الرسالة نت - فايز أيوب الشيخ
اعتبر خبير في الشأن الأمني والعسكري أن العملية الفدائية التي وقعت في أم الرشراش (إيلات) -الواقعة جنوب فلسطين المحتلة- عملية نوعية بكل المقاييس، مشيداً بإستراتيجية التخطيط وقدرة المنفذين على الانسحاب.
وقال اللواء ركن المتقاعد واصف عريقات في حوار خاص لـ"الرسالة نت" إن ردود المقاومة الفلسطينية على العدوان تثبت قدرتها على إحداث الرعب داخل الكيان (الإسرائيلي)، مؤكداً أن دخول كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- على خط الردود على العدوان يقلب ميزان الرعب داخل الكيان ويكشف هشاشة قوة الردع (الإسرائيلية).
الرد والردع.. ضعيفان
واعتبر اللواء عريقات أن عملية "إيلات" أثبتت أن الجيش (الإسرائيلي) جيش ضعيف وهزيل، "ولم يستطع حتى الآن التحول من الرد إلى الردع.. بل على العكس أصبح الرد عنده ضعيفا كما الردع"، لافتا إلى أن الأجهزة الاستخبارية (الإسرائيلية) متناحرة فيما بينها لسبب إخفاقها في التنبؤ بالعملية وعجزها عن إحباطها.
وأضاف: "عملية "أم الرشراش" نُفذت بطريقة تعجز (إسرائيل) عن الإدلاء بكل تفاصيلها، كما أنها أضرت بـ(إسرائيل) على الأصعدة كافة ولم تحقق لها أهدافها للخروج من مأزقها وتصدير أزماتها ودفن مشكلاتها وتحويل التحديات الداخلية إلى تحديات خارجية".
وفي سؤال له عن اختيار "إيلات" من "المقاومين" لتنفيذ عمليتهم عبر عريقات عن اعتقاده بأن قادة (إسرائيل) -بغباء مطلق- كانوا واضحين حينما أدلوا بدلوهم عن معلومات جاءتهم من الأردن وكذبها "عاموس جلعاد" بالقول إنها ليست صحيحة، "وكذلك عندما تحدثت وزير خارجيتها السابق وزعيم حزب كاديما "تسيبي ليفني" عن أن الحدود (الإسرائيلية) المصرية لم تعد حدود سلام".
وحول تضارب الأنباء في البداية عن عدد المشاركين في العملية لفت الخبير العسكري إلى أن الكيان كان يتحدث عن أرقام غير دقيقة وعن استشهاد المنفذين، مؤكدا أن هذه هي إحدى المعضلات التي وقعت فيها (إسرائيل) عندما تبنت معلومات ثم تراجعت عنها، "والآن تأتي بمعلومات مختلفة تماما، حيث ترددت وتنوعت أرقام من نفذوا العملية والجهة التي جاؤوا منها والمنطقة التي انسحبوا إليها".
واعتبر أن هذا التخبط يضع (إسرائيل) في حرج كبير، "وبخاصة بعد أن قتلت عناصر من الجيش المصري خارج حدودها"، موضحا أن المجتمع الدولي لو كان نزيها لأصدر بيانا يشجب إرهاب الدولة (الإسرائيلي)، "ولاستنكر جرائم الحرب التي ارتكبتها"، وأضاف: "لقد فوجئت (إسرائيل) وصدمت من الموقف الفلسطيني القوي والرد الموحد من المقاومة".
وبالحديث عن نوع السلاح الذي استخدمه منفذو العملية أوضح –الخبير العسكري- أن العمليات تتابعت وتنوعت أسلحتها ما بين عبوات وإطلاق نار وقذائف، مبينا أن منفذي العملية نفذوها بدقة عالية وبجرأة كبيرة، "وهم يدركون تماما أن المنطقة التي نفذت فيها العملية لا يوجد لها خط انسحاب آمن".
استثمار العملية
وفيما يخص "القبة الحديدية" التي يراهن عليها قادة الاحتلال في مواجهة صواريخ المقاومة فقد أشار عريقات إلى أنها أثبتت إخفاقها بعد اعترافهم الصريح بأنها لم تعترض سوى صاروخ أو صاروخين من أصل 30 صاروخا أطلقت مؤخرا، مضيفا: "حديثهم حول استعادة قوة الردع الإسرائيلية تلاشى في الوقت الراهن بما يؤكد أنه من الصعب عليهم إثبات الحاجة إلى مضاعفة ميزانية الجيش الإسرائيلي لأن كل هذه الميزانيات التي صرفت على القبة الحديدة وغيرها ذهبت هدرا".
وبالسؤال عما إذا كان استهداف الأمين العام للجان المقاومة الشعبية رد فعل على العملية أم أن المسألة كانت جاهزة وتنتظر الذرائع للرد على ما يصل الاحتلال من معلومات عن ارتفاع الجهوزية لدى المقاومة في غزة؟.. قال عريقات: "لو أخذنا التزامن من الناحية العملية الإستراتيجية فإن توقيت عملية "إيلات" وتوقيت جريمة رفح يدللان على أن الجريمة مخطط لها مسبقا ولا علاقة لها بالعملية"، منوها إلى أن (إسرائيل) أدراجها دائما مليئة بالسيناريوهات التي تكون تحت الطلب، وفق تعبيره.
وتابع الخبير الأمني: "قيادة (إسرائيل) مغامرة ولا يمكن الرهان عليها لأنها تعيش جنون المرحلة من الاتجاهات كافة، وأقلها أن (إسرائيل) مطلوب منها الاعتذار لتركيا والآن لمصر إضافة إلى فك عزلتها الدولية والتفسير لجبهتها الداخلية مبررات حربها".
من التهدئة إلى العنف
وأكد على أن (إسرائيل) لا ترغب في التهدئة؛ "فهي التي تبحث الآن عن إلغائها وجر الفلسطينيين والعرب إلى مسرح العنف"، معتبرا أن الأخبار المتداولة حول التحرك الفلسطيني إلى الأمم المتحدة للاعتراف بالدولة يجعل (إسرائيل) تبحث عما يلفت نظر العالم عن هذه الخطوة التي باعتقادهم ستؤدي إلى مزيد من العزلة؛ "ولهذا (إسرائيل) تتجه إلى مسرح العمليات والعنف الذي ترى فيه أنه المسرح الذي يمكن أن ينقذها دائما من كل أزماتها الداخلية".
كما أن قيادة (إسرائيل) –وفق عريقات- فوجئت من الموقف المصري وتحرك الشارع المصري الذي طالب بإنهاء الاتفاقيات مع الكيان المحتل على إثر مقتل الجنود المصريين على الحدود، معربا عن اعتقاده بأنها قتل هؤلاء الجنود ليست جرأة (إسرائيلية) بقدر ما أنها وقاحة (إسرائيلية)؛ "لأن المصريين لم يعتدوا على (الإسرائيليين) وكانوا قد أعلنوا أكثر من مرة أنهم يحترمون الاتفاقيات", مضيفا: "(إسرائيل) بذلك تدفع بالشعب المصري إلى الضغط باتجاه نبذ هذه الاتفاقيات ومراجعة مجمل العلاقة معها".
وأكمل: "(إسرائيل) لم تكن موفقة في هذا الاتجاه وبخاصة أن الشارع المصري وقيادته في حالة انشغال في الموضوع الداخلي وفي إعادة ترتيب الأوراق بعد الثورة ولم تقترب من (إسرائيل) بصورة عدائية كما فعلت الأخيرة نحوهم".
وشدد على أن الرد الفلسطيني القوي -سواء في الميدان عسكريا أو سياسيا- تمثل جليا في الوحدة الوطنية، "ويعزز مقولة أن الجبهة الداخلية (الإسرائيلية) غير متماسكة وغير قادرة على تحمل أخطاء قيادتها السياسية"، مؤكدا أن عملية "إيلات" جاءت لتضاعف من الإرباك الداخلي (الإسرائيلي) ومن هشاشة أجهزة الاستخبارات (الإسرائيلية) التي تتضارب في اتهام بعضها بعضا منذ العملية، "وهذا كله يضعف من معنويات المواطن (الإسرائيلي) ويقلل من إمكانية تماسك الجبهة الداخلية في أي عملية عسكرية واسعة في المستقبل".
وفي رده عن سؤال: هل يمكن أن يقدم نفي الحكومة الفلسطينية في غزة والفصائل مسؤوليتهم عن عملية "إيلات" في الخطة (الإسرائيلية) والنية وراء التصعيد على غزة أو يؤخر؟.. قال عريقات: "(إسرائيل) لا تعطي أهمية للمواقف الفلسطينية أو العربية.. أما ما يطرأ في مواجهتها فهو الذي يغير في اتجاه البوصلة نحو التنفيذ أو عدمه".