غزة - رامي خريس
موقف رئيس السلطة محمود عباس ازاء المصالحة ومحاولة تنصله منها لم يكن مفاجئاً للكثيرين كما لم يكن مفاجئاً كذلك اقدام السلطات المصرية على تعقيد اجراءات المرور عبر معبر رفح مرة أخرى بعد اعلانها عن اجراء تسهيلات عليه.
تراجع عباس توقعه عدد كبير من السياسيين والمراقبين ، كما توقعوا عودة المصريين عن وعودهم فيما يخص معبر رفح، فالطرفان يتعرضان لضغوط كبيرة فيما يخص علاقتهما بحماس أو بقطاع غزة .
احداث
عباس وقع اتفاق المصالحة مع حماس ، وكان مدركاً أنها غالباً لن توافق على فياض رئيساً لحكومة التوافق ولكنه كما يذهب بعض المراقبين يسعى لأن يمنحه اتفاق المصالحة "شرعية" يذهب لها لما يقول أنه استحقاق لدولة أيلول الموعودة.
ويبدو أن مسألة الخلاف على سلام فياض هي "قمة جبل الخلاف"، حسب وصف بعض الكتاب إلا أن جوهر الخلاف يدور حول الالتزام بمسار أوسلو وشروط اللجنة الرباعية. فالمصالحة لم تستند إلى أساس صلب من الاتفاق السياسي، ، وهي أشبه بالتعايش مع الانقسام والبرامج المختلفة كما يدل عدم الاتفاق على البرنامج السياسي، والاتفاق على تأجيل الملف الأمني إلى ما بعد الانتخابات القادمة.
وإذا جرى البحث عن خلفيات تصريحات عباس الأخيرة حول تشكيل الحكومة وسلام فياض فإن هناك أحداث سبقتها من بينها قدوم ديفيد هيل ودينس روس المبعوثين عن الرئيس الأميركي اللذين أكدا على رفض اتفاق المصالحة والتوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة، ووسط تسريب معلومات عن تقديم ضمانات أمريكية للفلسطينيين لتشجيعهم على استئناف المفاوضات، بينما أعاد عباس تأكيده على تأييده لاستئناف المفاوضات على أساس المبادرة الفرنسية ومبادئ أوباما.
ويبدو أن لتهديد وزير المالية الإسرائيلي بأن (إسرائيل) ستمتنع عن تحويل العائدات الفلسطينية كان له تأثيره لاسيما بعد قوله بأنه سيوصي حكومته بالامتناع كليا عن تحويلها بعد ذلك، الأمر الذي جعل المتحدث باسم حكومة عباس يقول: "إن تنفيذ هذا التهديد سيمنع تسديد الحكومة للرواتب؛ لأن ثلثي موازنة الرواتب تعتمد على هذه العائدات".
هذه الأحداث سبقت تصريحات عباس وأكدت أنه لا يزال لديه أمل في المفاوضات كما انه يخشى عقوبات حكومة الاحتلال ، وهو على ما يبدو الذي دفعه إلى بيع المصالحة بثمن زهيد على أول مفترق طرق.
قطارة
وتتشابه قصة معبر رفح مع قصة عباس ، فالسلطات المصرية تعرضت على ما يبدو لضغوط كبيرة دفعتها للتراجع عن التسهيلات التي أعلنت عنها ومواصلة سياسة العبور بالقطارة ، بل إن السلطة المصرية تحاول اقناع الرأي العام المصري بأن المعبر يعمل بشكل طبيعي وان من تمنعهم من الفلسطينيين من العبور هم أشخاص يضرون بمصلحة أمن مصر القومي.
وهكذا تستمر معاناة الفلسطينيين من رهن عباس المصالحة لمصلحة المفاوضات التي مر عليها زمن طويل بدون أن تؤتي أية ثمار ، وتستمر كذلك مأساة الغزيين بسبب استمرار الحصار وعدم فتح معبر رفح بالشكل الذي كانوا يأملون أن يتحقق.