غزة- أمينة زيارة- الرسالة نت
يعاني سوق قطع غيار السيارات في قطاع غزة من تدهور ملحوظ في ظل الحصار المفروض على القطاع، خاصة بعد انتشار بضائع الأنفاق التي استنفذت أموال التجار والمستهلك بطرق غير مشروعة، حيث وجد أصحاب هذه المحلات ضالتهم في هذه البضائع وأصبحوا مضطرين لتداولها مع سلبياتها الكثيرة، خاصة فيما يتعلق بغلاء أسعارها وعدم مطابقتها لأنواع السيارات في غزة والجهد الكبير الذي يتكلفه فنيو الصيانة.
"الرسالة نت" زارت بعض المحلات واطلعت عن كثب على الأزمة التي يعانونها وخرجت بالتقرير التالي.
وللسائقين أزمة
يقف السائق "أبو علي" مكتوف اليدين ينظر إلى سيارته التي توقفت عن العمل منذ ما يقارب الأسبوعين ولا يجد مطلبه لدى محلات قطع الغيار، حيث تحدث "للرسالة" والحسرة بادية على ملامح وجهه إثر توقف عجلة الحياة لدى أسرته بتوقف هذه السيارة، فقال: السيارة هذه هي مصدر رزق عائلتي ونعتمد على مدخولاتها في حياتنا.
ويشرح أبو علي مشكلته بقوله: قبل أسبوع توقف محرك السيارة لخلل طارئ وكيفما تتوقعون نقلتها إلى "كراج الصيانة" إلا أنني فوجئت بأنها تحتاج إلى محرك جديد وقد أخبرني فني الصيانة في "الكراج" بأن أنتظر قليلا كي تدخل بضائع الأنفاق وبقيت السيارة لديهم مدة أسبوع ولكن لم تصل القطعة فاضطررت إلى ايقافها أمام باب البيت أتحسر عليها في الذهاب والإياب.
أما السائق "أبو أكرم" كما كان يناديه أحد ركابه فبدأ متذمراً من الوضع الحالي وخاصة في موضوع التسعيرة الجديدة التي لا تُرضي طموحه، وعند سؤاله عن وجهة محلات بيع قطع غيار السيارات، ابتسم ونظر إلى زبونه وكأنه يقول له بأن الفرج قد جاء لأبوح عما يجول في خاطري من هموم ومعاناة.
وقال بعد أن أكد على غياب قطع غيار السيارات: إن وجدت فإنها باهظة الثمن وتحتاج فترة طويلة كي يتم إعادة تصنيعها من جديد لتطابق مواصفات سيارات غزة، ويصمت قليلاً ليرد على أحد الركاب الذي أشار إليه بوجهته فبادره "2 شيكل" ومع عدم موافقة الراكب هاجم قائلاً: إذا كان السولار رخيصا فإن قطع غيار السيارات غالية جداً "اكتبي.. اكتبي"، متسائلاً: لماذا لا يفهم الراكب ووزارة المواصلات هذا الأمر، فالسائق يعيش معاناة مزدوجة ويجب أن تُراعي الوزارة هذه الظروف.
غياب واضح
وعن سبب نقص قطع غيار السيارات وغلائها، أجاب البائع في "محلات شيخه" لبيع قطع الغيار والزيوت المعدنية وصيانة البطاريات: هناك غياب واضح لقطع المواتير خاصة أن بضائع الأنفاق التي تأتي عن طريقة مصر ولا تطابق قطع غيار السيارات في غزة، لأن سيارات "سكودا ديزل" غير مستخدمة في مصر لذا نجد صعوبة في إعادة تصنعيها والتي تأخذ وقتا كبيرا يتم تدويرها كي تلاءم ما هو موجود في غزة، ويضيف: أصحاب محلات قطع الغياب يعانون أزمة إثر غياب هذه القطع المطلوبة لدى زبائنهم وقد يضطر الزبون إلى الانتظار لأسابيع كي نطابق القطع مع سيارته وهذا ما يجعلنا نتأخر في تسليم الطلبات.
وفي محلات "ستوب كان" لبيع قطع غيار السيارات ضرب البائع بيديه على مكتبه وهو يذكر المعاناة التي تواجهها أصحاب المحلات، وتحدث بتنهيدة أظهرت حجم المعاناة فيقول: إن الحصار خلّف أزمة كبيرة لدى تجار ومحلات قطع غيار السيارات وجعلنا رهينة لبضائع الأنفاق التي تصل أسعارها إلى الضعف عن سعرها الأصلي من المورد، كما أن هذه البضائع لا تتطابق قطع غيار سيارات غزة لأنها غير مستخدمة في مصر وكذلك خسارتها أكثر من أرباحها خاصة في زجاج السيارات التي تصل للمحلات مكسورة، مشيراً إلى غياب القطع الضرورية للسيارة والتي يعتمد عليها أصحاب السيارات بشكل كبير، منوهاً إلى النظام البديل الذي أوجده بعض أصحاب المحلات والتجار في توفير هذه القطع اللازمة وذلك بإعادة هيكلة وتصنيع القطع التي تأتي من الأنفاق لتتناسب مع سيارات غزة ورغم أنها تحل إشكالية إلا أن سلبياتها كبيرة أهمها التأخير في الصيانة والتركيب والجهد الكبير في إعادة تصنيعها.
غلاء 150%
من جانبه أخذ التاجر في شركة أبناء ضاهر لبيع قطع الغيار والصيانة يتمتم ويومئ بحاجبيه إثر الخسارة التي لحقت ببعض تجار قطع الغيار فقد أكد على غلاء أسعارها الذي وصل إلى 150% بسبب الحصار المفروض على القطاع والذي أثر على المواطن الفلسطيني بكل مستوياته.
ويضيف: نحن نهجن السيارات من خلال تركيب محركات تصلح لسيارات غزة ففي السابق كنا لا نجد صعوبة في توفير هذه المحركات لكن الآن توفيرها أصبح صعباً للغاية خاصة في بضاعة الأنفاق التي تكون رديئة وغير مطابقة وباهظة الثمن.
ويشير إلى الجهد الكبير الذي يبذله "الميكانيكي" في ورشة الصيانة لإعادة تصنيع القطعة وهيكلتها من جديد كي تلاءم السيارة التي يعمل على صيانتها ما يؤثر على خدماتنا التي نقدمها لزبائننا ويستدرك: الزبائن يراعون الظروف خاصة في ظل شح بعض أنواع المحركات الأساسية.
ويوضح أن سوق قطع الغيار المستخدم انتهى منذ سنوات خاصة أن المواطن استهلك هذه القطع منذ وقت لذا يجد نفسه مضطراً إلى شراء القطع الجديدة ولو كانت بأغلى الأثمان، مضيفاً: نحاول أن نجمع من الأسواق القطع اللازمة للزبائن ولو كلفتنا الكثير حتى نرضى زبائننا.
وفي ختام حديثه طالب وزارة الاقتصاد بضرورة وضع لجنة مراقبة على تجارة الأنفاق خاصة أنها تستغل التجار وتستنفذ أموالهم وكذلك وضع سعر محدد لهذه القطع ليستفيد منها التاجر والمستهلك.