رياض خالد الأشقر/ مختص في شئون الأسرى
من عجائب ما قرأت مؤخراً أن فتاة اسبانية تنتظر حكماً بالسجن لمدة عامين من اجل ذبح فأر بالسكين ، حيث اعتبر القضاء الاسباني هذا التصرف غير إنساني ويستحق الحبس ، بعد أن نشرت الفتاة صور الفأر على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك .
قلت في نفسي عجبا لهذا المجتمع الغريب الذي يتباكى على فأر ليس له قيمة ويصدر الأحكام القاسية بحق من يقدم على إهدار حياته، بينما ألاف البشر يذبحون يومياً في الكثير من مناطق العالم ، ولم يحرك ساكناً ، ولو حتى استنكار وإدانة .
وهنا أتساءل لو رفعنا دعاوى على ضباط وقادة الاحتلال لارتكاب جرائم واضحة بحق الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وممارسة القتل البطيء وبسكين حافي بحقهم ، وهناك قضايا مرفوعة بالفعل ، فهل سيصدر القضاء الاسباني أوامر باعتقال ومحاكمة هؤلاء المجرمين بتهمة القتل والذبح على مسمع ومرأى من العالم اجمع ، دون احترام لمواثيق أو معايير إنسانية.
نذكر العالم الظالم واسبانيا بالتحديد التي تنتصر للفئران ، وتتناسى البشر ، أن هناك ما يزيد عن 6000 أسير فلسطيني يموتون يومياً على مذبح الاحتلال الذي لا يحترم منهم مريضاً ولا مسناً ولا طفلاً ولا امرأة ، ويحرمهم من ابسط ما يحتاجه الإنسان لكي يعيش في اقل مستويات الحياة ، بل ويتعامل معهم كإرهابيين لا يستحقون الحياة ، ويهزأ من آلامهم وصراخهم ، ومعاناتهم المستمرة ، ويمارس بحقهم كل أشكال التعذيب والانتهاك، ولم يكتفي بذلك بل شدد كبيرهم مؤخراً على ضرورة زيادة التضييق عليهم، وأوعز إلى زبانية السجون المرتزقة منع الأسرى من التعليم ، ووقف ما اسماه بالاحتفالات .
في الوقت الذي يقدم العالم المتحضر لمن يضع حد لحياة فأر إلى المحكمة ويجبره على الخدمة العامة لمدة 180 ساعة إضافة إلى الحبس لعامين ، لا يحرك ساكناً تجاه إنهاء حياة 199 أسير على مدار تاريخ الحركة الأسيرة ، ولا ينبس ببنت شفه لمن يضع السكين على رقبة 1300 أسير مريض بعضهم في حالة خطرة جداً يتوقع وفاته في أي لحظة نتيجة إصابته بالسرطان أو الفشل الكلوي أو الشلل، ورغم ذلك يحرمون من العلاج والدواء ويزج بهم في أماكن لا تصلح لحياة البشر الأصحاء عوضاً عن المرضى الذين يحتاجون لمتابعة مستمرة ورعاية قبل أن يفارقوا الحياة .
أمِن الإنسانية أيها المجتمع الدولي أن تحاكم من يعدم فأراً ، وتشجع وتصفق لمن يقتل الإنسان الفلسطيني الأسير داخل مستشفى الرملة ، وزنازين العزل الانفرادي ، امن العدل أن تصمت أيها العالم المتحضر على عزل أقدم أسير في العالم نائل البرغوثى الذي أمضى ما يزد عن 33 عاماً خلف القضبان ، وعزل نائب في البرلمان منتخب بطريقة ديمقراطية كمروان البرغوثى والعشرات غيرهم .
ألم يأن لهذا القانون الذي ينص على حقوق البشر أن يُنصَف وان يعاد له الاعتبار بعد أن داس عليه الاحتلال بأقدامه، أم تبقى نصوص المواثيق الدولية مجرد شعارات تطبق على الضعفاء والفقراء فقط ، بينما الأقوياء لا يستطيع احد الاقتراب منهم.