قائد الطوفان قائد الطوفان

راشد الغنوشي.. صانع الملوك

الرسالة نت - وكالات

أصبح راشد الغنوشي الزعيم التاريخي للحركة الإسلامية التونسية الذي عاش حياة المنفى في بريطانيا 20 عاما، في موقع "صانع الملوك" إثر الفوز الكبير الذي حققه حزبه حركة النهضة، في أول انتخابات حرة تشهدها تونس في تاريخها بعد تسعة أشهر من الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي.

والغنوشي الذي عدّ لفترة طويلة "متشددا" مقربا من جماعة الإخوان المسلمين المصرية، أصبح يقدم نفسه بعد عودته الى تونس في يناير/كانون الثاني على أنه معتدل يقود حزبا شبيها بحزب العدالة والتنمية في تركيا.

وأكد زعيم النهضة منذ عودته إلى تونس أمام الصحفيين القول "لست مثل الخميني، لدينا حزب إسلامي ديمقراطي"، وقد عمل طيلة سنوات المنفى خارج البلاد على محو كل أثر "للتطرف" في خطابه.

وفاز حزب حركة النهضة في انتخابات 23 أكتوبر/تشرين الأول التاريخية في تونس وسيكون له 90 عضوا في المجلس التأسيسي المؤلف من 217 عضوا، لتكون له بذلك اليد الطولى في تحديد سياسة البلاد.

وقد أعلن الحزب وجود 42 امرأة من بين أعضائه الـ90 في المجلس، وأكد الغنوشي مرارا آخرها الجمعة أن حزبه لن يمس بمكتسبات المرأة التونسية ووضعها الأكثر تقدما في العالم العربي منذ إقرار مجلة الأحوال الشخصية قبل 55 عاما التي منحت المساواة للمرأة في الحقوق والواجبات.

ويصعب تخيل الغنوشي البالغ من العمر 70 عاما، النحيل البنية بملامح المثقف المسالم، أنه الرجل الذي أثار خوف النظام التونسي إلى درجة أن الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة رغب في رؤية "حبل المشنقة يلتف حول رقبته"، ثم أرغمه بن علي على المنفى منذ 20 عاما.

نبذة تاريخية

ولد الغنوشي في مدينة الحامة بولاية قابس جنوب شرقي تونس في 22 يونيو/حزيران 1941 في أسرة متواضعة. واتجه نحو الدراسات الدينية، وبعد حصوله على إجازة في الفقه الإسلامي في تونس سنة 1962 عمل مدرسا في مدينة قابس.

 ويقول مقربون منه إنه كان "متعطشا للمعرفة ومتأثرا جدا" بالأفكار القومية العربية.

غادر البلاد لمتابعة تحصيله العلمي في القاهرة ثم في دمشق، حيث نال شهادة في الفلسفة، وبعد فترة قصيرة أمضاها في فرنسا عاد إلى تونس نهاية الستينيات ليكتشف مجتمعا منطلقا على درب تشكيل خليط من الحداثة والعلمانية.

وعبر عن مواقفه الرافضة لهذا التوجه بخطب شديدة اللهجة في بداية السبعينيات دعا فيها إلى تطبيق الشريعة الإسلامية وفرض الأخلاق في مجتمع كان يراه فاسدا.

ثم أسس مع بعض رفاقه مطلع 1981 حركة الاتجاه الإسلامي التي تحولت لاحقا إلى حركة النهضة.

وبدأ الغنوشي يثير قلق السلطة واتهم بتأجيج اضطرابات، فحكم عليه بالسجن أول مرة 11 عاما في نهاية 1981، ثم بالأشغال الشاقة المؤبدة في مطلع 1987.

ومن المفارقات أن تولي بن علي السلطة في 1987 أنقذه، فقد عفا عنه في 1988 في أجواء من الانفراج السياسي تلت التغيير الذي حصل في رأس النظام.

وأصبح للحركة صحيفة الفجر التي كان يرأس تحريرها حمادي الجبالي الأمين العام الحالي لحزب حركة النهضة.

لكن شهر العسل مع النظام الجديد لم يدم طويلا، فبعد حصول النهضة على نحو 17% من الأصوات في الانتخابات التشريعية للعام 1989، بدأت رحلتها الطويلة مع قمع النظام.

وفي نهاية 1989 غادر الغنوشي تونس إلى الجزائر ثم إلى لندن في 1991، وحكمت عليه المحكمة العسكرية بتونس مع قيادات أخرى بالسجن المؤبد بتهمة "التآمر" ضد رئيس الدولة.

وعاد الغنوشي إلى تونس في 30 يناير/كانون الثاني 2011، ولم يترشح الغنوشي في انتخابات المجلس التأسيسي، كما أعلن أنه لن يترشح للانتخابات الرئاسية.

وردا على سؤال عما ينوي فعله في المستقبل وهل ينوي تولي أي منصب أجاب الغنوشي مازحا "لن أعاني من البطالة".

ويعقد حزب النهضة مؤتمره في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

البث المباشر