قائمة الموقع

أنيس منصور.. رحلة الأدب والصحافة

2011-10-22T19:30:21+02:00

القاهرة-الرسالة نت

نعت الساحة الثقافية في مصر الكاتب الصحفي أنيس منصور، الذي شكل موهبة أدبية وصحفية كبيرة، وفرض الراحل نفسه طوال مسيرته الإبداعية كواحد من جيل الرواد في الصحافة المصرية، وامتدت إسهاماته ونتاجاته المتنوعة في الصحافة والفكر والأدب لعقود.

عايش منصور -الذي توفي عن 87 عاما- أزهي عصور الصحافة المصرية وساهم في بنائها مع جيل الرواد بالعمل الصحفي أمثال محمد التابعي ومحمد حسنين هيكل والأخوين علي ومصطفي أمين وجلال الدين الحمامصي وأحمد بهاء الدين وغيرهم.

وإلى جانب الصحافة برع الكاتب الراحل في أدب الرحلات، وألف كتبا عديدة نذكر منها: "بلاد الله لخلق الله"، "غريب في بلاد غريبة"، "اليمن ذلك المجهول"، "أنت في اليابان وبلاد أخرى"، "أطيب تحياتي من موسكو"، "أعجب الرحلات في التاريخ"، "حول العالم في 200 يوم" الذي يُعد الأكثر انتشارا.

تنوع وغزارة

وامتدت رحلته مع صاحبة الجلالة إلى العديد من الجرائد والمجلات في أكثر من مكان، ومثل عموده "مواقف" في الأهرام أحد أبرز الأعمدة الصحفية متابعة لدى القراء الذين اختلفوا حول مضامينه، لكنهم يتفقون على قدرات كاتبه المتميزة وأسلوبه البسيط ولغته الواضحة السلسة وتنوع ما يطرحه من قضايا.

واقترب منصور من الرئيس الراحل أنور السادات، خاصة في أهم أحداث حياته في حرب أكتوبر/ تشرين الأول واتفاقية السلام مع (إسرائيل)، ويرى مثقفون أنه كان مؤيدا مبادرة السلام والتطبيع مع (إسرائيل)، وكان يقوم بأدوار دبلوماسية متعددة وغير رسمية بين السادات والإسرائيليين.

ويقول أستاذ النقد الأدبي بجامعة عين شمس د. صلاح فضل إن منصور بدأ حياته معيدا بقسم الفلسفة بآداب عين شمس، ثم خرج في الجامعة مؤثرا عليها الصحافة، ونجح كثيرا في مخاطبة عقول الشباب تحديدا، حتى أصبح من أكثر الكتاب رواجا.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن منصور شرع في تحقيق مواهبه الأدبية في ثلاثة اتجاهات متزامنة، عبر ممارسته للتحقيقات الصحفية، فكان يجوب الأرض زائرا كثيرا من البلدان ليكتب عنها، والتقط بحسه الصحفي عجائب ونوادر وحكايات طريفة ألف كتبا حولها، منها "حول العالم في 200 يوم" وغيرها، لاقت رواجا كبيرا.

ويشير فضل إلى أن الكاتب الراحل بدأ في الستينيات في ترجمة عدد من المسرحيات الأجنبية، ثم مارس كتابة السير الشخصية والذاتية، ومنها كتابه الشهير "في صالون العقاد.. كانت لنا أيام".

مثقف كبير

ومن جهته يرى الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة د. شاكر عبد الحميد أن منصور هو أحد كبار المثقفين، وقد علم وثقف أجيالا من خلال كتاباته وترجماته عن الفكر والفلسفة والمسرح، وبسطها للقارئ العادي بلغته الرشيقة والمتدفقة بسلاسة شديدة الوضوح.

وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن كتابة منصور الصحفية اتسمت بالتنوع وغزارة المعلومات والقدرة العالية على جذب القارئ بطرائف وصور بلاغية جميلة، إضافة إلى أنه كان متنوع الاهتمامات ومتدفق الكتابة ومطلعا على أحدث الكتب ومشجعا للأجيال الجديدة على القراءة، وله بصمات أدبية مهمة.

وأضاف أن معظم أفكاره المجددة كانت عن الفلسفة الوجودية المنتشرة بفرنسا بعد الحرب العالمية الثانية، وكان منصور مؤيدا للتطبيع وذهب مع الرئيس السادات للكيان الصهيوني فيما سمي "مبادرة السلام" عام 1977.

تدفق وبساطة

وبدوره أكد نقيب الصحفيين السابق مكرم محمد أحمد أن منصور كان أحد صحفيي مصر الكبار، وواحدا من الكتاب القلائل الذين استطاعوا التواصل مع الأجيال الشابة الجديدة، ونجح في تثقيف المصريين بغزارة وتنوع، من خلال رحلاته حول العالم، واحتكاكه بثقافات وحضارات إنسانية عديدة، جعلت له جمهورا كبيرا من الشباب.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن قلم منصور تميز  بالتدفق والقدرة على التبسيط، مما مكنه من توصيل أفكار كثيفة مثل الأديب الكبير عباس العقاد إلى قراء وجماهير واسعة.

واستطاع -والحديث للنقيب السابق- أن يبسط كثيرا من الفلسفات المعقدة، وكانت حياته حافلة لآخر يوم، كاتبا ساخرا ومبدعا وبديعا، زاوج بين الثقافة والصحافة وبين الفلسفة والفكر، كمثقف وكاتب متعمق ورشيق سوف يفتقده قراؤه كثيرا.

وأشار النقيب السابق إلى أن منصور كان غزير الكتابة، تربو مؤلفاته على أربعين كتابا، وله حكايات مزج فيها الواقع بالخيال، والسخرية بالفلسفة، كشخصية تتميز بنسيج واحد يضم كل هذا، ولذلك يصعب أن يكون له شبيه، أو أن تتكرر شخصيته، ونحتاج ربما إلى قرن كي نجد مبدعا مثله.

خفيف الظل

أما رئيس المركز القومي للترجمة د. فيصل يونس فيرى أن منصور كان بالأساس صحفيا وكاتبا متميزا وناجحا وخفيف الظل، أكثر منه دارسا متعمقا.

وأشار يونس في حديثه للجزيرة نت إلى أن منصور له بعض الترجمات الجيدة، وله دور كبير في تقبل العامة لأدب الرحلات، لكنه لم يكن مفكرا أو أديبا من الوزن الثقيل.

وأكد يونس أن منصور كان حكاء متميزا يبسط الصعب للقارئ العادي، مثل الموضوعات المعقدة في الفلسفة الوجودية، وقضايا لم تكن محل إقبال من الصحفيين، بلغة سلسة وواضحة ومباشرة.

المصدر: الجزيرة 

اخبار ذات صلة