قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: صديق "القبضة "

صارت قضية غلاء المعيشة باب  نقاشٍ هامٍ في الشارع الفلسطيني, خصوصاً أن الراتب بات لا يكفي صاحب العدد الكبير من الأبناء , لذلك تخصص الأيام الأخيرة قبل الراتب للخوض في غمار الراتب .. متى موعده؟ يجيب البعض..." قل عسى أن يكون قريبا", آخر يتساءل كم مقداره؟ ..." دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين " وثالث يتساءل ما مصير الخصومات والزيادات ..."وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا " !!

لي صديق عزيز يعمل معي في نفس المؤسسة , هذا الصديق آراه يومياً يشير إلى بعينيه كتحية صباحية مفادها " هاي ؟, كيفك؟!, ايش لونك؟!! , شو عامل ؟؟!  " قرأتها من إشارات عينيه !!.

هذا الصديق هو صديق القبضة ... لا يحدثني علي الايميل إلا مرة أو مرتين طوال الشهر, هاتان المرتان في الأيام القلائل التي تسبق "الراتب" تدور المحادثة بشكل مختصر للغاية , قد يبدأها بالسلام أو بعلامة استفهام ؟ , مباشرة أفهم ما الذي يريد ؟ فأقول له: اليوم الراتب, أو لا يوجد راتب فيجبيني باختصار شكرا ! أو حبيبي ! أو بتعبير صغير للوجه "سمايل" يصف حالته النفسية بعد الإجابة, ثم نفترق إلى أن نلتقي آواخر الشهر القادم بنفس مضمون السؤال السابق وهو متى الراتب؟

صديق آخر لي لا يتصل علي جوالي الخاص إلا مرة أو اثنتين في الشهر, أيضا قبل الراتب,  يسألني لماذا ؟ وكيف ؟ ومتى؟ وهل صحيح؟ من ؟ ويتحدث معي حوالي 3 دقائق يصف فيهن حالته النفسية والشعورية إن كان هناك خصومات فقط, ويصب حمم غضبه, وينفِّس براكين نقمه علي أنا !! العبد المسكين, وإن قلت له الراتب اليوم! أو هناك زيادات! يجيبني فقط : حبيبي يعطيك العافية ؟! ولا يتصل إلا أواخر الشهر القادم ليسألني " إيش أخبار القبضة ؟ في علوم ؟" شككت في الأمر حتى دفعني الفضول ووددت حقيقة أن أعرف ما اسمي علي جوال صديقي هذا ؟ هل هو "البنك؟ المحاسب؟ المستشار الاقتصادي والمالي؟ أم المرشد المالي ؟ وشككت أكثر أن يكون إسمي "قبضة " علي جواله !!! حاولت أن اتصل عليه عدة مرات وهو بجانبي لأرى اسمي على جواله؟ وفشلت للأسف؟!

في حقيقة الأمر أنا موظف مثلي مثلهم, لا أملك أي صلاحيات مالية, ولا اعمل في الفرع المالي لمؤسستي, بل اعمل في قسم آخر لا يتعلق بالمال بتاتاً !!!

كثير من الناس اليوم أثقل كاهله بديون كمالية, كموبايل حديث, أو سيارة حديثة , أو تلفزيون حديث, حتى أصبح جلَّ راتبه يذهب للبنك أو للدائنين الذين أعطوه حرجا وخوفا!! ثم يجلس من منتصف الشهر خاوي الوفاض!؟ ويقضى النصف الآخر يتحدث عن مساوئ الدين؟ وفتنة المال؟ وروعة المكافئات والزيادات؟!! ويبقى صديق القبضة صديقي !!!

 

البث المباشر