دير البلح-محمد بلّور
ترقد آنية وأدوات فخارية تعود للعهد البيزنطي في حجرات زجاجية بمتحف دير البلح , الراحات والعيون الزائرة خاصمت المكان فقلما يأتي مهتم أو طالب علم للحصول على معلومة ثم ما يلبث أن يغادر .
مروان المصري فني الترميم الوحيد في متحف يختبر ساقيه بين حين وآخر من كثرة الجلوس على مقعده الخشبي , الهدوء ممل والمتحف عادة شبه فارغ .
المتحف الوحيد
لم أكن أعلم أنه المتحف الوحيد في قطاع غزة كما يقول مروان فقد توقعت أن يصاحب هذا الانفراد حركة ولو نصف نشطة لكن رياح التاريخ لا يشتهيها الناس هنا في قطاع غزة .
وقال مروان للرسالة:"تأسس عام 1993 والآثار الموجودة هنا تعود للعهد البيزنطي والروماني وقد جلبت الآثار من شاطئ دير البلح من منطقة تل الهرشة أو تل رقيش وتبلغ مساحتها 14.5 دونم وقد ظهر على أطرافها سور طيني" .
وقامت قوات الاحتلال قبل انسحابها من غزة عام 1993 باستخدام مجسات لاستكشاف المنطقة وتبين أن أسفل السور مدينة أثرية بها قبور تعود لعام 5-6 ق.م .
ويتضمن متحف دير البلح قطع أثرية من "تل أم عامر" غرب النصيرات و"تل العجول" جنوب المغراقة وبعض معالم أثرية منها منطقة "البلاخية" .
وبإمكان زوار المتحف مشاهدة قطع فخارية مختلفة ونماذج لقبور وفسيفساء وأدوات أخرى استخدمت في العهد البيزنطي والروماني وعملات من حقبة زمنية قديمة إسلامية وغيرها .
زوار المتحف
تدور نقاشات كثيرة بين فني الترميم وزميله ياسر الرقب فهما فقط من يمكث في المتحف معظم ساعات الدوام من 8-3 مساء وقد ألفا وحفظا كافة القطع الأثرية في متحف دير البلح الصغير .
وأضاف مروان:"قل عدد الزوار كثيرا مؤخرا فقد كنا في السابق نستقبل رحلات مدرسية ومخيمات صيفية والآن لا يأتي سوى عدد قليل من الزوار وطلاب قسم التاريخ والآثار بالجامعة الإسلامية" .
ويعود ضعف الزيارات إلى عدة أسباب أهمها عدم معرفة المتحف وقلة إمكاناته التي هي بحاجة لتطوير وتعزيز بقطع أثرية إسلامية موجودة في مناطق أخرى ليصبح قبلة للزوار .
وأشار مروان أن العمل يجري لتجهيز افتتاح في معرض كبير سيضم موجودات متحف دير البلح لتعرض برفقة قطع أخرى موجودة في متحف قصر الباشا بغزة .
وكانت قوات الاحتلال استهدفت في الحرب على غزة عددا من المواقع الأثرية ما ألحق أضرارا كبيرة فيها جراء القذائف الصاروخية المنهمرة من كل حدب وصوب .
آثار مسافرة
وتعد منطقة "تل أم عامر" منطقة أثرية هامة اكتشفت فيها البعثات الفرنسية التي زارت غزة عدة مرات آثارا هامة قامت باصطحابها معها لمعارض دولية ولم تعدها إلى غزة.
وأضاف المصري:"لا تصل حسب معرفتي منذ عدة أعوام أي طواقم تنقيب ولم يصل متحفنا شيء فقد كانت القطع في العهد السابق تخرج بعلم بعض قيادات السلطة ولا تعود إلى غزة ! "
ويردد الناس في دير البلح أن وزير الجيش الصهيوني السابق "موسى ديان" قام بالتنقيب عن بعض الآثار خلال وجوده في دير البلح وأخذها إلى داخل فلسطين المحتلة وأن تلك القطع كانت نادرة وهامة في حين لم يبق لدى الفلسطينيين سوى قطع فخارية لا تضاهيها قيمة .
أما الموظف في المتحف ياسر الرقب فيطيل مراقبة الآنية الفخارية والعملات المعدنية من خلف الزجاج فيضيف:"لدينا هنا نماذج لمسارج وقطع فخار وقلائد بيزنطية وجرار وأجزاء من أعمدة رخام وما كان يعرف بأواني الزيت المقدس وعملات بيزنطية وإسلامية ورمانية" .
ويحفظ الرقب كثيرا من تفاصيل المتحف الصغير الذي لا تتجاوز مساحته 100 متر حيث أشار أن المتحف يتضمن آثارا من عهد الملك هيلاريون والقديس بروفوريوس" .
ويأسف الرقب في حديثه للرسالة على ضياع وتدمير آثار كان من المقرر أن تصل لمحطتها الأولى في متحف دير البلح قبل أن تجرّف قوات الاحتلال أراض أثرية على شاطئ دير البلح وتسرق توابيت وفسيفساء .
من الأحد إلى الخميس تعد ساعات اليوم مستنسخة فخصومة الزوار للمتحف كانت ومازالت بشكل غير متعمد فيضيف ياسر:"العمل أصبح روتين وهناك للمتحف احتياجات ولابد من إعلان وإعلام ولابد من ربطه بالفترة الإسلامية وتعزيزه بالآثار".
واهتزت نوافذ متحف دير البلح في الحرب الأخيرة على غزة حين سقطت بعض الصواريخ على المقرات الأمنية حيث يقبع المتحف في مكان تابع لبلدية دير البلح ويحتاج إلى خطة إعلان طارئة .