلة لـ"الرسالة نت" لبعض مناطق الريف في قلقيلية كانت الصورة قاتمة سوداء؛ فالفلسطينيون يُقمعون بهدم بيوتهم ويعيشون في سجن كبير، لكن المستوطنين يعيشون حالة من التقدم والتوسع والازدهار.
مقابل قرميد أحمر
المحطة الأولى كانت قرية عزون عتمة المنكوبة ببوابات إلكترونية وسياج حديدي وعزل لا يطاق، حيث تبعد منازل المستوطنين عن منازل القرية بمستوطنة "شعاريات تكفا" بضعة أمتار قليلة، ويلاحظ من يدخل المنطقة أولاد المستوطنين في لهو ومرح، في حين ينظر أطفال القرية إليهم بحسرة المحروم وحزن المقيد المسجون.
يقول المواطن أبو نضال عامر -هُدم منزله قبل حوالي شهرين-: "أنظر إلى منزلي المهدوم وفي الجهة المقابلة تتزين منازل المستوطنين بالقرميد الأحمر الجميل.. أنا أعيش حسرة الهدم والمستوطن ينعم بالإعمار والعيش الرغيد". ويتساءل أبو نضال باستنكار: "أين بان كي مون؟.. أين لجان تقصي الحقائق؟، وأين من يدعون الحرص على حياة إنسانية هادئة للفلسطينيين؟، وأين أوباما الذي يزعم دفاعه عن العدالة الاجتماعية ورفع الظلم؟".
ويضيف بحرقة: "من أجل عائلة تعرضت للقتل في مستوطنة "إيتمار" هب العالم للتنديد بالجريمة، في حين يعيش مئات الآلاف من الفلسطينيين في جو من القتل والتشريد بصمت دون أن يحرك أحد ساكنا"، متابعا: "عندما يهدم بيتك وتصادر الأرض فقد حرمت الأمن، ولك أن تتخيل كيف تمر الأيام والأشهر علينا".
"قدوميم".. مركز للخيول
بالانتقال من جنوب المحافظة إلى شرقها تتضح صورة المعاناة خاصة في قريتي جيت وقدوميم لمجاورتهما مستوطنة كبيرة تعد من أكبر مستوطنات الضفة الغربية، وتضم مرافق كبيرة: معهد ديني، ومصانع تلوث المكان المجاور.. مدخل المستوطنة يضم مركزا كبيرا لتدريب الخيول في أحراش من شجر الكينا، وبالقرب منه محطة كبيرة للوقود ومركز للشرطة الإسرائيلية ومكان تدريب لأفراد الجيش.
المواطن عزمي قدومي -أحد المتضررين من هذه المستوطنة منذ إقامتها عام 1976م- قال لـ"الرسالة": "نحن في قرية كفر قدوم مكبلون بقيود تجعلنا أسرى مع وقف التنفيذ؛ فمدخل القرية مغلق ونضطر إلى السفر في طرق فرعية كي نخرج من القرية البالغ عدد سكانها قرابة الـ2000، ونشاهد المستوطنين داخل المستوطنة وهم يسرحون ويمرحون في أجواء حقيقية للحياة"، وتابع: "في المقابل عندما تدخل قرية كفر قدوم تتجسد أمامك صورة انعدام الحياة فيها، حتى الأموات في مقبرة القرية لم يسلموا من عبث المستوطنين، وكتب على شواهد القبور: عليكم بالرحيل أو تلقون نفس المصير"، كما يصف القدومي.
وتكتمل معادلة المعاناة في أن أهالي القرى الفلسطينية المحاطة بالمستوطنات عليهم دفع ثمن أمن المستوطنين على حساب تفاصيل حياتهم اليومية.