قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: تحقق وعدك يا ياسين

كمال عليان

بمجرد أن أعلنت كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس عن انجاز صفقة تبادل الأسرى، حتى تذكر الشعب الفلسطيني بشريات الشيخ الشهيد أحمد ياسين -مؤسس حماس- ومقولته المشهورة: "سنخرج أسرانا غصب عنهم، إحنا بدنا أولادنا يروحوا"

وبعد أعوام طويلة من هذا الوعد الذي لطالما كانت تصدح به حنجرته، جاء "الوعد الصادق" من رجال  حركته عندما أسروا الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط، في عملية معقدة عام 2006، ليتم مبادلته هذه الأيام مقابل 1027 أسيراً من سجون الاحتلال.

وطالما أكد الشيخ الياسين - رحمه الله- أن حركة حماس ملتزمة بتحرير كل أسير فلسطيني من سجون العدو، وشدد في أكثر من مناسبة على أن تحرير الأسرى لن يتم إلا عن طريق أسر الجنود الصهاينة ومبادلتهم بأسرى فلسطينيين.

وتكمن أهمية نداء الشيخ الذي طالب فيه فصائل المقاومة بالعمل على أسر جنود "إسرائيليين"، أن الأسرى لا يخرجون إلا بقوة السلاح.

ومن يرجع إلى تاريخ كتائب القسام يجد أنها نفّذت عشرات المحاولات لأسر جنود، ولكن قدر الله ألا يكتب النجاح لهذه المحاولات بإتمام صفقة تبادل مشرفّة، وبعد فشل تلك المحاولات خرج الشيخ بكلمات ملؤها التفاؤل وطمأن بها مجاهدو القسام بأن الله سيكتب لهم في المرّة المقبلة النجاح.

وقال الياسين كلماته المشهورة: "إحنا مستعدين لنأسر، ومستعدين نحرر قدسنا... والذي لا ينجح اليوم سينجح غدا...ممكن تفشل 10 عمليات وتنجح عملية لكن في النتيجة سننجح، وسنخرج أسرانا غصب عنهم ، إحنا بدنا أولادنا يروحوا".

وكانت (إسرائيل) وحركة حماس أعلنتا التوصل لصفقة تبادل برعاية مصرية الثلاثاء الماضي، تبدأ بالإفراج عن 450 أسيرًا وتسليم الجندي (الإسرائيلي) جلعاد شاليط للوسيط المصري، ثم يطلق سراح 550 أسيرًا بعد ذلك بشهرين.

وفي عام 1989م رفض الشيخ أحمد ياسين اقتراحًا اسرائيليًا بإطلاق سراحه من السجن مقابل الكشف عن جثة الجندي الاسرائيلي "ايلان سعدون" الذي تم اسره وقتله ولم يعرف مكان دفن جثته آنذاك.

وقال الضابط الاسرائيلي الذي كان مسئولا عن الشيخ ياسين : "قال لي الشيخ ذات مرة: انت تعرف مدى قسوة شروط اسري واشتياقي للحرية ولا يوجد احد في العالم مطلع على الحقيقة مثلك، وتعرف حجم اشواقي الى احفادي ومحبتي لهم، وحلمي بشم رائحتهم ولكن الاقتراح بمبادلتي بجثمان مهين ومرفوض".

ومن المواقف التي يذكرها أحد مرافقيه في السجن وهو الشيخ عاهد عساف قائلا: (للشيخ المجاهد أحمد ياسين مواقف عزة وكرامة، منها عندما حضر احد ضباط الموساد إليه وقال له إن كتائب القسام تطالب بإطلاق سراحك في بيان نشر من بيروت مقابل الكشف عن جثة الجندي ايلان سعدون, فرد عليه الشيخ بعزة وكرامة: أنا لا اقبل على نفسي أن يفرج عني مقابل جثة.

يذكر أن الشيخ أحمد ياسين قد اعتقل عام 1983 بتهمة حيازة أسلحة، وصدر بحقه حكماً بالسجن لمدة 13 عاماً، لكن أفرج عنه عام 1985م في إطار عملية تبادل للأسرى بين الاحتلال والجبهة الشعبية.

وفي 16 أكتوبر 1991م أصدرت إحدى المحاكم العسكرية حكماً بسجنه مدى الحياة، إضافة إلى 15 عاما أخرى، بتهمة التحريض على اختطاف وقتل جنود إسرائيليين، وفي عملية تبادل أخرى في أكتوبر 1997م جرت بين الاردن و(إسرائيل) في أعقاب المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في العاصمة عمان، أفرج عنه وعاد إليه حريته منذ ذلك التاريخ.

إذن.. كلمات الشيخ "ياسين" التي تحدث بها بثقته العالية بنصر الله وبقوة الفكرة التي يؤمن بها، تجعل من يسمعها اليوم يشعر بأن الشيخ حي فينا ولم يغب بل حاضرا بكلماته.

البث المباشر