مصطفى الصواف
عدوان صهيوني جديد ومتواصل على قطاع غزة رغم فترة الهدوء التي سادت طيلة الشهور القليلة الماضية والتي فرضتها الحالة الفلسطينية في قطاع إرادتها المقاومة وتوافقت عليها لأسباب هي من يقدرها، ولكن العدو الصهيوني يبدو انه أراد أن يختبر المقاومة من خلال ارتكاب جريمة اغتيال خمسة من المجاهدين من سرايا القدس في غارة نفذتها طائرات الاستطلاع شمال غرب مدينة رفح جنوب القطاع.
قوات الاحتلال كانت تعلم أن قوى المقاومة لن تقف مكتوفة الأيدي، ولكنه كان يجهل طبيعة هذا الرد ونوعيته وشكله، والعدو كان يعتقد أن الرد سيقتصر على الفصيل المستهدف وهو سرايا القدس دون مشاركة من بقية قوى المقاومة الحية التي فاجأت العدو بكثافة النيران والرد المشترك من أكثر من فصيل مقاوم وكذلك من نوع الأدوات القتالية المستخدمة وعمق الأهداف التي شكلت أمرا غير متوقع من قبل الاحتلال جعلته يشعر بالقلق نتيجة حساباته الخاطئة للتصعيد.
ندرك أن ما لدى المقاومة الفلسطينية من إمكانيات لا يذكر بالنسبة لما لدى العدو من قدرات عسكرية هائلة ولكن العدو نسي أن الكرامة الفلسطينية وأن الدفاع عن النفس وعن الشعب مهمة غير مرتبطة بالقدرات ولكنها مرتبطة برد الاعتبار وعدم الخنوع أمام استفزازات العدو والتسليم له، بل كان لابد أن يدرك هذا العدو أنه سيواجه من المقاومة ردا بما لديها من إمكانيات وإن قلت وعظمت إمكانياته، فكان رد المقاومة مؤلما للاحتلال رغم محدودية الإمكانيات فسقط منهم قتلى وجرحى ودمار نتيجة فعل المقاومة التي أخذت على عاتقها الرد على التصعيد (الإسرائيلي).
حالة التهدئة التي كانت قبل التصعيد الأخير على القطاع يجب ألا تعني الركون إليها من قبل قيادات المقاومة والاطمئنان إليها والتحرك دون الأخذ بالأسباب واتخاذ الاحتياطات الأمنية اللازمة لان هذا العدو لا يؤمن جانبه هو بطبعه لا عهد له ولا وعد وما يحكمه هو المصلحة الخاصة إن تحققت فلن يتردد في ارتكاب جرائمه كما حدث في جريمة السبت وضد قيادات عسكرية من الصف الأول من سرايا القدس نحن لازلنا بحاجة لهم رغم إيماننا الشديد بقضاء الله وقدره ولكن الله يأمرنا بضرورة أخذ الحيطة والحذر (خذوا حذركم) أمر واضح من الله لنا بالحذر والحيطة التي أحيانا نغفلها فتكون نتيجتها مؤلمة وفاجعة وتشعر العدو بنشوة الانتصار.
الرد مسألة ضرورية والمقاومة لم تستسلم للعدو وردت على عدوانه وكان ردا غير متوقع منه سيجعله يعيد حساباته في المرات القادمة وربما يجعله يبحث عن وسيط يعيد الأمور إلى ما كانت عليه من حالة هدوء لأن جر المنطقة إلى مواجهة ساخنة ليس في مصلحة الاحتلال خاصة في ظل الوضع الإقليمي المتغير وغير الثابت إضافة إلى الوضع الدولي ناهيكم عن الوضع الداخلي (الإسرائيلي) رغم محاولة نتنياهو تصدير أزمته الداخلية في اتجاه التصعيد مع قطاع غزة.
المقاومة باتت في أمسّ الحاجة إلى ترتيب أوضاعها الداخلية وخاصة مسألة أن تكون هناك غرفة عمليات أو تفاهمات بصيغ تفهمها قوى المقاومة مع بعضها البعض على كيفية المواجهة ونوعية الردود وتوزيع المهام وغير ذلك من أمور تتطلبها عملية مواجهة أي عدوان أو تصعيد (إسرائيلي) جديد لأن المواجهة الفردية لا تناسب كثيرا الحالة الفلسطينية ووحدة الموقف وترتيب الأوضاع ضرورة ملحة لمقاومة منظمة وفي نفس الوقت تكون مؤثرة لا يستفرد فيها العدو بفصيل دون آخر.