الرسالة نت – " خاص "
في حديثه مع إحدى وسائل الإعلام المحلية قبل عدة أشهر كان الحاج عبد القادر ينظر حائرا حوله وكأنه يستقي الكلمات من الفراغ المخيف الذي تحول إليه المنزل، يصيغ كلامه بشكل متعثر ويحاول جاهدا أن يجيب على أسئلة الصحفي الذي سأله عن ولديه ياسر وهشام اللذين غيبتهما الزنازين في ظل أحكام خيالية.
ولم يكن حينها يعرف الحاج كيف يجيب على سيل الأسئلة، فالمنزل بات فارغاً كئيباً باردا من دون نجليه، كيف يصف ما آل إليه حاله وهو يتمنى مجرد أمنية أن يرى ولو لمرة واحدة ولديه قبل أن يتوفاه الله؟ كيف يصف حياة لا طعم لها في بُعد الابنين تحت سياط السجان؟
ولكنّ الحاج عبد القادر الآن بات أقوى رجل على الكلام في قريته المزرعة الشرقية شرق مدينة رام الله، بعد أن أدرج نجلاه ياسر وهشام حجاز في قائمة "الوفاء للأحرار"..
"أقبّل أياديهم"
هذه المرة لم يتكلف الحاج جهدا في البحث عن الكلمات، فأضحت كالسيل على لسانه تتخللها كلمات الشكر والعرفان لفصائل المقاومة.
ويقول لـ"الرسالة نت" إن نبأ التوصل إلى اتفاق حول صفقة التبادل كان مفاجأة لذوي الأسرى كلهم وخاصة أولئك القدامى في السجون، موضحاً أن العائلة لم تصدق في البداية تلك الأنباء ولكنها تأكدت منها وأيقنت أنها حقيقية بعد خطاب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل.
ويبين الوالد الذي فقد زوجته حين كان أطفاله صغارا أن غياب نجله ياسر عن المنزل عام 1990 بسبب اعتقاله كان فاجعة لكل أفراد العائلة، حيث كان في العشرين من عمره وقتها، ثم جاء اعتقال شقيقه هشام في بداية انتفاضة الأقصى ليزيد الجرح العميق.
ويضيف:" حكم على ياسر بالمؤبد وعلى هشام بعشر مثلها، وكنا نظن أنه لن يفرج عنهما أبدا مع أننا لم نفقد الأمل بالله، ولله الحمد فقد تجدد الأمل مع أسر شاليط وعاد ليأخذ مكانه مع التوصل لاتفاق بشأن الصفقة، بودّي أن أقبّل أيادي رجال المقاومة وتلك السواعد المجاهدة، لا أدري ما هو شعوري وكيف سيكون اللقاء؟!".
وحيا الوالد فصائل المقاومة التي قامت بأسر الجندي شاليط وأسر الشهداء الذين سقطوا خلال تلك العملية، مؤكدا أنها "صفقة العمر" وأن أهالي الأسرى فخورون بها وإن لم تشمل كل السجناء، إلا أنها وحسب وصفه صفقة تعيد إلى الأهالي الحياة والأمل بعد غياب لسنين طويلة.
ورغم الفرحة التي يشعر بها الحاج إلا أنه أصدر تعليماته لكل أفراد العائلة بعدم تجهيز أي شيء إلا حين يرى ولده ياسر خارج السجن ويحتضنه، أما هشام فصدر قرار بإبعاده إلى تركيا وكذلك زوج ابنة الحاج الأسير القسامي أحمد النجار من قرية سلواد.
أما شقيقة الأسيرين وزوجة الأسير النجار والتي ذاقت المر خلال السنوات الماضية أكدت على فرحتها الشديدة بصفقة التبادل واصفة إياها بالماء التي سقت النباتات العطشى منذ سنوات.
وذكرت أم إباء لـ"الرسالة نت" أن الاحتلال كان اعتقل زوجها وهي حامل بابنتها عام 2003، ثم هدم منزلها وفوق ذلك أصيب زوجها بمرض السرطان في حنجرته مما أدى إلى فقدان قدرته على النطق نهائيا، مشيرة إلى أن كل هذه الآلام ستطوى بمجرد الإفراج عنه.
وتابعت:" نحن لا نجد الكلمات المناسبة لوصف الصفقة والقائمين عليها، ولله الحمد فكل ما دعونا الله به استجيب لأننا لم نفقد ثقتنا بالله وكنا نعلم أنه لن يخذلنا لصبرنا واحتسابنا، الوضع لدينا لا يوصف وكل أفراد العائلة مبتسمين وكأنهم في عرس".