مصطفى الصواف
أمن مصر هو أمن لفلسطين، وامن فلسطين هو أمن لمصر، قبلنا بذلك أو لم نقبل، قبلت به مصر أو لم تقبل، هذه حقيقة ثبتت عبر قرون طويلة وهي ليست وليدة الظروف الحالية التي يمر بها قطاع غزة أو منطقة سيناء.
الحكومة المصرية أو مجلسها العسكري يقوم بحملة أمنية داخل سيناء في ضوء التطورات الأمنية الخطيرة التي شهدتها العريش وبعض مدن شمال سيناء، وسيناء هي مدخل لأمن مصر واستتباب الأمن في هذه المنطقة الجغرافية المترامية الأطراف هو جزء من استتباب الأمن في كل مصر وله انعكاسات كبيرة على الأمن في قطاع غزة وفلسطين كون القطاع الأقرب إلى سيناء من أية مدينة مصرية، ولكون قطاع غزة وفلسطين تقع تحت الاحتلال (الإسرائيلي) الذي يمكن أن يتخذ من البعض ذريعة للقيام بزعزعة الأمن المصري في سيناء والعمل بعيدا عن القانون بل وضد النظام في مصر ليس بهدف تحرير فلسطين بقدر ما هو تحقيق لمصالح بعض الفئات أو التوجهات الدولية والإقليمية.
الحملة الأمنية المصرية ( نسر) ما لم تمس الأنفاق الفلسطينية والتي تشكل شريان الحياة لقطاع غزة نتيجة الحصار تعتبر حملة مطلوبة وضرورية خاصة أن هناك طبقة تشكلت في السنوات الأخيرة في سيناء باتت تشكل حكومة داخل حكومة، بل قد يكون تأثيرها أكبر من الحكومة المصرية المكبلة باتفاق كامب ديفيد والبعيدة عن الوصول إلى المكان في الوقت المناسب، لذلك كله نرى أن من حق الحكومة المصرية وأجهزتها الأمنية أن تقوم بالإجراءات التي تحقق أمنها وامن حدودها وامن مواطنيها بعيدا عن المس بالأنفاق التي تربط ما بين قطاع غزة وسيناء والتي في تستخدم في أغلبها لإحضار أغراض إنسانية بحتة وإن وجدت بعض الأنفاق ذات الأهداف المشبوهة إلا أنها محدودة التأثير وملاحقتها مستمرة الأمر الذي يشل أهدافها ويجعل تأثيرها محدودا جدا.
هناك تطمينات من قبل جهات عدة في الجانب المصري سياسية وأمنية تؤكد على أن حملة (نسر) ليس الهدف منها الأنفاق، مطلوب منا أمام هذه التأكيدات أن نأخذها على محمل الصدق؛ ولكن هذا لا يمنع المراقبة لما يجري في سيناء دون التدخل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لان المصلحة المصرية تقدرها الحكومة وأجهزتها المختلفة، وموضوع الأنفاق أمر يمكن الاتفاق عليه بين الجانبين، لان هذه الأنفاق ليست هدفا في ذاتها بل هي وسيلة لتحقيق هدف هو كسر الحصار المفروض على غزة.
الحكومة المصرية الحالية تفهم هذا الأمر وتعي حقيقة هذه الأنفاق، ولو أرادت التخلص منها لا اعتقد أن الحكومة في قطاع غزة سترفض ذلك؛ ولكن مقابل التخلص منها لابد من فتح المنافذ التجارية مع الجانب المصري عبر الطرق والوسائل المختلفة التي تضمن حرية التجارة بين قطاع غزة ومصر، بما يحقق الهدف الذي تحققه هذه الأنفاق وهو كسر الحصار وإمداد القطاع بكل احتياجاته الإنسانية حتى لا يبقى رهينة في يد الاحتلال الصهيوني.
يجب ألا نقلق كثيرا من الحملة الأمنية المصرية في سيناء؛ ولكن هذا لا يمنع أن نكون على حذر شديد من أفكار للبعض في قوى الأمن المصرية تهدف إلى تشويه صورة الوضع المصري القائم الآن وتفكر بطريقة النظام البائد خدمة لمصالح أمريكية صهيونية، ثقتنا بالشعب المصري كبيرة، وسيكون الحارس للمصالح المصرية والفلسطينية وستقف إلى جانبنا لو حدث أي مكروه يمس الأمن الغذائي الفلسطيني في قطاع غزة.