بقلم: م. كنعان سعيد عبيد
غَريبٌ أن تُشتَق معاني سياسية من أفلام توم وجيري الكرتونية ولكن ليس غريباً أن نُقارن بين واقع حاولت أن تَفرِضُه مؤسسة الإنتاج لكي تجعل من الفأر جيري بطلَ جميع الحلقات دون منازع وتجعل من القط توم المضروب على قفاه المطرود استغباءً.
لستُ حَكماً بينهما، ولكن استوقفني فشل المنتج على مدار أكثر من سبعين عاماً أن يجعل من الفأر ضيفاً مُرَّحَباً به في بيوتنا أو حتى يخرجه من دائرة المحكوم عليه بالإعدام دون محاكمة، هي (إسرائيل) من بداية حلقة الاحتلال تُخرجها دائرة الإعلام الصهيونية بثوب غير التي يعرفها العالم على مدار الأزمان، وتقدمها بصورة لا تشبه شايلوك في مسرحية تاجر البندقية لشكسبير، أو كأنه الضيف المرحب به في المطاعم التي كانت تكتب ممنوع دخول الكلاب واليهود.
لم يكن اليهود في أوروبا إلا تلك الشخصية الشايلوكية المنبوذة، لا أعطي الفأر شخصية شايلوك بقدر ما قصدت عمليات التجميل والترغيب التي تسوقها الماكينة الإعلامية لتجعل من (إسرائيل) فأراً غير الذي نعرف، أو تاجر بندقية غير ما أراد شكسبير في مسرحيته.
لقد اخترقت (إسرائيل) جدار مصر والأردن في عملية سلام لم تكن سوى مع نظامين دون الشعوب التي رفضت (إسرائيل) والتطبيع كرفضها الاستئناس بوجود فأر في منزلها.
كما كانت اتفاقية أوسلو أفضل عملية تجميل لوجه (إسرائيل) القبيح في تاريخها، كان بطلها منظمة التحرير الفلسطينية وشهد عليها العالم في صالون مدريد, وأيضا كانت انتفاضة الأقصى وحرب غزة أسوأ عملية تقبيح في تاريخ (إسرائيل) كان بطلها المقاومة والصمود.
ولعل العالم بدأ يتحرر من فلسفة مخرجي أفلام توم وجيري وقوانين اللاَّسامية التي فرضتها الأنظمة الغربية قهراً على شعوبها وأصبحت (إسرائيل) الكيان المسخ المنبوذ حسب استطلاعات الرأي التي أجرتها مراكز الأبحاث العالمية وكما كانت (إسرائيل) الغائب الحاضر في جميع الثورات العربية الكبرى لتصب عليها لعنة بني (إسرائيل) الذين قال الله فيهم "لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل..."، وقال تعالي فيهم "ليبعثن عليهم من يسومهم سوء العذاب إلى يوم القيامة... وجعل منهم القردة والخنازير" وليس بعيداً حملات التضامن العربي وقوافل أحرار العالم التي تزور غزة والتي لا تُخفي نظرتها عن (إسرائيل) ككيان واجب الزوال في وقت يكون بيننا من يشذ عن التاريخ والثقافة والحقيقة ليقدم (إسرائيل) شريك أرض وشريك سلام وأبناء عمومة.