الرسالة نت - أحمد الكومي
توجهت الإدارة الأمريكية عقب الثورة المصرية، نحو فتح حوار مع جماعة الإخوان المسلمين، في وقت نفدت فيه الخيارات أمام البيت الأبيض لإدارة مصالحه في مصر.
جماعة الإخوان بدورها رحبت بذلك، وقالت "إن الحوار مع الولايات المتحدة يهدف لإزالة سوء الفهم وجَسر الهوّة".
ويرى محللون سياسيون أن الإخوان أصبحوا القوة الرئيسية في مصر بعد سقوط نظام مبارك، ويتوقع أن تستولي على الحكم إذا ما جرت انتخابات نزيهة.
وإن كانت واشنطن ستحاور الإخوان لثقلها السياسي، فهل سيدفع حجم حركة "حماس" الكبير، ودورها الأكثر حسما ومسئولية في الشارع والواقع الفلسطيني، الإدارة الأمريكية إلى فتح قنوات اتصال معها ومحاورتها بعد أن حاورت الجماعة الأم: "الإخوان المسلمين"؟
الدكتور خالد صافي الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، قال إن توجّه واشنطن نحو محاورة الإخوان، محاولة لإدخال الحركة ضمن النظام السياسي في البلاد، وصولاً للبرلمان ثم الحكومة، ويليه انتزاع شروط تتعاطى مع أهداف البيت الأبيض في المنطقة، أولها نبذ المقاومة والاعتراف بـ(إسرائيل.(
وأكد أن فتح قنوات الحوار مع الإخوان هو اعتراف رسمي بقوة الحركة الإسلامية وثقلها السياسي في دول العالم كافة.
وتوقع صافي توجّه ادارة اوباما نحو فتح قنوات اتصال مع حركة حماس في فلسطين، بعد خوض تجربة مع الجماعة الأم، قائلا: "إذا نجح الحوار مع الإخوان، فهناك إمكانية للتحاور مع حماس، ولا يوجد ما يمنع ذلك، فالحركة لها وزن سياسي كبير في الشرق الأوسط بأكمله".
واستدرك: "لكن، ليس ذلك في الوقت القريب، فأمريكا تنتظر ما ستتمخض عنه الثورات العربية، من أجل بناء وتوظيف خطة سياسية تلبي مصالحها".
ضوابط سياسية
"تسفي بارئيل" محلل شؤون الشرق الأوسط بصحيفة "هآرتس" العبرية، توقّع أن تتوجه الولايات المتحدة الأمريكية لفتح حوار مع حركة حماس، قائلاً: "حوار أمريكا مع حماس أصبح أمراً قريب المنال في ظل السياسات الأمريكية الحالية تجاه بعض الحركات الأخرى، والسؤال المهم هو: كيف سترد (إسرائيل) على مسؤول أمريكي رفيع المستوى قد يخرج ويعلن أنهم مستعدون للتحدث مع قيادة حماس؟".
ويضيف بالقول: "البعض قد يرى أن التحدث للإخوان المسلمين في مصر يمثل الموجة الأولى من التسونامي، فجماعة الإخوان هي المنظمة الأم لحماس، والسؤال التالي الذي سيطرح: لماذا إذا أمريكا لا يجب أن تتكلم مع حماس، خاصة أن الحركة هي جزء لا يتجزأ من السياسة والمجتمع الفلسطيني".
وفي هذا السياق، نوه صافي إلى أن حماس أعطت أكثر من إشارة حول استعدادها للعمل في المجال السياسي الدولي، لكن ضمن رؤيتها الإستراتيجية، قائلاً "الحركة ما زالت ترى أن أمريكا تقف بجانب "اسرائيل"، وهو ما يدفعها لانتهاج الخطاب المقاوم وليس السياسي".
واستطرد: "انتهاج الخطاب المقاوم، وعدم الاعتراف بإسرائيل، هو سر شعبية حماس عند الفلسطينيين"، متوقعا أن تحافظ الحركة على شعبيتها لسنوات طويلة.
وختم قائلاً: "ضوابط حماس كبيرة جداً على الصعيد السياسي، ويصعُب على الإدارة الأمريكية، إخضاعها لمصالحها وأهدافها في المنطقة، بشكل يخدم أولاً وأخيراً (إسرائيل)".
اما الباحث الفلسطيني بلال الشوبكي، مؤلف كتاب "التغيير السياسي من منظور الحركات الإسلامية.. حماس نموذجاً" يرى أن واشنطن بحاجة إلى نسج علاقات مع كل لاعب له دور في منطقة الشرق الأوسط، مستدركاً: "لكن وجود هذه الحاجة لا يعني أنها ستفتح علاقات مع الجميع، والمسألة مفاضلة وتحديد اللاعب الأهم، وهذا ما يمكن أن يحدد علاقة واشنطن بحماس مستقبلا".
لا خوف على حماس
من جهته أكد الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصّواف، أن الإدارة الأمريكية قد حاورت حماس بطريقة غير مباشرة عبر الوفود الأجنبية التي جاءت إلى قطاع غزة متضامنة، قائلاً: "هذه الوفود كانت مرسلة من جهات سياسية، لمعرفة سياسة الحركة ورؤيتها الإستراتيجية وتوصيلها إلى أروقة البيت الأبيض".
وأوضح أن واشنطن تعمّدت في الآونة الأخيرة فتح قنوات حوار مع جميع الحركات الإسلامية في العالم، منها حماس، خاصة بعد الثورات العربية التي أخذت تطيح بالأنظمة السياسية كأحجار النرد تباعاً، "بعد أن كانت –الأنظمة- خدماً لها في المنطقة".
ولفت إلى أن بؤرة تفكير البيت الأبيض ستبقى تصب في مصلحة "اسرائيل"، رغم توجهها لمحاورة الحركات الإسلامية، قائلاً: "الحديث مع حماس مستقبلاً لا شك بأنه يهدف لتطويعها ودفعها إلى الاعتراف بـالكيان الصهيوني ".
"تسفي بارئيل" قال "إن الذريعة الرسمية لسياسة عدم مناقشة حماس أنها لم تستنكر الإرهاب كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية، وأنها أيضاً لا تعترف بدولة إسرائيل –لا كدولة يهودية ولا كدولة على الإطلاق، هذه مبررات مقنعة للوهلة الأولى".
وفي هذا السياق؛ قال الصواف: "حماس تدين الإرهاب، وما يمارسه الشعب الفلسطيني ليس إرهاباً، إنما دفاع عن النفس، وهو ما يجب أن توصله الحركة إلى الإدارة الأمريكية المنحازة للكيان".
وشدد على أنه لا خوف على الحركة من محاورة واشنطن، مستطرداً: "حماس حركة عقدية إسلامية، ولن يؤثر تحاورها مع أمريكا ودول العالم جميعاً على فكرها ومعتقداتها".
لا شك بأن إدارة اوباما تولّدت لديها قناعة أكيدة وراسخة بأن حماس باتت أقرب من أي فصيل آخر لأن تصبح صاحبة السلطة والقرار في الواقع الفلسطيني, لكن هل يدفعها ذلك فعلياً لاتخاذ زمام المبادرة ومحاورتها؟.