مقال: دحلان المفاوض القادم على الطريقة الأمريكية الإسرائيلية

مصطفى الصواف   

كلاهما عضوان في المجلس المركزي لحركة فتح، صائب عريقات كبير المفاوضين، ومحمد دحلان مسئول الإعلام ، قياديان يرأسهما محمود عباس، صائب عريقات صاحب كتاب الحياة تفاوض،  ويؤكد أن المفاوضات بعد ثمانية عشر عاما فشلت في تحقيق حل الدولتين وإن إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67 بات غير ممكن، من قبله قالها محمود عباس ولكن الرجل فيه كِبر، ويأبى أن يعلنها صراحة حتى لا يوصم هو وسياسته بالفشل، فلجأ إلى حيلة أخرى ليرمي فشل مشروعه السياسي إلى الموقف الأمريكي والتعنت الإسرائيلية؛ وكأنه شيء جديد، وهو أمر لا يعرفه إلا جاهل، ومتدرب فاشل في عالم السياسة.

الفشل الذي تحدث عنه عريقات قاله عباس، فهو ليس جديد، ومن قبلهم نادت كثير من الأصوات وكتبت كثير من الأقلام أن هذه السياسة، أي سياسة التفاوض خيارا وحيدا لحل الصراع، سياسة فاشلة ولن تحقق شيء، وبالدليل العملي ثبت ذلك على مدى سنوات التفاوض وفي نهاية المطاف جاءت النتيجة معلنه على لسان قادة التفاوض.

الغريب رغم هذا الإقرار من قبل عباس وعريقات، ما سمعته وشاهدته على قناة روسيا اليوم الفضائية يوم الجمعة الماضي من محمد دحلان مفوض الإعلام في حركة فتح، والذي قال أن ما تحدث به عريقات ليس دقيقا وغير صحيح، وهو أن سياسة المفاوضات قد فشلت، مؤكدا أنها لم تفشل وهي قادرة على الوصول إلى تحقيق اتفاق سلام .

الكلام الذي تحدث به دحلان هو عبارة عن رسالة واضحة المعالم يقول فيها أن من فشل هو عباس وعريقات؛ وليس التفاوض، وهذه الرسالة موجهة إلى الباحثين عن البديل بعد عباس ، كأن لسان حال دحلان يقول انه هو البديل؛ حتى لو قال انه لا يفكر في هذا الأمر، والأمر متروك لحركة فتح تختار من تريد، ولكنه بطرف خفي يغمز ويلمز ويقول بكل صراحة أن المفاوضات قادرة على تحقيق اتفاق سلام ،وهي لم تفشل،  والذي فشل من كان يقود المفاوضات، الحصان وليس الطريق، وانا حصان الرهان القادم.

من هذا الحديث نخرج أن هناك تناقض كبير بين قيادة فتح في النظر للأمر، وهناك أيضا صراعا غير معلن وإن كان قديما بين دحلان وعباس، يظهر على السطح، وهو صراع قيادة، على حركة فتح، والجمهور المتفرج ليس حركة فتح ولكن هما أمريكا والغرب وإسرائيل والاعتدال العربي الذي يرى أن عباس أنهى المرحلة التي رسمت له، تماما مثل المرحلة التي رسمت لأوسلو وقادها ياسر عرفات وأدرك في نهايتها أنها كانت فخ رفض الدخول فيه فقتل و قبل القتل حوصر في المقاطعة حتى يسهل قتله، وها نحن اليوم وبعد خمسة سنوات لم تصل اللجان إلى نتيجة، ولن تصل، وفي نهاية المطاف سيعلن أن طريقة موته معروفة؛ ولكن القاتل بالتأكيد سيكون إسرائيل، ولكن كيف ليس مهما، وسيعلن النتيجة الراحل عباس، وليس القادم دحلان.

وهنا أريد أن اذكر القادم الذي يرى أن الفاشل من قاد المفاوضات؛ وليس المفاوضات، بالتقرير الصادر عن معهد (فن لير) حول إسرائيل على مشارف القرن الواحد والعشرين والذي ذكر مجموعة من المرتكزات الإستراتيجية لإسرائيل على هذا المفاوض القادم أخذها بعين الاعتبار سأتطرق إلى جزء منها، وهو أن هدف إسرائيل من السلام وترسيم الحدود هو ضم ما تستطيعه من المناطق التي احتلتها عام 67 والتي تحقق متطلبات أمنها من وجهة النظر الجيواستراتيجية، ويكفل لها الحصول على المياه وفرض شرعيتها على الأرض مع إخلائها من السكان العرب والحفاظ على الهوية اليهودية، تماما كما يفعل الآن نتنياهو.

وهناك أيضا هدف سياسي سأسوقه هنا باختصار شديد هو ضرورة بقاء الدولة العبرية في حدود آمنة معترف بها مع تفوق حضاري وعلاقات عميقة مع العرب ودول الجوار بما يؤمن سيادة على المنطقة سياسيا واقتصاديا ويمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة وفاعلة ومجاورة لإسرائيل ويضع الكيان الفلسطيني في مناطق الحكم الذاتي وتحت الهيمنة الإسرائيلية المباشرة عسكريا وغير المباشرة سياسيا واقتصاديا، هذا الموقف الإسرائيلي الآن المدعوم من الإدارة الأمريكية بقيادة اوباما، وهي الخطوط العامة لخطة الرئيس الأمريكي لتصفية القضية الفلسطينية.

هذا ما سيفوض عليه المفاوض الفلسطيني القادم الذي يرى أن المفاوضات لم تفشل وان ما قاله عريقات من فشل ثمانية عشر عاما من المفاوضات هو كلام غير دقيق وغير صحيح، وهذا ما تسعى إليه الإدارة الأمريكية اليوم بقيادة اوباما والتي قالت لمحمود عباس اذهب غير مأسوف عليك ولدينا الجديد الذي نعتمد عليه للمرحلة القادمة وهو جاهز للتفاوض على الطريقة الأمريكية الإسرائيلية.

 

 

 

البث المباشر