قائد الطوفان قائد الطوفان

ذي غارديان: قرار المحكمة الجنائية ينهي عقوداً من الإفلات من العقاب

الرسالة نت - وكالات

إنّ أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحقّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، تمثّل معلماً تاريخياً في الكفاح من أجل المساءلة عن جرائم الحرب.

بالنسبة لقيادة "إسرائيل"، ينهي عمل المحكمة الجنائية الدولية عقوداً من الإفلات من العقاب ويتحدّى ما يصفه المنتقدون بـ "درع الحصانة" الإسرائيلي القديم. وكانت ردود الفعل متوقّعة: أدان نتنياهو قرار المحكمة الجنائية الدولية ووصفه بأنه "معادٍ للسامية"، في حين أشادت حماس بمذكّرات الاعتقال ضد قادة "إسرائيل" باعتبارها "سابقة تاريخية مهمة".

وتوفّر ولاية المحكمة الجنائية الدولية على غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية الأساس القانوني لهذه الخطوة الجريئة. ولكن الاختبار الحقيقي لهذه المذكّرات يقع على عاتق الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية البالغ عددها 124 دولة، والتي تلتزم قانوناً باعتقال المتهمين ونقلهم إلى لاهاي. والفشل في التصرّف من شأنه أن يفضح القانون الدولي باعتباره واجهة، ويقوّض مصداقيّته ويسمح للدول القوية وحلفائها بدوس العدالة من دون عقاب. إنّ تنفيذ هذه المذكّرات ليس مجرد التزام قانوني، بل هو ضرورة أخلاقية لدعم مبدأ مفاده أنّ أيّ زعيم ليس فوق القانون.

إنّ هذا التفويض يتطلّب المساءلة الفردية ومسؤولية الدولة، ويحظر على الحكومات مساعدة أو تمكين جرائم الحرب المزعومة. وتواجه حكومة المملكة المتحدة انتقادات بسبب دعمها لـ "إسرائيل"، التي يقول الناشطون إنّها تنتهك القانون الدولي منذ فترة طويلة. ويتعيّن على العديد من الدول الأوروبية التي دافعت عن تحرّك المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتن أن تواجه الآن التزاماتها تجاه "إسرائيل". والفشل في تنفيذ أوامر الاعتقال يخاطر بخيانة الالتزامات وتأكّل الثقة في العدالة المتعددة الأطراف. وسوف يختبر اتساق ردودها التزامها بالقانون الدولي.

ومثل "إسرائيل"، لا تعترف الولايات المتحدة بسلطة المحكمة الجنائية الدولية. ويبعث رفض واشنطن الطويل الأمد لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية، إلى جانب التهديدات بفرض عقوبات على الدول المتعاونة، برسالة مقلقة: وهي أنّ القانون الدولي لا ينطبق إلّا على الدول الأضعف، وليس على القوى العالمية أو حلفائها. وتؤدّي مثل هذه المعارضة إلى إضعاف نظام العدالة العالمي وتشكّك في المبادئ التي تدّعي الولايات المتحدة دعمها لها. والجرائم التي تشكّل محور هذه الأوامر هي من بين أخطر الانتهاكات للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك التجويع كسلاح حرب والهجمات المتعمّدة على المدنيين. وعندما تكون مثل هذه الأفعال ممنهجة وتقودها الدولة، فإنّها تستوجب المساءلة. ويشكّل سعي المحكمة الجنائية الدولية إلى تحقيق العدالة اختباراً لعزم المجتمع الدولي على دعم هذه المعايير في مواجهة المقاومة السياسية.

إنّ هذه اللحظة تمثّل أكثر من مجرّد إجراء قانوني؛ إنها تشكّل تحدياً أساسياً للنظام الدولي. وتشير تصرّفات المحكمة الجنائية الدولية إلى أنّه حتى أقوى الدول يجب أن تحاسب على انتهاكات القانون الإنساني. وإذا فشلت الدول الأعضاء في التصرّف، فإنّها تخاطر بجعل القانون الدولي بلا معنى. والاختيار واضح: إما التمسّك بمبادئ العدالة والقانون أو قبول عالم تحدّد فيه القوة الإفلات من العقاب. والتمسّك بهذه المبادئ أمر ضروري لنظام دولي عادل حيث يحمي القانون الجميع، وليس الأقوياء فقط. وتتضمّن أوامر المحكمة الجنائية الدولية رسالة قوية: يجب أن ينتهي عصر الإفلات من العقاب بلا رادع عن جرائم الحرب.

البث المباشر