قائد الطوفان قائد الطوفان

أطفال أبو محمد يحلمون بمن يرعاهم.. ليس أكثر

الرسالة نت – امل حبيب

في أحد أزقة مخيم الشاطئ -حيث اللجوء ورائحة الغربة- تقبع قصة جديدة للألم في منزل عائلة أبو محمد.. صرخات ممزوجة ببعض الضحكات وأصوات أنين تعلو أكثر كلما اقتربت من أحمد وإبراهيم ومها.. أطفال أبي محمد الثلاثة المصابون بشلل دماغي كامل. منزلهم يروي تفاصيل حكاية المعاناة؛ فأبوابه مصنوعة من بعض القماش البالي، وكذلك الشبابيك.

أما أرضية بيت أبو محمد فلا يوجد عليها قطعة واحدة مستوية لأنها من (الباطون)، وجدران المنزل تبرز كل حجر على حدة لأنها (غير مقصورة) أما اللون السائد في المكان فهو الرمادي المائل للسواد.

المطبخ يشكل قصة معاناة لوحده؛ فغاز الطهي يتقوقع في إحدى زوايا المطبخ على الأرض، وحوض غسيل الأطباق مثبت بعصيّ خشبية وكذلك حال الرف الواحد إضافة إلى أن أواني الطهي معدودة.

"ما حدا كفلهم"..

وتعتبر حالة أحمد 10 سنوات الأصعب بين إخوته من ذوي الإعاقة, فلقد اعتادت أم محمد أن تبعده عن إبراهيم ومها لأنه يقوم بعضّهما إن اقترب منهم إضافة إلى أن الأم تتفاجأ به دوما حين تراه يأكل الأوراق أو نسل المخدة, ولا تقف حالته عند هذا الحد فإصابته بنوبات صرع وصراخ مستمر تشكل همّا آخرا لأبويه.

أما الطفلة مها 3 سنوات فإن إعاقتها تعتبر أهون من أخويها لأنها توزع بعض الضحكات على والديها لتخفف عنهم أوجاعهم، ثم تقلب قليلا على بطنها وكأنها تطمئنهم عن صحتها.

"اتجهنا للعديد من المؤسسات الخيرية بس ما حدا كفلهم".. هي كلمات نطق بها وجع أم محمد التي تعاني الأمرين, فأطفالها بحاجة إلى حليب ووجبات غذائية مهروسة (فواكه وخضار) وحفاظات خاصة لا تستطيع توفيرها لهم دوما, وإن استطاعت فيكون بصعوبة بالغة.

أبو محمد هو الآخر يقف عاجزا أمام طفولة أبنائه المسلوبة ولسانه يلهج دائما بحمد الله على كل حال.. يقول: "كنت أعمل صيادا ولكن حاليا أجلس في البيت (...) ما في شغل وأنا نظري على قدي", وتابع بحسرة: "احنا السليمين بنصبر حالنا بخبزة حاف, بس الثلاثة المعوّقين وضعهم صعب وأكلهم خاص".

ويذكر أن لأبي محمد طفلان سليمان وثلاثة ذوو إعاقة.

لم تطلب الكثير

أم محمد تتمنى أن يصبح لأبنائها فراش نظيف، "وخصوصا أحمد الذي يحتاج إلى فرشة طبية نظرا لتقوس ظهره وتحجر المنطقة العليا فيه", وتقول: "بحلم انهم يناموا على فرشة نظيفة (...) أحمد محتاج لفرشة طبية وكرسي متحرك".

لم تطلب الكثير ولم تتمنى أن تحسن وضع بيتها وأن تركب له شبابيك أو أبوابا أو أن يصبح لون جدرانه زاهيا بالأبيض, ولكن الأم بطبيعة الحال ينفطر قلبها إذا شعرت أنها عاجزة أمام جوع أطفالها المرضى فتتمنى لو يساعدها أحدهم.

ووجهت أم محمد رسالة إلى كل صاحب ضمير حي مفادها: "بتمنى من أهل الخير انهم يرأفوا بحالة أبنائي الثلاثة ويساعدوني بشراء الحفاظات والحليب الخاص فيهم".

وقبل مغادرة "ألم وأمل" المكان لاحظت وجود صورة فوتوغرافية لكل أفراد أسرة أبو محمد معلقة على الحائط كان الأب يحتضن فيها طفليه المعوقين أحمد وإبراهيم, وأما الأم فتحتضن مها البنت الوحيدة للعائلة والتي تمنت دوما أن تسمعها كلمة ماما ولكن دون فائدة.

ومن حديث الأم عن الصورة تبين أنها التقطت لتبقى ذكرى خوفا من فقدان أحدهم وخصوصا أن مها كانت قد تعرضت لوعكة صحية واحتمل الأطباء فراقها للحياة.. فاحتضن الوالدان أبنائهما والتقطوا صورة جماعية.

 

البث المباشر