قائد الطوفان قائد الطوفان

"قاهرة السعدي".. اسم على مسمى

القدس – الرسالة نت

لعل ملامحها الأولى التي خرجت بها على آلاف الفلسطينيين المستقبلين لمحرري "وفاء الأحرار" كانت تحكي حزناً عميقاً غرس في قلب أمٍ حرمت أبسط حق في ضم أطفالها طيلة عشر سنوات، ولعل تلك العبرات التي حفرت في وجنتيها علاماتٍ ستكون الأخيرة في ملف القهر والذل بل الأولى في ملف الحرية والنصر.المحررة قاهرة السعدي من مدينة جنين، لطالما امتلأت الصحف والمواقع الإلكترونية بأخبارها من وراء القضبان وهي تعاني مرارة القيد، وكم بكت أعين لحالها وهي تشتاق أطفالها.

الحكم المؤبد ثلاث مرات و30 عاما لم يجد يوماً في قلبها مكانا لإيقاع الألم، فقاهرة اسم على مسمى قهرت السجان وهي تخبره يوميا بأنها ستعود إلى منزلها كلما هددها بأنها لن ترى أطفالها.

وتقول لـ"الرسالة نت" إنها لم تفقد الأمل يوما في الإفراج والتحرر من سجون الاحتلال، وإنها لحظة الحكم عليها بهذه السنوات الخيالية أيقنت أنها لن تقبع في السجون أعواما طويلة لأن ثقتها بالله أولا وبجنده ثانيا كان كبيرا، أكبر من جبروت المحتل".

وتوضح المحررة أن الشيء الوحيد الذي كان يزعجها أثناء سجنها هو عدم معرفتها تاريخ الإفراج عنها على عكس بقية الأسرى، مبينة أنها ورغم ذلك بقيت متمسكة بتقوى الله والدعاء والتضرع إليه بأن يفك أسرها ويعيدها إلى أسرتها، وهو الأمر الذي تحقق بعد عشر سنوات من الاعتقال.

أما عن يوم الإفراج عنها فلم تجد قاهرة كلماتٍ للحديث أو الوصف، بل إن المشهد الذي ارتسم فور رؤية أطفالها كان أعظم من أي كلمات لأن حالة من الإغماء أصابتها ولم تستيقظ إلا وهي محمولة على الأكتاف وسط مدينة رام الله من قبل عائلتها، وبقيت تردد :" كان الاحتلال يطلب إبعادي، لا أريد الإبعاد أريد العودة إلى منزلي".

ذاك المشهد هز مشاعر الحاضرين الذين بدأوا بالبكاء دون شعور، فوالدة حرمها المحتل من أطفالها طيلة هذه الفترة وعادت لاحتضانهم في قلب وطنها رغم أنفه محررة بالقوة ليس شيئا نراه يوميا.

وتؤكد قاهرة شكرها العميق للمقاومة الفلسطينية التي استطاعت أن تحرر هذا العدد من الأسرى المحكومين بالسجن المؤبد وبأحكام خيالية، والتي تمكنت من قهر معايير السجان وتذويبها رغم التهديدات على مدار سنين طويلة.

وتتابع:" كان حالنا في الأسر يرثى له، فشكرا للمقاومة التي مرغت المحتل، وأثبتت أنه لا يفهم إلا لغة القوة، أريد الآن أن أعوض أطفالي عن السنوات التي حرمتُ خلالها منهم ولا أفكر بشيء أفعله حاليا إلا أن أبقى إلى جانبهم وأعوضهم الحرمان الذي ذاقوه".

وكانت الأسيرة المحررة السعدي اعتقلت في 8/5/2002 بتهمة الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي ومساعدة استشهاديين في الوصول إلى الأراضي المحتلة عام 1948 حيث حكمت بالسجن المؤبد ثلاث مرات و30 عاما، وهي متزوجة ولديها أربعة أطفال.

البث المباشر