الرسالة نت - شيماء مرزوق
ذكر النائب خليل الحية -عضو المكتب السياسي لحركة حماس- أن جولة الحوار الأخيرة مع فتح في القاهرة جاءت لاستكمال خطوات بناء الثقة وتهيئة المناخ للمصالحة, موضحا أنه جرى تشكيل لجان لإنهاء ملفات الاعتقال السياسي وجوازات السفر وفتح المؤسسات المغلقة, "كما تم الاتفاق على عقد لقاء آخر بعد عيد الفطر المبارك لاستكمال مناقشة ملفات المنظمة والحكومة والتشريعي".
ولفت إلى أن الرئيس محمود عباس يؤجل مباحثات تشكيل الحكومة لسبب "استحقاق أيلول", مشددا على أن كل الشخصيات الفلسطينية مطروحة للنقاش لتكون في الحكومة، "إلا سلام فياض".
لبناء الثقة
و قال د. الحية في حوار خاص لـ " الرسالة نت " : "المصالحة استحقاق فلسطيني وإستراتيجية طالما أكدنا عليها في كل المراحل وكذلك مع تقديمنا لكل التسهيلات المطلوبة التي جرى التوقيع عليها في إبريل من العام الجاري, ولكن الضغوط الخارجية تعرقل التطبيق".
وأضاف: "في الجولة الأولى عرضنا القضايا الأساسية، وهي تشكيل حكومة التوافق ومنظمة التحرير وتفعيل المجلس التشريعي, كما تطرقنا لقضايا بناء الثقة, ولكن الرئيس محمود عباس جعل من سلام فياض عقبة لعدم تشكيل الحكومة وتأخيرها لأن أمريكا و(إسرائيل) لا تريدان المصالحة".
وفي رده على تصريحات د. أحمد يوسف التي قال فيها إن فياض شخصية مقبولة قال الحية: "حماس أعلنت أكثر من مرة -عبر شخصياتها القيادية ومؤسساتها الرسمية- عن موقفها الواضح من فياض، وهناك إجماع في الحركة على رفضه, ويوسف لا يعبر عن موقف الحركة في هذا الموضوع, فهو يعبر عن مواقف وآراء شخصية لا تمثل حماس".
وأكد أن حركته جاهزة للتوافق، "وهو البند الأساسي في المصالحة, حيث إن كل الشخصيات الفلسطينية مطروحة للنقاش لتكون في الحكومة إلا واحدة -فياض- وأما بخصوص باقي الشخصيات فليس من حق أحد أيضا التمسك بشخص بعينه", موضحا أن اللقاء الأخير جاء لتهيئة المناخ للمصالحة, "وبخاصة فيما يخص الحاجات الإنسانية للمواطنين مثل وقف الاعتقالات السياسية وحق المواطن القانوني والدستوري في الحصول على جواز سفر دون عوائق, وفي حركة التنقل بحرية وفتح المؤسسات التي أغلقت بفعل الانقسام في غزة والضفة".
وأشار الحية إلى أن موقف حماس من عودة كوادر فتح إلى قطاع غزة واضح, معتبرا أن هذه المسألة شخصية، "فأي شخص يريد العودة لن يجد من يعترض طريقه ما لم يكن مطلوبا للعدالة", وهناك آلاف الفتحاويين الذين عادوا إلى القطاع دون أن يتعرض لهم أحد.
ونوه إلى أن اللقاء الأخير تطرق إلى المصالحة المجتمعية التي تهدف إلى إزالة آثار خمس سنوات من الانقسام, "وهي بند أساسي في المصالحة وستفعل بعقد جلسات لتشكيل اللجان المتخصصة في هذا الصدد".
ملفات عالقة
وحول قضية الانتخابات التشريعية والمحلية قال النائب في المجلس التشريعي: "طرحت مسألة الانتخابات المحلية, وأعطينا موقفا واضحا منها، وهو أن هذه القضية يجب أن يتوفر فيها شرطان: الأول وجود حكومة توافق بين غزة والضفة لتكون مظلة للانتخابات, والثاني توفر الحرية في الترشح والانتخابات والدعاية والتعبير عن الرأي بعيدا عن الخوف من الاعتقالات والاستدعاءات, وإلا فستكون انتخابات محكوما عليها بالإخفاق وتعميق الانقسام".
ورفض الحية الربط بين تشكيل الحكومة واجتماع التشريعي؛ "لأن الأخير هو أكبر من الحكومة والمجلس الوطني أكبر من الاثنين؛ ولهذا يجب العمل في الملفات بالتوازي".
وحول آليات التطبيق لما جرى الاتفاق عليه في جولة الحوار الأخيرة أكد الحية أنه وللمرة الأولى يجري فيها تشكيل لجان لتعمل مع بعضها بعضا على إنهاء هذه الملفات العالقة، "والتي لا تطال فتح وحماس وحدهما وإنما تطال الكثير من أبناء الفصائل".
وذكر أنه شكلت لجان لإنهاء ملفات جوازات السفر والمؤسسات المغلقة في غزة والضفة, معتبرا أن كل القضايا يمكن حلها، "إذا لم تضع بعض الشخصيات "الفيتو" عليها".
الحكومة و"أيلول"
أما عن موقف حركته من "استحقاق أيلول" فقال إن حماس مع أي خطوة تحقق للشعب الفلسطيني أهدافه وتحافظ على ثوابته، "سواء بالمقاومة أو السياسة, ولكن لا أحد يريد أن تكون هذه الخطوة تثبيتا لوجود الاحتلال على الأرض, وإنما المطلوب هو إحراج العدو الصهيوني وإثبات أنه متمرد على المجتمع الدولي والقانون", موضحا أن هذا الاستحقاق يدور حوله جدل قانوني ووطني, "وربما سيعود بأضرار -كما يتوقع الكثيرون- على القضية الفلسطينية".
وشدد على ضرورة أن يكون الذهاب للأمم المتحدة بعيدا عن ثبيت الاعتراف بالعدو الصهيوني, "وإلا فسيكون فيها مساس بحق العودة ومكانة منظمة التحرير, ويجب ألا تمس بموقع القدس، ويجب أن تركز على ضرورة إنهاء الاستيطان وعدم الاعتراف بشرعية الاحتلال".
ولفت إلى أن الفصائل اتفقت على برنامج سياسي وطني مبني على عدم الاعتراف بشرعية الاحتلال وعدم المساس بالثوابت, قائلا: "إذا ما التزمت خطوة الذهاب للأمم المتحدة بهذه الشروط فنحن معها".
الضفة على طاولة البحث
وفيما يخص ملف منظمة التحرير ذكر النائب الحية أن إعادة بناء المنظمة بدءا من دعوة الإطار القيادي لها للاجتماع مقدم وأهم من الحكومة؛ "لأنها الممثل الوحيد لكل الفلسطينيين في الداخل والشتات, حيث إن المواطن في الخارج يجب أن يشعر بأن له قيادة تحمل همه وتمثل كل ألوان الطيف السياسي, وهذه القضية أهم من الحكومة التي تدير الوضع الداخلي في الضفة وغزة فقط".
وعن تأثير الثورة المصرية على الوضع الفلسطيني حتى الآن علّق: "من التجني على مصر الحديث بأن الوضع السابق ما زال على حاله لأنه توجد تغييرات واضحة وجوهرية، ولكن لا يمكن الحكم عليها الآن؛ فهي تمر بمرحلة انتقالية صعبة؛ ولهذا فالجميع يأملون لمصر الاستقرار ضمن إطار سياسي واضح حتى تتمكن من لعب دورها القيادي المهم (...) هناك تغيرات ولكن ليس التي يطمح بها الفلسطينيون والأمتان العربية والإسلامية".
وأما عن علاقة الأزمة المالية التي تعاني منها الحكومة الفلسطينية في غزة بالثورات العربية فأكد القيادي البارز أن حركة حماس تؤيد إرادة الشعوب وحقها في التداول السلمي للسلطة, مشيرا إلى أن ما بعد هذه الثورات سيكون المستقبل للأمة وارادة الشعوب, "والمستفيد الأكبر منها هي القضية الفلسطينية لأن الشعوب لن تقبل بعد ذلك إلا من يمثلها بحق ويحمل هم الأمة", مشدداً على أن الوضع المالي آخر ما يجري البناء عليه.
وأوضح بالحديث: "لا شك في أن قضية الثورات أثرت على المساعدات التي تقدم لغزة لسبب بروز مناطق منكوبة أخرى لكن أهل الخير كثر في الأمة, والمنطقة كلها تمر بمرحلة حرجة وانتقالية يجب أن يتحملها الجميع للوصول إلى ما هو أفضل".
وفي شأن الضفة الغربية وما تتعرض له الحركة هناك اعتبر أن تغول الأجهزة الأمنية والاحتلال في الضفة على حماس شديد, "لكن هذا لا يعني أن الحركة في الضفة منسية؛ فهي موجودة على طاولة البحث في كل اجتماع", مؤكدا أن الاعتقالات والاستدعاءات قلت بصورة ملحوظة، "غير أن الجميع يأملون في أن تنتهي تماما, وأن تبدأ خطوات تحقيق المصالحة على الأرض والانحياز التام للواقع الفلسطيني", لافتا إلى أن الغطرسة الأمريكية والإسرائيلية ليست قدرا, "والربيع العربي سيصب في مصلحة القضية الفلسطينية".