رامي خريس
عاد سلاح الجو الاسرائيلي لدك مواقع مختلفة بقطاع غزة في شماله ووسطه وجنوبه.. مواقع تدريب تابعة لفصائل المقاومة، كما قصف أراض زراعية وفارغة، وكل ذلك جاء -كما يقول العدو- ردا على سقوط صواريخ فلسطينية في النقب وعسقلان.
عدد من المراقبين قال إن هذا القصف يستهدف خلط الأوراق في المنطقة ولاسيما أن هناك تغيرات تشهدها الدول العربية، ويحاول الاحتلال استباقها بإحداث تغيير على الأرض في قطاع غزة، وهناك مسؤولون صحافيون مقربون من حركة فتح قالوا إن الفعل الاسرائيلي هدفه قطع الطريق على رئيس السلطة محمود عباس والتأثير سلبا على ما بات يعرف باستحقاق أيلول وذلك بإثارة الغبار في غزة!!.
هكذا كانت التحليلات إزاء التصعيد.. تذهب في اتجاهات مختلفة بل متعاكسة، وهناك من كان له رأي آخر مختلف تماما، وهو يرى أن القصف الاسرائيلي طبيعي، "أو كالمعتاد في سياق الفعل ورد الفعل"، وأن (اسرائيل) بادرت إلى قصف المواقع في غزة بصورة محسوبة، وأنها تسعى للحفاظ على التهدئة ولاسيما في المرحلة الحالية.
هكذا بدا غبار التحليلات كما كان غبار القصف، فالسيناريوهات المحتملة غير واضحة كما كانت سابقا، ولكن الواضح حتى اللحظة أنه لا أحد من الأطراف يبحث عن تغيير المشهد الحالي في غزة أو على حدودها، كما لا يرغب في زعزعة الاستقرار في المدن والتجمعات الإسرائيلية المحيطة.
حماس من جهتها -وعلى لسان رئيس الحكومة إسماعيل هنية- وجهت دعوة للفصائل الفلسطينية لمواصلة التهدئة، "وهي الرسالة التي تؤكد أن المقاومة في القطاع ما تزال ملتزمة بالتهدئة ومعنية باستمرارها"، وحملت الاحتلال المسؤولية عن التصعيد قائلة على لسان هنية: "على الاحتلال أن يتوقف عن غاراته واستهداف الناس لأن ذلك هو الذي يؤدي إلى التصعيد".
كما أن فصائل المقاومة في القطاع معنية باستمرار التهدئة -والمراقبون يؤكدون- كذلك فحكومة الاحتلال حريصة على الحفاظ على مستوى محدد من التهدئة العسكرية على حدودها مع غزة؛ تجنبا للوصول إلى حالة حرب كتلك التي شنتها دولة على قطاع غزة في 2008م.
ومع ذلك فإن حكومة الاحتلال وجيشها يحاولان خلق حالة من الإرباك المستمر في صفوف فصائل المقاومة داخل قطاع غزة؛ لإجبارها على عدم الخروج من دائرة التفكير برد الفعل.
الحرص على استمرار التهدئة وعدم اللجوء إلى خيار المواجهة الواسعة لا يلغي إمكانية تغير المشهد في المستقبل القريب، فهناك تقديرات عسكرية إسرائيلية تشير إلى المخاوف والهواجس التي يشعرون بها من زيادة قدرات المقاومة واستغلالها لحالة التهدئة في ترتيب أوراقها والاستعداد للمرحلة التالية، وعلت أصوات اسرائيلية كثيرة تحث حكومة الاحتلال على توجيه ضربة حاسمة للمقاومة في غزة.
على أي حال، مهما استمرت التهدئة فإن المواجهة ستحصل في نهاية المطاف، ولكن كل طرف يحاول تحسين الظروف التي يمكنه أن ينتصر بموجبها.