غزة -فايز أيوب الشيخ –الرسالة نت
ليس من قبيل الصدفة أن تأتي الحملة التي يشنها رئيس السلطة المنتهية ولايته محمود عباس ومن يلف لفه من قيادات السلطة وحركة فتح باتهام حركة حماس بإجراء "مفاوضات سرية مع اسرائيل"، فقد أجمع نواب وساسة من قادة الفصائل لـ"الرسالة نت" أن الهدف هو "تحميل حماس وزر مفاوضات فاشلة خاضتها السلطة طوال عشرين عاماً ".
وكان عباس قد قال في مقابلة مع قناة بي بي سي البريطانية "إن حركة حماس تجري مفاوضات غير معلنة مع إسرائيل وبتدخل من وسطاء أوروبيين بهدف إقامة دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة"، وهذا ما نفته حركة حماس على لسان المتحدث الرسمي باسمها فوزي برهوم الذي أكد لـ"الرسالة نت"، "أن عباس يعاني حالة إفلاس سياسي وشرعي وقانوني ودستوري، ويسقط كل حالات إفلاسه على حركة حماس في الوقت الذي يتباكي على علاقته مع العدو الصهيوني ".
وأضاف برهوم :"نحن في حماس منذ البداية قلنا أن أي رهان على التفاوض مع العدو لاسترداد الحقوق رهان فاشل، وتجربة عباس على مدار عقدين من الزمان أكدت ما نقوله، والأولى بعباس أن يبدأ مرحلة جديدة من التصالح مع شعبه بدلاً من شن هجومه على حركة حماس ".
منافسة على التفاوض
من جهته قال النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الدكتور حسن خريشة: هذا جزء من إسقاطات نفسية على الآخرين، معرباً عن اعتقاده بأنه لا توجد مفاوضات سرية أو غير سرية تجريها حماس مع الصهاينة.
وأضاف: أصبحت الأمور واضحة للجميع بأن محمود عباس يجري مفاوضات مع الاحتلال منذ العام 1972، مروراً بمدريد وأوسلو وواي ريفر"، مؤكداً أن هذه المفاوضات لم تسفر عن شئ، وبالتالي هناك محاولة من قبل السلطة لإلقاء الكرة في ملعب طرف آخر في الساحة الفلسطينية وتصويره على أنه يفاوض الاحتلال وينافسها على هذا التفاوض .
وأشار خريشة إلى أن هناك تصريحات لعدد من قادة فتح والسلطة على رأسهم محمود عباس وصائب عريقات ، أكدوا خلالها أن المفاوضات التي جرت مع الاحتلال على مدار 18عاماً لم تحقق شيئاً للفلسطينيين، ما يؤكد أن هناك أفقا سياسيا مغلقا يُراد منه تعميم حالة التفريط في القضية الفلسطينية من خلال مفاوضات تجري هنا أو هناك.
واعتبر خريشة أن اتهام السلطة لحماس يحمل مبررين هما "العودة إلى المفاوضات مرة أخرى بالشكل القديم نتيجة الضغوط العربية والأمريكية وغيرها، وإما محاولة إسقاط هذا الفشل على أطراف أخرى وخلق حالة من التنافس على منطق من سيرضي الإسرائيليين أكثر..!!".
ونوه خريشة إلى ذات الذريعة التي استخدمت في "اتفاقية أوسلو" لاستنساخ تجربة جديدة لصرف الأنظار عما يجري حقيقة في عملية التفاوض التي اعترفت السلطة بفشلها، مستطرداً:" ولكن يبدو أن هناك ضغوطا تمارس على السلطة من أجل استمرارها".
ليست شريكاً سياسياً
أما القيادي بحركة الجهاد الإسلامي خالد البطش فقال:"لم نعهد على حركة حماس أنها أجرت مفاوضات مع الاحتلال أو أنها تفكر في هذا الأمر، ولا نتصور مطلقاً أن تقوم حماس بفتح حوارات مع الاحتلال، فهذا ليس في وارد قناعات حماس مطلقاً"، حسب رأيه.
وأضاف:"نحن في الجهاد الإسلامي على ثقة بأن حركة حماس متمسكة بثوابتها وبثوابت الشعب الفلسطيني، وأنها لن تكون شريكاًَ سياسياًَ في أي عملية تفاوضية مع الاحتلال"، مشدداً بقوله "هذه قناعاتنا في حركة الجهاد الإسلامي وغير قابلة للشك وليست محل نقاش وبحث عندنا".
ولكن البطش علل اتهامات السلطة أنها نابعة من الانقسام الداخلي، مؤكداً أن هذه الاتهامات وغيرها لا تخدم القضية الفلسطينية ولن تؤدي إلى تحسين الأجواء للمصالحة، وقال:"على حماس والسلطة أن يضعوا هذا الخلاف وراء ظهورهم وأن يقوموا بتهيئة الأجواء من خلال إطلاق حملة إعلامية تتيح التوقيع على اتفاق المصالحة لأن الانقسام أصبح يشكل خطراً على مستقبل القضية الفلسطينية والمستفيد الوحيد هو العدو الصهيوني" .
تشوية المقاومة
من ناحيته اعتبر خالد أبو هلال الأمين العام لحركة الأحرار، أن محمود عباس وبعد فشل مشروعه السياسي يحاول أن يُلقي سقوطه السياسي على الآخرين، وقال:"إن هذا الأمر يأتي من عباس من باب المزاودة والإساءة لأنه غارق في الوحل الصهيوني، وما اتهاماته لحركة حماس إلا محاولة للنيل منها كحركة مقاومة واضحة الرؤى وثابتة المواقف"، مضيفا:"تصريحات عباس المشبوهة يراد منها التشويه والإساءة للمقاومة الفلسطينية وما تمثله حماس من كونها طليعة هذه المقاومة على الساحة الفلسطينية".
صفقة التبادل
ومن جهة أخرى، رفض قادة الفصائل في حديثهم لـ"الرسالة نت"ربط "المفاوضات العبثية" بالوساطة التي تجريها مصر وألمانيا بين حماس و"إسرائيل" لإطلاق سراح الأسرى، فقد أكد د. خريشة أن شكل المفاوضات التي تجريها حماس بشأن الإفراج عن أسرى فلسطينيين مقابل الإفراج عن الأسير الصهيوني "جلعاد شاليط" ليس مرتبطاً بأي تفاوض سياسي مع الإسرائيليين.
وأشار إلى أن تلك مفاوضات منفصلة مرتبطة بشروط المقاومة الفلسطينية، حيث استطاع الوسيط الألماني الخبير في صفقات سابقة أجراها ما بين الاحتلال وحزب الله والجبهة الشعبية- القيادة العامة أن يفرضها لإتمام صفقة التبادل، مما سيُجبر الصهاينة على الرضوخ للشروط التي وضعتها المقاومة الفلسطينية حسب اعتقاده.
أما البطش فقال :"هذه قضية وطنية وواجبة على الجميع و ليست مفاوضات سياسية بل هو جهد تبذله حركة حماس من أجل تأمين الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين "، لافتاً أن ما يميز هذه المفاوضات أن هناك راعيا مصريا وآخر ألمانيا يقومان بالوساطة بين العدو الصهيوني وحركة حماس "، مضيفاً:"هذا أمر خارج إطار الشك والريبة ولا أحد يدين حماس في سعيها لإنجاز صفقة مشرفة يتحرر فيها أسرانا الأبطال".
في حين اعتبر أبو هلال، أنه ليس سراً بأن هناك مفاوضات غير مباشرة تجري عبر وسيط ألماني ومصري تقوم بها حركة حماس من أجل إنجاز صفقة التبادل مقابل الإفراج عن شاليط، معتبراً أن ذلك ليس إلا شكلاً من أشكال المفاوضات السياسية العبثية التي يخوضها محمود عباس مع الاحتلال .
وتبقى حملة التشوية والإساءة من قبل السلطة وفتح لحركة حماس من أجل صرف الأنظار عما اقترفته السلطة وحركة فتح من خطايا بحق الشعب وتفريط بالقضية الفلسطينية على مدار عشرين عاماً.