الرسالة نت- رامي خريس
تحرك الفدائيون الصائمون بعد صلاة الفجر صوب النقب، وقبل أن يصلوا لهدفهم قطعوا مسافة طويلة في وقت يعتبر طويلا لمهمة كتلك التي خططوا لها منذ فترة من الزمن وتقضي باختطاف جندي إسرائيلي أو جنود إسرائيليون كما قالت أوساط أمنية إسرائيلية، أو أن الغاية هو ما تحقق عمليا بضرب هدف إسرائيلي وإيقاع خسائر في الأرواح وبعد ذلك الانسحاب الآمن بعد النجاح في تنفيذ المهمة.
هذا سيناريو افتراضي لعملية (إيلات) التي وقعت الخميس الماضي وضربت -وفق ما يقول المراقبون- منظومة الأمن الإسرائيلي من جديد بعد أن فاخر قادة أمنيون وعسكريون إسرائيليون بقدرتهم على الحد من عمليات المقاومة، والغريب أن هذه العملية تحديدا وقعت في النقب المجاور لشبه جزيرة سيناء التي كانت الدوائر نفسها تتحدث عن انفلات أمني في المنطقة وتشير إلى أن لديها مخاوف من انعكاس تلك الأوضاع على حدودها وكذلك في شهر رمضان الذي تتحسب منه دائما الدوائر الأمنية الإسرائيلية وتتوقع حصول عمليات للمقاومة خلاله.
شهر رمضان
مثَّل شهر رمضان طوال سنوات مضت هاجسا أمنيا لحكومة الاحتلال وجيشها، فقد كان يعتبر وقتا خصبا لتنفيذ العمليات العسكرية لما ترتفع فيه روح الجهاد تبعا لعلو الإيمان والهمة فيه بل إن أعظم معركتين في الاسلام وقعتا في هذا الشهر وهما "بدر الكبرى" و"فتح مكة".
وفي عصرنا الحديث شهد هذا الشهر أكثر العمليات الفدائية شراسة ضد الاحتلال، وقد كانت محافل أمنية وعسكرية إسرائيلية تسبق هذا الشهر باستعدادات أمنية على مستوى عال للتصدي ومواجهة رجال المقاومة الذين ينوون ضرب أهداف إسرائيلية، بل كانت تلك المحافل تعلن دائما عن اكتمال استعداداتها الأمنية قبل ترقب المسلمين لهلال رمضان، وفي العام الماضي فقط نفذت كتائب القسام سلسلة عمليات "إطلاق نار" في خليل الرحمن أطلق عليها عمليات "سيل النار"، ولربما تكون مخاوف الاحتلال هي وراء تنفيذ حملة اعتقالات واسعة في المدينة أمس الأول.
الأوضاع في سيناء
وفيما يتعلق بموضوع الأوضاع في سيناء فإن هناك سيناريوهات مختلفة تخشاها حكومة الاحتلال، ومنها أن تكون العملية في (إيلات) مقدمة لعمليات أخرى؛ فالأوضاع لا يبدو أنها قد تتغير في المنظور القريب في سيناء، والحدود مع فلسطين المحتلة طويلة ولا يبدو أن ضبطها أمر سهل، وهو ما كشفت عنه العملية الأخيرة؛ فلقد تحرك المنفذون مسافة طويلة في عمق النقب ولم يتم كشفهم من جيش الاحتلال أو حتى من أجهزته المتطورة، ولا يبدو أن طائرات الاستطلاع الصغيرة التي تجوب قطاع غزة تستطيع أن تعيد التجربة على حدود النقب مع سيناء لطولها ووعورة الأرض هناك.
ورغم أن الدوائر الأمنية تقول إنه كان لديها معلومات حول إمكانية تنفيذ عملية في المنطقة وإنها تلقت تحذيرا من الأردن فهي لم تستطع منعها، بل لم تستطع الوصول إلى المنفذين الذين تشير التقديرات إلى أنهم عادوا إلى قواعدهم في سيناء، وتذرعت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بالقول إنها كانت تتوقع أن يجري تنفيذ عملية من هذا النوع في ساعات الليل وليس عند انتصاف الشمس في كبد السماء.. على أي حال فإن المقاومين في عملية قادمة لن يقولوا لجيش الاحتلال متى تكون ساعة التنفيذ؟!.