"بلفور" لا زال حياً

غزة – الرسالة نت

يصادف اليوم الثاني من نوفمبر 2011، إعلان وعد بلفور المشؤوم الذي أطلقه وزير خارجية بريطانيا في حينه آرثر جيمس بلفور عام 1917، ليمنح يهود العالم بموجبه وطناً قومياً لهم في فلسطين.

وتولي (إسرائيل) وعد بلفور أهمية خاصة، وتعتبره أحد المستندات القانونية التي تستند عليها وقد ضمّنت "وثيقة الاستقلال" إشارة واضحة إلى هذا الوعد، فقد نصّت على أن حق اليهود في "الإنبعاث القومي في بلده . . . إعترف به إعلان بلفور " .

وجاء وعد بلفور بعد مفاوضات إستمر ثلاث سنوات دارت بين الحكومة البريطانية واليهود البريطانيين والمنظمة الصهيونية العالمية قبل أن يخرج بشكل خطاب موجه من أرثر بلفور وزير الخارجية البريطانية يوم 2 تشرين ثاني 1917، موجه إلى اللورد روتشيلد وهذا نصه :

( يسرني جدا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود الصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته : إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل جهدها لتسهل تحقيق هذه الغاية على أن يفهم جليا أن لن يؤتى بعمل من شأنه أن يضير الحقوق التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين ولا الحقوق او الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى، أكون ممتنا لكم لو أبلغتم هذا التصريح إلى الإتحاد الفيدرالي الصهيوني )

ومن الجدير بالذكر أن نص تصريح بلفور كان قد عرض على الرئيس الأمريكي ولسون، ووافق على محتواه قبل نشره ووافقت عليه فرنسا وإيطاليا رسميا سنة 1918، ثم تبعها الرئيس الأمريكي ولسون رسميا وعلنيا سنة 1919، وكذلك اليابان.

وفي سنة 1920 وافق عليه مؤتمر سان ريمو الذي عقده الحلفاء لوضع الخريطة السياسية الجديدة لما بعد الحرب، وضمّنه قراره بإنتداب بريطانيا نفسها على فلسطين وفي سنة 1922، وافقت عليه عصبة الأمم وضمّن صك الإنتداب البريطاني على فلسطين .

أسباب وعد بلفور :

1- القيمة الإستراتيجية لفلسطين بإعتبارها بوابه العبور إلى أسيا كما وصف هيرتزل دور الدولة اليهودية في فلسطين بقولة : ( سنكون بالنسبة إلى أوروبا، جزءا من حائط يحميها من آسيا، وسنكون بمثابة حارس يقف في الطليعة ضد البربرية ).

2- محاولة بريطانيا كسب لتأييد الطوائف اليهودية في العالم لها في أثناء الحرب العالمية الأولى .

3- التخلص من موجات الهجرة اليهودية داخل أوروبا وتوجيهها إلى فلسطين .

4- إكتشاف حاييم وايزمن الصهيوني لمادة الأسيتون وصنع المواد المتفجرة التي ساعدت بريطانيا في الحرب العالمية الأولى.

ومن الناحية القانونية في الوجود البريطاني أثناء إعطاء الوعد هو وجود غير شرعي أصلا كونها دولة إحتلال ومن المتفق عليه قانونا أن الإحتلال لا يفيد بالملكية لذلك فبريطانيا العظمى لا تملك أرض فلسطين حتى تتكرم وتعطيها ليهود الأرض، لذلك إصطلح على تسمية هذا الوعد، وعد من لا يملك لمن لا يستحق.

وعد بلفور أو تصريح بلفور المعروف أيضاً بوعد من لا يملك لمن لا يستحق وذلك بناء على المقولة المزيفة أرض بلا شعب لشعب بلا أرض تطلق على الرسالة التي أرسلها آرثر جيمس بلفور إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.

ومنذ إطلاق هذا الوعد المشؤوم، وما ترتب عليه من تداعيات كارثية جراء تنفيذه من قبل العصابات الصهيونية، بدعم استعماري دولي فاضح، ما زال الشعب الفلسطيني وحتى هذه اللحظة يعيش ذات الظلم التاريخي الذي وقع عليه، ويواجهه إرهاب الدولة المنظم من قبل حكومات الاحتلال المتعاقبة .

إضافة لذلك فمنذ النكبة الكبرى في العام 1948، وما سبقها أو أعقبها من مجازر بحق شعبنا في كفر قاسم وقبية ودير ياسين والدوايمة.. وغيرها الكثير من المدن والقرى الفلسطينية، والتي أدت إلى تهجيره من أرضه وضياع حقوقه، ومن ثم نكسة حزيران 1967 التي أجهز فيها الاحتلال على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، وألحقها باحتلال أراض عربية مجاورة، إلى يومنا هذا .. والتي لم تتوقف عند حدود إمعان الحصار والإغلاق والجدار العنصري، وتشديد الحواجز وتحويل المدن الفلسطينية إلى كانتونات مغلقة ومعزولة عن بعضها .

وجراء تنفيذ هذا الوعد المشؤوم، مازال أكثر من ثلثي الشعب الفلسطيني يعيش في مخيمات اللجوء في الوطن والمنافي ومختلف أماكن الشتات المنتشرة على اتساع مساحة الأرض، وبغالبيته قد افتقد لأبسط حقوقه الإنسانية بعد أن انتزعت منه أرضه أملاكه في غفلة من الزمن، وبغير وجه حق، ومنذ ذلك التاريخ لم يوفر جهدا لعودته واسترداد حقوقه المسلوبة عبر مسيرة كفاح طويلة ومعقدة .

وفي الذكرى الثالثة والتسعون لصدور هذا الوعد المشئوم اكدت قوى وفصائل العمل الوطني الفلسطيني "أن كافة الوعود المزيفة، والمؤامرات والضغوط والعدوان المتواصل الذي يمارس على الفلسطينيين، لن يزيدهم إلا تمسكا بثوابته الوطنية، وحقوقهم المشروعة في العودة، والحرية، والاستقلال، وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس."

البث المباشر