قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: اليسار بين "الديالكتيك" وذيل السحلية

"الديالكتيك" وفق قاموس الإتحاد السوفييتي المخلوع تعني عند لينين: "التطور هو صراع الأضداد"، وعند انجلز: "الطبيعة كلها من الرملة إلى الشمس ومن الخلية إلى الإنسان في حالة من النشوء والزوال وحالة تغير مستمر"، إذن هو صراع الأضداد، وعندنا -المسلمين- صراع الحق والباطل.. كما قال الله تعالى لمحمد: "إن شانئك هو الأبتر" و"إن الله يقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق"..

على أي حال فقد زهق الفكر الماركسي وماتت دولته على طريق نظرية "التغيير في الإسلام" وعلى عكس الحتمية التاريخية لنظرية التغيير في الفكر الاشتراكي, ولكن عجائز اليسار الفلسطيني -أمثال ملوح- لم يستوعبوا زوال الماركسية ولم يفهموا أن النظر للخلف -وفق نظريتهم- هو رجعية يجب أن تقاوم بالثورة, ولعلهم يؤمنون بنظرية "ذيل السحلية" الذي يتحرك بعد موتها، وربما "الديالكتيك" له تطور جديد في جدلية "السحلية الميتة".

لقد عاش اليسار الفلسطيني عالة فكرية على الشعب الفلسطيني في مرحلة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في السبعينيات وكان صريحا في فلسفة الصراع حين قال: "إذا تولى حزب "ركاح" الشيوعي الإسرائيلي الحكم سنلقي السلاح"، والمطلع على أدبيات اليسار الفلسطيني يراه معتبرا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي صراعا ثانويا، وأن التناقض اليساري الفلسطيني صراعٌ أساسي باعتبار أن فتح "برجوازية عفنة" وأن الإسلاميين "رجعيون" ويجب أن يُقاوموا.

اليسار الفلسطيني بعجائزه وشبابه كانوا على النقيض التام مع نظرية التغيير الماركسية؛ فقد عاشوا عيشة برجوازية ولم يخرجوا يوما من رحم العمال "البلوروتاريا", كما أنهم عاشوا على موائد فتح يتاجرون ببيع المواقف على فلسفة شعراء السلطان, والمتتبع لسياسة اليسار ومؤسساته المراقب للصراع الداخلي الجبهاوي يرى أن البرجوازية الداخلية العفنة قد جرّت الجبهة للحضن الامبريالي، وأصبحت أموال الرأسمالية الغربية هي مصدر دعم لليسار.

إذن هو اليسار.. لمن يدفع أكثر.. وربما الحركة الإسلامية لم تكن الرابحة في مزاد شراء المواقف من مؤسسة الجبهات على رأي أبي عمار، وعليها أن تحتمل وتصبر لعلها تفوز بمزاد قريب على مقولة مسؤولهم في غزة: "ادفعوا لنا نقف معكم".

اللَّوم يلاحق الحركة الإسلامية التي لم تستوعب حتى اللحظة أن اليسار الفلسطيني -كما العربي- يسوق الإلحاد على طبق من الوطنية، وليس غريبا أن أحد كوادرهم في سجن النقب لقب نفسه بـ"أبي لهب".

وربما لقاءات حماس مع قياداتهم في لقاءات الفصائل جعلت منهم شيئا غير مقزز وشجعت عبد الرحيم ملوَّح -صاحب نظرية ذيل السحلية- لأن يتباهى بماركسيته وأن يتجرأ على الفكر الإسلامي الذي لم ينجح في التغيير على روايته.

لم أقصد في كلامي أن أصارع ميتا أو "ذيلَ سحلية" يَنتظِر أن يأكله النمل، ولكن رسالة لحماس ألاُّ تنسى أن لها رسالة حقٍ يجب أن ترفعها في خضم الصراع (الفلسطيني-الإسرائيلي)، وأن الباب ليس مفتوحا لمن يرفع الكفر نهجا ويفتخر بنظرية ماتت قبل أن تولد.

 كان الأجدر باليسار أن يقدم اعتذارا للشعب الفلسطيني عن تبنيه للفكر الماركسي كما فعل الرئيس الروسي يلتسين مع شعبه، وأن يلقوا بعجائزهم في المزبلة الخَلفية كما فُعل بتمثال لينين الذي لم يجد من يشتريه بالمزاد.

 

البث المباشر