قائد الطوفان قائد الطوفان

صراع بين النموذجين التركي والسعودي

"الربيع العربي" إسلاميّ في عيون الصحافة الأميركية

الرسالة نت - وكالات

فيما ما تزال الكثير من أحداث «الربيع العربي» في حالة مدّ وجزر لم تحسم بعد، وفي ظل احتدام الصراع بين الأنظمة القديمة والحركات الثورية الصاعدة، انصرفت الصحافة الأميركية لتحلل سقوط الأنظمة العربية الحاكمة، وإحالة أمور السلطة لأنظمة أخرى، على ضوء الصراع الدائر بين «القوى الإسلامية» نفسها، بتجاهل للتيارات العلمانية والليبرالية المتعددة على مساحة الأقطار العربية المنتفضة. 

وتنطلق صحيفة «نيويورك تايمز» من حديث أحد شباب السلفيين، خلال مشاركته في إحدى تظاهرات ميدان التحرير في القاهرة: «أليست الديموقراطية هي حكم الغالبية؟ الإسلام هو الغالبية، لا أعلم لماذا يصر العلمانيون على فرض إرادتهم علينا». التحليل الأميركي خرج بعيداً عن الصراع بين العلمانيين والإسلاميين على حكم البلاد الثائرة. واتخذت من كلمات عزّام تميمي، الباحث التونسي المتخصص في شؤون الإسلام السياسي، محورا رئيسيا لتحليلها: «المعركة الحقيقية لن تكون بين من هو إسلامي أو علماني، بل بين من هو إسلامي ومن هو أكثر إسلاميّة». 

وأشار التقرير إلى أن التجاذب الأساسي في وسط الإسلاميين يدور بين قطبين: المملكة العربيّة السعودية، حيث تعد الشريعة الإسلامية المصدر الوحيد للتشريع، وتركيا، التي أصبح بعض الإسلاميين يطلقون على قادتها «إسلاميين سابقين». علماً بأن التجربة الأخيرة بدا وكأنها نالت النصيب الأكبر من الاستقطاب، مثلاً في حالة حركة «النهضة» في تونس، ولدى شباب جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، اللتين تسعيان لتأسيس نظام «مدني بمرجعيّة إسلاميّة». 

أولى التجارب الإسلاميّة التي تلقي الصحيفة الأميركية الضوء عليها، كانت من نصيب حركة النهضة التونسية، وتعتبر أنها تأثرت كثيراً بتجربة حزب العدالة والتنميّة التركي. وهو ما تجلى في أحاديث راشد الغنوشي، زعيم الحركة، عما قدمه حزب العدالة والتنميّة من رخاء اقتصادي، وحياة ليبرالية سليمة، تحت إشراف سياسيين لديهم معتقدات إسلاميّة راسخة. وقال الغنوشي «إذا كانت الحركة الإسلاميّة تمتد من أفكار بن لادن وحتى رجب طيب أردوغان، لماذا لا أحد يفكر سوى في النموذج الأول فقط، وفي حركة طالبان والمملكة العربية السعودية؟»، مؤكداً أن أنظمة تركيا، ماليزيا وإندونيسيا هي امتداد للأفكار الإسلاميّة، واستطاعت إدارة أنظمة مدنيّة بنجاح. 

على الصعيد المصري، ألهم النموذج التركي العديد من الأطراف الإسلاميّة. كان أولها جماعة «الإخوان المسلمين»، التي سرعان ما تحوّلت من موقع المدافع عن «العدالة والتنميّة» إلى منتقده، خاصة عند زيارة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان لمصر، والتي تمنى فيها تأسيس نظام مصري علماني، فشنّت الجماعة هجوماً عنيفا ضده، ومن أبرز ما قاله المتحدت باسمها محمد غزلان «تركيا ألغت عقوبة جريمة الزنا، ربما يجوز هذا في النظام العلماني، لكنها جريمة واضحة في الشريعة الإسلاميّة». 

جماعة «الإخوان»، التي لم تجب حتى الآن عن السؤال الذي طرحته قبل سنوات، حول جواز تولي المرأة أو الأقباط رئاسة الجمهورية، وإن كان هذا مسموحاً في أحكام الشريعة الإسلاميّة. 

وكانت الجماعة قد فصلت من صفوفها العديد من الأصوات الأقرب للنموذج التركي، كالقيادي والمرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية عبد المنعم أبو الفتوح، إضافة إلى مجموعة من الشباب الذين انصرفوا لتأسيس حزب جديد، منتقدين نظام المملكة السعودية. كان أحد قيادييهم، إسلام لطفي قال عن النظام هناك «هذه ليست إسلامية، بل دكتاتورية فاقعة». 

نموذج مصري آخر هو حزب الوسط، الذي عانى لست عشرة سنة ليحصل على ترخيص من النظام السابق. نقلت الصحيفة عن زعيمه أبو العلا ماضي «نحن في الوسط بين القوى الإسلامية والليبرالية.. نحن لسنا إسلاميين ولا علمانيين. نحن نقف في المنتصف». 

سوريا، لم تغب عن تحليل «نيويورك تايمز»، التي رأت أنها ستشهد جدلا واسعا بعد إسقاط النظام الحالي. خاصة بين جماعة «الإخوان المسلمين» والتيارات السلفية، التي تدعو لحصر التشريع الدستوري في أحكام الإسلام. واختتمت الصحيفة تحليلها بأن «الجدل الإسلامي-الإسلامي» سيكون أكثر سخونة في الدول العربية مقارنة بالوضع التركي. خاصة في ظل غياب التيارات الليبرالية عن الساحة السياسية، وتعدد التيارات الإسلامية من النقيض للآخر. 

«واشنطن تايمز» من جهتها ركزت على الشأن الليبي، والذي يبدو أنه الأكثر حساسيّة، لما تراه من تواجد ملحوظ لـ«القاعدة». ونقلت الصحيفة عن مصدر بين الثوار قوله إن «قطر أرسلت باخرة محملة بالسلاح لعبد الحكيم بلحاج، قائد الثوار في طرابلس. وكانت من بين بواخر أخرى نقلت مواد غذائية للثوار». 

تعاون قطر مع بلحاج يأخذ قضية صعود الإسلاميين لرأس السلطة إلى اتجاه آخر غير محتمل في مصر وتونس. عبد الحكيم بلحاج، وفق الصحيفة، هو من أبرز رموز «القاعدة» في ليبيا. وكان قد سبق له تأسيس «الجماعة الليبية المقاتلة»، التي أعاد تأسيسها هذه الأيام. وكان قد اعتقل من قبل الاستخبارات المركزية الأميركية في تايلاند في العام 2004، قبل أن يرحل إلى السجن في ليبيا. 

مساعدة قطر لبلحاج، لم تثر شكوك البعض، بقدر ما أثارت تحليلاتهم لهذا الموقف، الذي بات شبه مؤكد. محمد بن رسالي، عضو «مجلس الاستقرار الليبي» يستنكر: «لا نعلم لماذا تساعد قطر رجلا مثل بلحاج، الجميع يعرف توجهاته». أما شهرزاد قبلان، الصحافية الليبية التي أقامت في قطر لسنوات، فقالت «لا أظن أن دعم قطر لبلحاج يعني أنها ستدعم التيارات الإسلاميّة. في النهاية الامارة بعيدة عن هذه التوجهات». 

دبلوماسي أوروبي، لم تكشف «واشنطن تايمز» عن هويته، قال «كل ما في الأمر أن قطر تريد زيادة نفوذها الإقليمي. وتريد طرح اسمها على جدول المجتمع الدولي».

المصدر: السفير

 

 

البث المباشر