الرسالة نت – محمد جاسر
مع دخول فصل الصيف في قطاع غزة لهذا العام، حيث الحرارة المرتفعة والشمس الحارقة، يشرع المواطنون باللهث وراء "قطرة ماء" تروي ظمأهم وتقييهم جفاف يوم ساخن، وتبدأ الحاجة تزداد يوما بعد آخر، لتحصيل كميات محدودة من المياه علها تشفي غليلهم، في ظل ما تعانيه غزة من انقطاع متواصل للمياه لأعطال فنية آحيانا وأحيانا أخرى لأسباب غير معلنة.
المواطنون الفلسطينيون أخذوا يشكون في أحاديث منفصلة لـ " الرسالة نت" معاناتهم من أزمة المياه، خاصة شح المياه العذبة مع بداية كل صيف.
يقول المواطن "ناصر دحلان" من سكان مخيم الشاطئ: "إن أزمة المياه في فصل الصيف قديمة جديدة، حيث يكثُر فيه استخدام المياه لتفادي الشعور بالعطش"، مضيفاً "نواظب على شراء المياه المعدنية من سيارات توزيع المياه المنتشرة في قطاع غزة، نتيجة لاستمرار انقطاع المياه عن منازلنا".
ويتابع دحلان: "مياه البلدية يستمر انقطاعها مدة تصل أحياناً إلى 3 أيام متوالية، بالإضافة إلى شراء خزان إضافي لتعبئته في وقت الأزمات"، علماً أن دحلان يسكن في بيت مؤلف من 3 طوابق ويسكنه ستة عائلات.
وأردف قائلاً: " لقد فكرنا كثيراً بعمل بئر مياه خاص بمنزل العائلة، لكنه ليس ذلك حلاً جذرياً "، منوهاً إلى ما تحذر منه سلطة المياه والبلدية من عدم حفر أبار عشوائية قد تؤثر على المياه الجوفية للقطاع.
وحال المواطن "أحمد معمر" من سكان معسكر خان يونس للاجئين جنوب غزة، لا يختلف كثيراً عن سابقه دحلان، فقد قال في حديثه لـ " الرسالة نت" أنه اضطر إلى ملء خزانات المياه على سطح منزله بمياه عذبة، جراء انقطاع المياه المتواصل على مدار أربع وعشرين ساعة، حسب تعبيره.
وأضاف "في كل عام نعاني من مشكلة المياه التي تنقطع لساعات طويلة ، مما يحدث أزمة صحية وإنسانية ونفسية لأبنائنا".
وحذر المواطن معمر من أن المياه التي تصله أيضاً "غير صالحة وملوثة ومالحة بشكل كبير"، لافتاً إلى أنه عادةً ما يلجأ إلى شراء المياه العذبة اللازمة للشرب والطبخ، مستعرضاً الظروف الاقتصادية السيئة التي يمر بها هو وعائلته.
أزمة حادة
وتزدهر في قطاع غزة، مهنة توزيع المياه العذبة بواسطة سيارات بيع وتوزيع، فقد قال خالد موسى صاحب سيارة توزيع المياه لـ " الرسالة نت" إن هناك طلبا كبيرا على المياه العذبة في ظل انقطاع مياه البلدية عن المناطق المزدحمة بالسكان".
وحدد أكثر المناطق التي يوزع عليها المياه المعدنية، ويتقدمها -حسب قوله- منطقتي الشيخ رضوان ومخيم الشاطئ؛ بسبب ملوحة المياه التي لا تصلح للاستخدام البشري إطلاقاً. حسب وصفه.
من جهته، وصف رئيس سلطة مصلحة المياه الساحلية في قطاع غزة المهندس "منذر شبلاق" في حديثه لـ " الرسالة نت" الأوضاع المائية في قطاع غزة بـ"الكارثية"، حيث تتعرض الأحواض المائية الجوفية إلى دمار تدريجي من اتساع مناطق الملوحة العالية، نتيجة السرقة المتعمدة من المواطنين لتلك الأحواض وبالإضافة إلى التعدي الواضح على شبكات المياه، حسب قوله.
وأكد شبلاق أن سكان القطاع لا يحصلون على سوى 15% فقط من المياه المتجددة المقدّرة بنحو 600 مليون متر مكعب سنوياً.
وقال "إن قطاع غزة يعاني أزمة مياه حادة، لا تكفي لسد حاجات السكان"، مستدركاً "لكن إذا ما أردنا إدارة وتنظيم توزيعها على النحو الصحيح والعادل فإننا سنتجاوز أبعاد الأزمة إلى حد ما، وبأقل درجات المعاناة والآثار السلبية على حياة شعبنا".
ويضيف رئيس سلطة مصلحة المياه الساحلية "أن هناك عقبات كثيرة لوصول المياه إلى المستهلكين في القطاع ، أبرزها الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي منذ عام 2006م، عندما قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي محطة توليد الكهرباء".
ويحذر مختصون ومراقبون من أن الأراضي الفلسطينية ستشهد صيف هذا العام أزمة خانقة في المياه، بسبب سيطرة "الكيان الصهيوني" على المخزون الجوفي للمياه وسرقتها للمياه القادمة إلى قطاع غزة عبر مصائد خاصة.