غزة- ديانا طبيل
يوجد لدينا مشروبات ساخنة شاي ..قهوة .. نس كافيه .. يافطة بالعادة مكتوبة بخط اليد ، على أماكن ليست أكشاكاً ، ولا محلات تجارية ، ولا بسطات ، تكاد تكون موجودة على مختلف مفارق الطرق في مدينة غزة ، أصحابها أما شباباً في مقتبل العمر ينحتون بالصخر بحثاً عن المستقبل ، أو رجالاً يصارعون الحياة من اجل إطعام أفواه قد جاعت، بعد أن أطبق الحصار فكيه على حياتهم ، فأضحوا أباء عاجزين أمام طفولة فلذات أكبادهم . مهن على الماشي ، يعملون، يكسبون منهم من وجدها مربحة وأحبها ومنهم من أرادت الظروف أن تكون باب رزق مؤقت يقيه الحاجة ويحميه من البطالة ويحفظ كرامته ويحصن أسرته من العوز وسؤال الناس.
صندوق صغير
على مفترق شارع الجلاء بغزة يرابط محمود عبد الدايم" 35 عاماً " أمام صندوق صغير يضع فيه كافة ما يحتاجه من التقاط بعض الشواكل التي تعينه على استمرار حياته الأسرية ، يقول لـ " الرسالة " كان عملي قبل الحصار جيداً للغاية ويحقق الاستقرار المادي لي وعائلتي لك بعد منع دخول الخشب إلى قطاع غزة توقفت المنجزة التي اعمل بها واضطرت للبحث عن عمل أخر لا سيما و أنا أب لخمسة أطفال بحاجة إلى الحليب و البامبرز والمصاريف الحياتية .
ويتابع بعد بحث مضني عن عمل قررت الوقوف على مفترق الطرق لعمل الشاي والقهوة و النسكفيه وبيعها على السائقين الذين يمرون على طول الشارع فهى مهنة على الماشي ولا تكلف كثيراً ، لذا تبدأ نوبة عملي منذ الساعة السابعة صباحاً وحتى بعد منتصف الليل في فصل الصيف أما في الشتاء فأنى اكتفى للساعة العاشرة مساءاً ، موضحاً انه يجنى قرابة الخمسين شيكلا يومياً يستطيع من خلالها تامين متطلبات عائلته .
في حين يتجول عمر المصري " 25 عاماً " مناديا شاي قهوة شاي قهوة طارقاً باب كافة البسطات التجارية المتواجدة في سوق الشجاعية وعلى السائقين المتواجدين على موقف الشجاعية وموقف الجنوب المحاذى لمدرسة الزهراء بغزة والمحلات التجارية الموجودة على طول شارع عمر المختار بينما يعمل أخاه الأصغر عمل داخل سوق الزاوية وشارع فهمي بيك
ويقول لـ " الرسالة " وهو يحمل صندوقه الصغير و بداخله إبريق من الشاي وأخر من القهوة وبعضاً من الأكواب الشفافة واللامعة والتي أن دلت تدل على مدى عناية المصري بمهنته ، أعمل في تقديم القهوة والشاي للسائقين وأصحاب المحلات التجارية فكأس الشاي الواحدة تكلفتها نصف شيكل بينما تكلفة كاس القهوة شيكل واحد ، وعن بداية المهنة يقول عمر : " كان والدي يعمل فيها قبلا مني وكنت اخرج بصحبته في الإجازات الصيفية ، مع مرور الوقت أصبحت المهنة جزء من حياتي لا سيما وأنى استطعت أن أكون شبكة علاقات اجتماعية واسعة من خلالها .
باب رزق مستمر
و يضيف بعد انتهائي من الدراسة حاولت البحث عن عمل لكنى لم أجد ما يناسبني خاصة بعد وفاة والدي وتحملي مسئولية العائلة فوجدت من هذه المهنة باب رزق مستمر وأفضل من أي عمل متقطع وهي أبقى لأسرتي فأـنا اجني يومياً قرابة السبعون شيكل بينما يجنى آخى الأصغر قرابة الخمسين شيكلا حيث نتناوب على الأماكن فالمسافة بين موقف الجنوب وسوق البسطات وعمر المختار ليست بسيطة .
أما مثيل مهنته عمار السيد " 28 عاما " فوجد من ساحة الجندي المجهول مكان جيد لبيع الشاي والقهوة على المارة هناك وينظر عمار إلى مهنته بعين القلق فهو لا يتمنى أن تبقى مهنة الأساسية فهو حاصل على دبلوم تكيف وتبريد ويتمنى أن يعمل في مجال دراسته ، ويضيف اضطرت للعمل في هذه المهنة لتجنب سؤال الناس وطوابير الباحثين عن عمل فمنذ أربعة سنوات وأنا أحاول البحث عن مهنة أخرى لكن الأوضاع الاقتصادية والسياسة بقطاع غزة لا تبشر بخير ، لذا لابد من ممارسة هذه المهنة التي توفر قوت عائلتي فهي " أكل عيش والسلام ".
ويتابع بيع الشاي والقهوة مهنة بسيطة " وعلى الماشي " ليست بحاجة إلى رأس المال لكنها بحاجة إلى ذكاء واهتمام ، فالنظافة عامل مهم في هذه المهنة لا سيما وانك تبيع في مكان عام يجمع كافة فئات المجتمع ، معتبراً فصل الصيف أفضل الأوقات لممارسة المهنة رغم تواجد مئات الأشخاص الذين يمتهنوها صيفاً إلا أن عدد المتنزهين بالعادة يحقق له دخلا جيدا على المستوى العام .