قائمة الموقع

طفلة كفيفة .. تقرأ وتنشد وتعزف !

2011-07-18T17:48:00+03:00

الرسالة نت - تسنيم النجار

بأناملها الصغيرة تتحسس الطفلة الكفيفة أسماء أوراق مصحفها المطبوع بطريقة برايل ذات الحروف المنقطة، وترتل آياته بصوت ندي دون تلعثم.

وتفضل أسماء أبو هلال (11 عاماً) صاحبة البشرة القمحية تلاوة القرآن بطريقة برايل على الاستماع لها عبر جهاز الكاسيت أو الهاتف المحمول، وتقول:" الاستماع يكون لمرة واحدة أما عندما أتحسس الحروف فأعيد وأكرر حسب إرادتي".

 ولم يكن تعلم طريقة برايل بالأمر اليسير عليها، فقد واجهت صعوبات عدة أثناء تعلمها لها وحفظها لأماكن الحروف.

طريقة برايل هي نظام كتابة أبجدي، اخترعها الفرنسي لويس برايل، لمساعدة المكفوفين على القراءة، وذلك بجعل الحروف رموزا بارزة على الورق مما يسمح بالقراءة عن طريق حاسة اللمس.

ورغم فقدانها نعمة البصر إلا أنها تمتلك قلباً يستطيع رؤية كل ما حوله بعين المبصر، فقد أتمت حفظ ثلاثة أجزاء من المصحف الشريف عن ظهر قلب، إضافة إلى العديد من متفرقات السور، في مشوارها نحو حفظ القرآن كاملاً.

ولدى أسماء ذاكرة قوية ساعدتها على حفظ كثير من الأناشيد والأحاديث النبوية، ولم تخفِ قراءتها للعديد من الكتب الدينية التي أحضرها لها والدها من السعودية مثل كتاب رياض الصالحين الذي تقرأه باستمتاع، حسب تعبيرها.

ولم يتسلل اليأس إلى قلب أسماء، وبدأت باكتشاف مواهبها، فقد أتقنت العزف على الموسيقى والطباعة عبر لوحة مفاتيح الحاسوب -بعد أن أتمت دورة طباعة وتفوقت فيها-، إضافة إلى امتلاكها موهبة الرسم، كان هذا إلى جانب تفوقها في دراستها الابتدائية التي أتمتها في مركز النور لتعليم المكفوفين.

وتقطع أسماء منذ كانت في الرابعة من عمرها مسافة طويلة من بيتها في مدينة رفح الحدودية إلى ذاك المركز المتواجد في مدينة غزة، وتنوي الالتحاق بآخر لاستكمال المراحل التعليمية المتقدمة.

وبين أحضان عائلتها تجد أسماء نفسها الفتاة المدللة التي يحبها الجميع، صاحبة الظل الخفيف، بعد أن حظيت على اهتمام واسع من والديها الصابرين وباقي أفراد العائلة، وتقول والدتها وهي تحتضنها بين ذراعيها:" نحبها جميعاً فهي آخر العنقود ووجه السعد والهناء علينا ".

وترجع والدة أسماء بذاكرتها إلى لحظات الولادة، وتذكر:" أنجبتها في الشهر السادس وأدخلت الحضانة لمدة شهر ومن ثم أخرجها الطبيب، وفقدت نظرها إثر زيادة نسبة الأكسجين عليها أثناء وجودها داخل الحضانة " وحسب الأطباء فإن حالة أسماء تصيب شخصاً واحداً من مليون.

وبعين قلبها ترى كل شيء جميل حولها، وترسم بمخيلتها ما لم تره كطائر يحلم بالأجمل وأشجار مورقة يانعة.

وتمتلك أسماء حساً مرهفاً تجاه والدتها التي تعلمت طريقة برايل لأجل مساعدتها، وعبرت عن ذلك الحب بطريقتها الخاصة من خلال رسم بعض الورود وكتابة رسائل المحبة التي تعبر عن شكرها لها.

وترقرقت عينا والدها الخمسيني بالدموع حينما أنشدت أسماء نشيدها المفضل( يا بلادي يا عينيا )لاسيما أنها تتمتع بصوت ندي يأسر القلوب، فلا عجب في أن يرى الناس أسماء عريفة للكثير من الحفلات والعروض الفنية.

وتقتل أسماء وقت فراغها بالجلوس أمام جهازها الصغير لترسم كل ما يجول في خاطرها بعد تخيله، وتبني أحلامها التي تطمح للوصول إليها، فتقول بعد أن ارتسمت ابتسامة زينت وجهها :" نفسي أكون دكتورة جامعية ، وأتمم حفظ القرآن كاملاً لكي ألبس والديّ تاج الوقار يوم القيامة".

ثقة أسماء بنفسها جعلتها تتخطى الكثير من المواقف التي كانت تسبب لها الإزعاج في بادئ الأمر، كعطف الناس الزائد عليها لفقدها البصر، كذلك لم تمنعها إعاقتها من ممارسة حياتها الطبيعية، فهي تذهب إلى المسجد لحفظ القرآن وأداء صلاة الجمعة وحدها بدون دليل، وحين سؤالها عن ذلك قالت :" نور الله يكفيني وهو خير دليل لي في طريقي".

اخبار ذات صلة