م. كنعان سعيد عبيد
هي السياسة بامتياز.. فرضت واقعا في غزة ليس كمثله مثل، ولعل الأضداد في معترك العملية السياسية فرضوا واقعا يجعلك تتعايش مع الحياة بألوان السياسات، ولعل أحدنا يعيش يومه بسيادة ثلاث حكومات وحكومة.
تعيش غزة تحت سيادة حكومة حماس على ظاهر الأرض وباطنها من أنفاق وسراديب، ولـ(إسرائيل) سماء غزة وبحرها، كما تعيش غزة بجزئيات غير قليلة تحت سيادة سياسة فياض، فهو رئيس وزراء المستنكفين في وزارتي الصحة والتعليم ونجم التوقيت الصيفي في بنوك غزة وجامعة الأزهر، وهو ملك الظلام في قطع الكهرباء عن غزة وأمير تحويلات المرضى الموتى، ويتألق أبو مازن وأعلام فتح في بعض أعراس غزة على نغمة "اذبح" ورقصة "ولّعت".
ولعل وكالة الغوث لها شأن خاص في استغلال الظرف السياسي لتشكل حكومة عسكرية للاجئين وتعلن أحكاما أشبه بالعرفية في محافظات غزة تمنع بعدها حكومة غزة من التدخل في المخيمات، وتمنع اللاجئين من الانتماء لحماس، وتهدد بسحب بطاقة لاجئ وحرمان من "كارت التموين" كل من لا يعترف بـ(إسرائيل) أو بمذابح الهولوكوست.
إن المتتبع لسياسة وكالة الغوث يسجل بداية فلتان أمني تمارسه الوكالة عبر إرهاب نفسي منظم وأجهزة أمنية "تعسسية" خاصة تتتبع تحركات الموظفين علها تظفر بأحدهم متلبسا برد السلام على من تعتقد أنه إرهابي.
إن إجبار الموظفين بالتوقيع على وثيقة يتعهد فيها الموظف بعدم الاندماج في العمل النقابي والخيري هو احتلال جديد وسيادة دكتاتورية جديدة على أهل غزة وتستلزم موقفا لا يشبه الانتظار الأبدي على عادة إدارة الأزمات ولا يتأوَّل تحمل ظروف المرحلة.
ولعل موظفي الوكالة هم الأوْلى في الحفاظ علي كينونتهم وكبريائهم المستهدف، ويتطلب هذا منهم صمودا جماعيا ضد إجراءات لا نشك في أنها من أخوات إجراءات الاحتلال لقهر الفلسطينيين حتى وكأن (إسرائيل) بدأت تعود إلى غزة عبر بوابة وكالة الغوث بعد أن خرجت مدحورة بالمقاومة.
ولا بد من وقفة وطنية شاملة من الحكومة وكل القوى الفلسطينية والنقابات ضد نهج وكالة الغوث لتعلم أن "غوثهم المزعوم" ليس بأعز من كرامتنا وشخصيتنا الفلسطينية المقاومة والعزيزة.
ولا يخفى ما تمارسه بعض الجمعيات الإغاثة الأجنبية من استقلالية الحكم الذاتي في إدارتها وانعزالها عن قوانين البلد، وكذلك شروطها المجحفة في المساعدات والتوظيف التي تطلب لها براءة لسابع جيل من تهمة حماس أو ما يغضب (إسرائيل).. منظومة تذكرنا بجمعيات الإغاثة سيئة الصيت في دارفور حين أوشكت أن تعلن "دولة جمعيات الإغاثة".