بخسارتها في انتخابات غرفة تجارة نابلس

حركة فتح تلفظ أنفاسها الأخيرة بالضفة

الرسالة نت - أحمد الكومي

لو تصورنا حال أسرة فقد الزوج فيها ثقته بزوجته، والزوجة بزوجها، والأبناء كذلك، كيف تكون حياة هذه الاسرة؟ بلا شك.. نزاع دائم، سوء ظن متبادل، شجار مستمر، وانتظار للزمن ليتم الخراب في النهاية.

والحال كثيراً ما ينطبق على حركة فتح التي بدأت تلفظ أنفاسها الأخيرة، والشاهد على ذلك الصراع الأخير بين عباس وزمرته، ودحلان وأنصاره بعد فصل الأخير من عضوية اللجنة المركزية لفتح، هذا جانب.

والجانب الأخر -المؤشر الأقوى على قرب النهاية- هو الهزيمة المدوية التي مُنيت بها فتح في انتخابات غرفة تجارة وصناعة نابلس، التي سارعت إلى التبرؤ منها، ونفي أي صلة بها.

وكانت قائمة "نابلس للجميع" التي دعمتها فتح فشلت في الحصول على أكثر من 4 مقاعد في انتخابات غرفة تجارة نابلس التي جرت أمس السبت، فيما حصدت القائمة المنافسة "القائمة المستقلة" 7 مقاعد، بالإضافة إلى فوز مرشح مستقل، ما اعتبره مراقبون صفعة قوية لفتح، وتعبيرًا عن تراجع شعبية الحركة، وعن استياء شعبي واسع من نهجها.

مراقبون اعتبروا أن نتائج الانتخابات ستزيد من حدة الخلافات بين أقطاب حركة فتح في نابلس؛ حيث سيحاول كل طرف داخل الحركة تحميل باقي الأطراف مسؤولية خسارة الانتخابات، كما أن النتائج ستدفع حركة فتح للتفكير مليًّا قبل إجراء الانتخابات المحلية التي يتوقع أن تجريها السلطة بالضفة في شهر تشرين أول المقبل.

مؤشر خطير

زياد أبو عين عضو المجلس الثوري لحركة فتح، ادعى بأن الأطراف المشاركة في الانتخابات، ليست ذات تكتل تنظيمي، وكلها تقع في إطار القطاع التجاري، وبعيدة كل البعد عن التنظيم السياسي.

وأكدت مصادر مطّلعة داخل فتح، بأن الأخيرة دعمت وبشكل كبير قائمة "نابلس للجميع" وقد أشرف على إدارة الحملة الانتخابية لهذه القائمة قيادات كبيرة في حركة فتح، وفي مقدمتهم أمين سر الحركة في نابلس محمود اشتية، كما لوحظ مشاركة عناصر وضباط الأجهزة الأمنية في إحضار التجار من أماكن عملهم ومنشآتهم، بهدف التصويت للقائمة.

وفي هذا السياق؛ زعم أبو عين في حديثه لـ "الرسالة نت" بأن مشاركة قيادات فتحاوية في الانتخابات كانت مجرد "اجتهاد شخصي"، موضحاً أن حركته أصدرت قراراً بعدم التدخل في انتخابات الغرف التجارية، وعدم إعطاءها الصفة والبُعد السياسي.

وقال: "خسارة فتح في الانتخابات ليست مؤشراً على انخفاض شعبية الحركة بالضفة المحتلة"، لافتاً إلى جاهزية حركته للانتخابات التشريعية والرئاسية حال إجرائها.

وعما إذا كانت الخلافات الأخيرة بين مركزية فتح ودحلان قد أثرت في شعبية الحركة، أجاب أبو عين: "أي خلافات داخل فتح لها تأثيرات سلبية وإيجابية، والخلافات الأخيرة أثبتت أن الحركة لا تُخفي أخطائها الداخلية".

فقدان الثقة

بدوره؛ قال الدكتور حسن خريشة النائب المستقل في المجلس التشريعي، إن هزيمة فتح في الانتخابات مؤشر قوي على خسارتها في أي انتخابات مقبلة"، مستطرداً: "شعبية حركة فتح في أزمة، كونها أفرغت قيادة جديدة بعد خلافات دحلان الأخيرة، ولّدت وجوهاً ليست على مستوى الأحداث، ولا تحظى بثقة الشارع الفلسطيني".

وأضاف في حديثه لـ "الرسالة نت": "خسارة فتح ستتكرر في مدن الضفة كافة، بعد أن ملّت الناس حديث رموزها، ورأت ممارساتها التعسفية على أرض الواقع من ملاحقات واعتقالات وتنسيق أمني".

ويوافقه الرأي؛ البروفيسور عبد الستار قاسم أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية، الذي أكد لـ "الرسالة نت" أن خسارة حركة فتح في أي انتخابات مقبلة ستكون أكبر من ذلك بكثير، قائلا: "حال فتح من حال السلطة، والناس عندما يتعاملون معها، فكأنهم يتعاملون مع السلطة".

واستدرك: "إذا أرادت فتح ألا تخسر، يجب أن تفصل نفسها عن السلطة، وذلك أشبه بالمستحيل، لأنها ستفقد الوظائف والمناصب والسيارات (..)".

وتابع: "تولّد انطباع عام لدى أهالي الضفة، بأن السلطة ليست لهم، وممارساتها لا ترضيهم، ويوم عن يوم تفقد السلطة شعبيتها".

وفي سياق متصل؛ أشار النائب خريشة إلى أن الأحزاب السياسية لم تعد في دائرة اهتمام المواطن الفلسطيني، نتيجة عدم مصداقيتها في تطبيق اتفاق المصالحة على مدار أعوام مضت وما تخللها من انقسام، ألقى بظلاله السلبية على حياة المواطن بالضفة وقطاع غزة. حسب قوله.

وقال: "التنظيمات تعيش أزمة داخلية مع شعوبها، تتمثل في العزوف عنها وانعدام الثقة بها، وفي حال دخلت انتخابات تشريعية ورئاسية فلن تحصل على نسب قوية، كالتي حصلت عليها مسبقاً".

تجدر الإشارة الى أن حركة فتح تتلقى الهزيمة الثانية في مدينة نابلس خلال شهر، حيث نجحت قائمة المستقلين في انتخابات فرع المهندسين في الفوز على قائمة فتح، وهو ما يؤكد رفض الشارع لحركة فتح، حيث فازت الأخيرة في المواقع الأخرى بأقل من نصف نسبة الناخبين، من دون منافسة تذكر.

البث المباشر