فايز أيوب الشيخ
لا ترى حركة فتح غضاضة في التراجع عما تم الاتفاق عليه بالقاهرة مع حركة حماس في السابع والعشرين من شهر إبريل الماضي، فها هي اليوم تعلن على لسان رئيس وفدها للحوار عزام الأحمد أنه لن تكون هناك مصالحة إلا بعد إجراء الانتخابات في فلسطين، وهذا ما اعتبرته الفصائل الوطنية والمراقبون تراجعا فاضحا ينم عن عدم جدية فتح في المصالحة، "وخطوة لإفشال اللقاء المرتقب -الشهر المقبل- بين عباس ومشعل في القاهرة".
وشهدت القاهرة في الرابع من أيار/مايو2011 احتفالا رسميا بتوقيع اتفاق المصالحة بين حركتي حماس وفتح لإنهاء أربعة أعوام من الانقسام بحضور أمناء الفصائل الفلسطينية ومسؤولين عرب ودوليين، حيث نصت النقاط الرئيسة للاتفاق على تشكيل حكومة فلسطينية من شخصيات مستقلة تتولى الإعداد للانتخابات والتعامل مع القضايا الداخلية الناجمة عن الانقسام الفلسطيني على أن يتلو ذلك إعادة إعمار قطاع غزة ورفع الحصار المفروض عليه وتوحيد مؤسسات السلطة في الضفة وغزة.
اقتراح..
وفي السياق لم ينفِ د. نبيل شعث -عضو اللجنة المركزية لحركة فتح- تصريحات الأحمد حول إجراء الانتخابات قبل المصالحة، وقال: "كل ما هنالك أن عباس اقترح تقديم موعد الانتخابات وذلك لتسريع خطوات تشكيل حكومة منتخبة ودائمة وليست مؤقتة"، مستدركا: "لكن هذا موضوع يجب الاتفاق عليه".
وذكر شعث في حديث لـ"الرسالة نت" أن اللقاء المرتقب بين مشعل وعباس في القاهرة سيبحث هذا المقترح والقضايا العالقة كافة، متمنيا حدوث اختراق وتوافق على كل الملفات من أجل الإسراع في تطبيق خطوت المصالحة.
وفي سياق آخر يرى شعث في إنجاز صفقة التبادل بين حماس والاحتلال فرصة إيجابية لإنجاز المصالحة الوطنية قائلا: "نحن نرى في عملية تبادل الأسرى نصرا وطنيا وإنجازا كبيرا؛ فقد أعاد من جديد الفرحة إلى قلوب الملايين من أبناء شعبنا".
الاتفاق رزمة واحدة
حركة حماس اعتبرت من جانبها وعلى لسان القيادي البارز فيها د. محمود الزهار تصريحات الأحمد تعكس عدم الرغبة في تنفيذ الاتفاقية، وأشار الزهار إلى أنه لا يمكن أن تجري انتخابات ويقبل بها الأطراف إلا بعد تنفيذ الاتفاق بكامله، "وهو تشكيل حكومة ولجنة ومحكمة انتخابات متوافق عليها".
وفي الإطار أكد القيادي في الحركة د. صلاح البردويل أن التوقيع على اتفاق المصالحة في القاهرة جاء رزمة كاملة، "ومن ضمنه ما يتعلق بالانتخابات.
وشدد البردويل لـ"الرسالة نت" على أنه لا يمكن أن تجرى الانتخابات بدون مصالحة قائلا: "من المستحيل أن تعقد الانتخابات في ظل حالة الخصام والقمع الأمني في الضفة وغيرها من الممارسات الحاصلة".
وأشار إلى أن لقاء مشعل بعباس في القاهرة لم يحدد له موعد بعد، معربا عن اعتقاده -في حال تم تحديد موعد- أن اللقاء لن يشهد طفرة أو اختراقًا كبيرا، مضيفا: "لا نريد أن نرفع سقف التوقعات ونحبط الشعب الفلسطيني إذا لم يحقق اللقاء نتائج إيجابية".
واعتبر القيادي في حماس أن حركة فتح والسلطة -حتى اللحظة- لم تبديا التفاعل الحقيقي مع المصالحة، "وذلك على ضوء الارتباط السياسي بالمفاوضات مع الاحتلال وفي ظل الإجراءات القمعية التي تجري في الضفة والتي لا تنبئ بأي بوادر إيجابية اتجاه تحقيق الوحدة".
وحول أجواء الفرح التي عمت فلسطين بإنجاز صفقة التبادل التي من المفترض أن تُستغل لإنجاز المصالحة علق البردويل: "الأمر مناط بإحساس السلطة بالأسرى وبالشارع الوطني وبأن القرار يجب أن يكون مشتركا (...) السلطة وحركة فتح لا تؤمنان بالشراكة في المقدرات ولا في القرار الفلسطيني، وبهذا فهما لا يجدان أي حرج في أن تقلب الطاولة على كل الاتفاقات طالما أن السلطة مرتبطة بعملية سياسية مع الاحتلال".
وأضاف: "عباس أثناء حديثه عن لقائه بمشعل يقول إن الحكومة حكومته والبرنامج برنامجه، مما يدلل على أنه يذهب للمصالحة والشراكة وهو غير مؤمن بها (...) تفسيرهم للشراكة هو إلحاق حماس بهم رغم أن الأخيرة على رؤوس الأشهاد في العملية الانتخابية وهم لا يريدون أن يقنعوا أنفسهم بذلك للأسف".
قلب للحقائق
حركة الجهاد الإسلامي أبدت بدورها استيائها من تراجع حركة "فتح" عن التوافق الوطني الذي جرى في القاهرة، وذكرت على لسان القيادي بالحركة د. خضر حبيب أن تصريحات الأحمد تعتبر قلبا للحقائق وتسويفا لا مبرر له، "ولا يخدم المصالحة أو قضايا شعبنا الفلسطيني التواق لمعالجتها".
وأشار حبيب في حديثه لـ"الرسالة نت" إلى أهمية أن تسود أجواء الوحدة، "وبعد ذلك تأتي كل الأمور التي جرى الاتفاق على تنفيذها بما فيها الانتخابات"، مشددا على أن الساحة الفلسطينية في أمس الحاجة للشروع في حوار وطني شامل لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني ورسم آفاق المستقبل الفلسطيني، "والتوافق على مشروع سياسي موحد".
وبخصوص الصفقة اعتبر -هو الآخر- أن صفقة "الوفاء للأحرار" "أضفت أجواء إيجابية، "ويجب استغلالها من أجل البدء في الحوار الوطني الشامل ومعالجة كل القضايا التي تهم الوضع الفلسطيني".
وفي سياق ذي صلة شدد حبيب على أن ممارسات أجهزة السلطة في الضفة لا تخدم المصالحة ولا تخدم الوضع الفلسطيني، وقال: "كنا نتمنى أن تحتفي هذه الأجهزة مع أبناء شعبنا بالمحررين حتى يشعروا أن هناك سلطة وطنية وأجهزة وطنية تسهر على حمايتهم.. لكن للأسف.. العكس هو الذي حصل ولا يمكن وصفه بأي أوصاف إلا أنه فاضح ومخزٍ ولا يجب أن يحصل بأي حال من الأحوال".