قائمة الموقع

مقال: الأخطاء القاتلة في تقرير "بالمر"

2011-09-07T17:00:32+03:00

 الرسالة نت - ترجمة خاصة

الخطأ الأكثر أساسية في "تقرير بالمر" المختص بالتحقيق في اعتداء أسطول الحرية في 31 مايو عام 2010، هي النظرة العوراء  لمسألة الأمن، والثاني هو تجاوز الشروط المرجعية، أو (Terms of Reference (TOR))

فبينما يؤكد التقرير، بل و ويذهب بالتفصيل حول حق "إسرائيل" في الأمن، بمنع إطلاق النار من الأسلحة المهربة إلى قطاع غزة، والتي أدت إلى مقتل 25 "إسرائيليا" منذ العام 2001، فإنه-التقرير- يتجاهل تماماً الحق الغزي، أو الفلسطيني في الأمن، ويتجاهل اعتداءات الجيش "الإسرائيلي" التي لا تعد ولا تحصى على غزة، والتي وفقا لمؤسسة "بتسيلم" الإسرائيلية لحقوق الإنسان فإن "إسرائيل" قتلت أكثر من 4500 فلسطيني.

 يكفي أن الأسبوع الماضي وحده، قد شهد 41 غارة جوية "إسرائيلية" أدت إلى مقتل 17 آخرين، ويتجاهل ذات التقرير الاجتياحات الإسرائيلية المستمرة، وعمليات التوغل المخالفة للقانون الدولي في الأراضي الفلسطينية، والتي تعد خرقا لنحو 80 قراراً لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. 

إن كان الغرض من تقرير بالمر –كما يدعي- هو "تجنيب وقوع حوادث مماثلة في المستقبل"، فإنه من الأولى، والأكثر ملاءمة، أن يعالج التقرير الأسباب الجذرية لهذا الحادث، والذي هو الاحتلال "الإسرائيلي" غير الشرعي للأراضي الفلسطينية، والاعتداءات العسكرية المستمرة على قطاع غزة، حتى الأسلحة بين الطرفين –غير متناسبة-، ففي حين أن الفصائل في غزة تستخدم أسلحة محلية الصنع، وغير دقيقة، وغير فعالة، مما يؤدي إلى وقوع إصابات أو حالات وفاة تكون نادرة، فإن "إسرائيل" تستخدم أسلحة عالية التقنية، ودقيقة وفعالة بشكل وحشي، وتكون تلك الأسلحة غير مشروعة، طالما أنها تشوه وتقتل.

السبب والنتيجة

كان من الأفضل أن ترغم" لجنة بالمر"، والأمم المتحدة "إسرائيل" على احترام القانون الدولي، على النحو المنصوص عليه فيما يقارب 80 قرارا لمجلس الأمن، والعديد من الاتفاقيات الدولية، بدلا من القيام بمراجعات كتب غير ذات صلة، تعطي "إسرائيل" مزيداً من السلاح، لشرعنة الإبادة الجماعية.

لا بد من التأكيد على أن كلا من الصواريخ التي تطلق على "إسرائيل" من غزة، والجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لتخفيف المعاناة الناجمة عن الحصار الجائر على القطاع، ما هي إلا النتائج التي تتدفق مباشرة من الأسباب الجذرية، والتي هي رفض "إسرائيل" المتواصل والمستمر للاعتراف بالقانون الدولي، أو حتى حدود دولية تحدد أراضيها.

إنفاذ وتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي، لا تمجيدٍ "لمراجعة كتاب" هو المطلوب "لتجنب وقوع حوادث مماثلة في المستقبل".

الحصار البحري الواقع خارج الصلاحيات الإقليمية

حقيقة، إنهم يغفلون على نحو غريب العديد من المداولات القانونية التي تشرعن الحصار البحري على غزة، والغريب والغير متناسب هنا، أن الهجوم على (مافي مرمرة)، تم على بعد 72 كيلومترا بحريا من الساحل و 64 ميلا بحريا من منطقة الحصار البحري، وهذا يتجاوز مجرد "فرض حصار بحري مشروع"، والذي يمتد من الساحل إلى خارج إقليم صلاحيات تطبيق الحصار البحري إلى المياه الدولية، بمسافة تقدر بأكثر من 20 ميلا بحريا.

وهذا يعد خرقا خطيرأ وكبيرا للقانون الدولي، حيث اختارت لجنة بالمر، ألا تناقش هذا الموضوع أبدا، والذي يفيد مباشرة في "تجنيب وقوع حوادث مماثلة في المستقبل"

مبررات غريبة

وأحد المبررات الأخرى التي تعتبر الأكثر غرابة، وتبرر الحصار البحري على غزة، هو ما ذكر في الفقرة 78 بالحرف الواحد: "أن احتمال تسليم إمدادات كبيرة إلى غزة عن طريق البحر، احتمال ضئيل جدا، بسبب عدم وجود ميناء مناسب".

وبينما تم ذكر هذا الأمر، فكان الاحتمال ضئيلا جداً أيضا، أن تذكر اللجنة أن هذا الميناء وكافة مرافقه، قد تم تدميرها من قبل "إسرائيل" في العام 2001.

لقد استخدم هذا المنفذ البحري في غزة منذ آلاف السنين من أجل إيصال "الإمدادات بكميات كبيرة" من غزة إلى أوروبا، والعكس.

لقد استخدم الغزيون هذا الميناء قبل وقت طويل جدا، حتى قبل أن يسكن البشر في نيوزيلندا، وكانوا لا يزالون يفعلون هذا حتى أواخر القرن الماضي، -لقد تحدثت مع رجال من غزة في الخمسينات من أعمارهم، يستحضرون هذه الذكريات، منذ كانوا أطفالا-.

توصيات

أي مصداقية متبقية، فإنها قد دمرت بعد هذا البيان الغريب في الفقرة 154، الذي يقول: "... وقد اتخذت حكومة إسرائيل خطوات هامة لتخفيف القيود المفروضة على البضائع التي تدخل قطاع غزة منذ وقوع الحادث في 31 مايو 2010 ".

وأما بما يتعلق بمحاولة عدم تكرار ذلك في المستقبل، فإن التوصية الأكثر غرابة في الفقرة الرابعة تنص على ما يلي :"..وينبغي على جميع البعثات الإنسانية الراغبة في مساعدة سكان غزة القيام بذلك من خلال الإجراءات المعمول بها، ومن خلال على المعابر البرية المعنية، بالتشاور مع كل من حكومة إسرائيل والسلطة الفلسطينية".

ولم تتجاهل اللجنة ما يحدث على أرض الواقع من نتائج ما يسمى "تخفيف لقيود"  كما ذكرت العديد من المنظمات غير الحكومية، بل وتجاهلت  أيضا تقديرات الأمم المتحدة، ففي مارس 2011 أصدر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" موجزا جاء فيه : "لقد زاد التخفيف الجزئي للقيود من توافر بعض السلع الاستهلاكية والمواد الخام... ولكن نظرا للطبيعة المهمة للقيود المتبقية، والتي لم تخفف، فإن هذا الاسترخاء لم يسفر عن تحسن كبير في معيشة الغزيين".

وذهب إلى القول: "أنه على الرغم من توافر مئات أفكار مشاريع خدمات المياه و الصرف الصحي و التعليم والصحة، فإن المنافع المحتملة لهذه المشاريع وتنفيذها مرة واحدة، ضئيلة، بسبب التأخير المتكرر في التنفيذ، ولهذا فإن السكان لم يشهدوا –حتى الآن- أي تحسن في نوعية الخدمات".

أخيراً، فإن كثيرا من تصريحات المشاركين الإسرائيليين والأتراك الواردة في ملحق التقرير تشير إلى أن كثيرا من القرارات قد اتخذت على أساس انتقائي، وعن سبق إصرار، متجاوزين الشروط المرجعية، كما ذكرت سالفا، في النظر بعين واحدة في تطبيق حقوق الإنسان، والأمن، والدفاع عن النفس، وتقديم المساعدات الإنسانية متى وحيثما تطلب الأمر.

والأهم من هذا، هو الإدانة الانتقائية لصواريخ غزة محلية الصنع، في حين فشلوا في إدانة "إسرائيل" لاستخدامها أسلحة محظورة ضد الأهداف المدنية في ممارسة واضحة وبالدليل الدامغ من العقاب الجماعي للسكان المحاصرين، شيء لا يصدقه العقل حقاً!

* جولي ويب بولمان هي ناشطة و كاتبة نيوزيلندية، تسكن حاليا في قطاع غزة، وقد كتبت في مواضيع العدالة الاجتماعية والسياسية المستقلة، لموقع الأخبار النيوزيلندي SCOOP منذ عام 2003، فضلاً عن مواقع الانترنت في استراليا وكندا والولايات المتحدة، وأميركا اللاتينية، وقد شاركت في العديد من بعثات مراقبة حقوق الإنسان.

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00