غزة – الرسالة نت
يصادف اليوم الثاني من نوفمبر 2010، إعلان وعد بلفور المشؤوم الذي أطلقه وزير خارجية بريطانيا في حينه آرثر جيمس بلفور عام 1917، ليمنح يهود العالم بموجبه وطناً قومياً لهم في فلسطين.
وتولي إسرائيل وعد بلفور أهمية خاصة، وتعتبره أحد المستندات القانونية التي تستند عليها وقد ضمّنت "وثيقة الاستقلال" إشارة واضحة إلى هذا الوعد، فقد نصّت على أن حق اليهود في "الإنبعاث القومي في بلده . . . إعترف به إعلان بلفور " .
وجاء وعد بلفور بعد مفاوضات إستمر ثلاث سنوات دارت بين الحكومة البريطانية واليهود البريطانيين والمنظمة الصهيونية العالمية قبل أن يخرج بشكل خطاب موجه من أرثر بلفور وزير الخارجية البريطانية يوم 2 تشرين ثاني 1917، موجه إلى اللورد روتشيلد وهذا نصه :
( يسرني جدا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود الصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته : إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل جهدها لتسهل تحقيق هذه الغاية على أن يفهم جليا أن لن يؤتى بعمل من شأنه أن يضير الحقوق التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين ولا الحقوق او الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى، أكون ممتنا لكم لو أبلغتم هذا التصريح إلى الإتحاد الفيدرالي الصهيوني )
ومن الجدير بالذكر أن نص تصريح بلفور كان قد عرض على الرئيس الأمريكي ولسون، ووافق على محتواه قبل نشره ووافقت عليه فرنسا وإيطاليا رسميا سنة 1918، ثم تبعها الرئيس الأمريكي ولسون رسميا وعلنيا سنة 1919، وكذلك اليابان.
وفي سنة 1920 وافق عليه مؤتمر سان ريمو الذي عقده الحلفاء لوضع الخريطة السياسية الجديدة لما بعد الحرب، وضمّنه قراره بإنتداب بريطانيا نفسها على فلسطين وفي سنة 1922، وافقت عليه عصبة الأمم وضمّن صك الإنتداب البريطاني على فلسطين .
أسباب وعد بلفور :
1- القيمة الإستراتيجية لفلسطين بإعتبارها بوابه العبور إلى أسيا كما وصف هيرتزل دور الدولة اليهودية في فلسطين بقولة : ( سنكون بالنسبة إلى أوروبا، جزءا من حائط يحميها من آسيا، وسنكون بمثابة حارس يقف في الطليعة ضد البربرية ).
2- محاولة بريطانيا كسب لتأييد الطوائف اليهودية في العالم لها في أثناء الحرب العالمية الأولى .
3- التخلص من موجوات الهجرة اليهودية داخل أوروبا وتوجيهها إلى فلسطين .
4- إكتشاف حاييم وايزمن الصهيوني لمادة الأسيتون وصنع المواد المتفجرة التي ساعدت بريطانيا في الحرب العالمية الأولى.
ومن الناحية القانونية في الوجود البريطاني أثناء إعطاء الوعد هو وجود غير شرعي أصلا كونها دولة إحتلال ومن المتفق عليه قانونا أن الإحتلال لا يفيد بالملكية لذلك فبريطانيا العظمى لا تملك أرض فلسطين حتى تتكرم وتعطيها ليهود الأرض، لذلك إصطلح على تسمية هذا الوعد، وعد من لا يملك لمن لا يستحق.
وعد بلفور أو تصريح بلفور المعروف أيضاً بوعد من لا يملك لمن لا يستحق وذلك بناء على المقولة المزيفة أرض بلا شعب لشعب بلا أرض تطلق على الرسالة التي أرسلها آرثر جيمس بلفور إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
ومنذ إطلاق هذا الوعد المشؤوم، وما ترتب عليه من تداعيات كارثية جراء تنفيذه من قبل العصابات الصهيونية، بدعم استعماري دولي فاضح، ما زال الشعب الفلسطيني وحتى هذه اللحظة يعيش ذات الظلم التاريخي الذي وقع عليه، ويواجهه إرهاب الدولة المنظم من قبل حكومات الاحتلال المتعاقبة .
إضافة لذلك فمنذ النكبة الكبرى في العام 1948، وما سبقها أو أعقبها من مجازر بحق شعبنا في كفر قاسم وقبية ودير ياسين والدوايمة.. وغيرها الكثير من المدن والقرى الفلسطينية، والتي أدت إلى تهجيره من أرضه وضياع حقوقه، ومن ثم نكسة حزيران 1967 التي أجهز فيها الاحتلال على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، وألحقها باحتلال أراض عربية مجاورة، إلى يومنا هذا .. والتي لم تتوقف عند حدود إمعان الحصار والإغلاق والجدار العنصري، وتشديد الحواجز وتحويل المدن الفلسطينية إلى كانتونات مغلقة ومعزولة عن بعضها .
وجراء تنفيذ هذا الوعد المشؤوم، مازال أكثر من ثلثي الشعب الفلسطيني يعيش في مخيمات اللجوء في الوطن والمنافي ومختلف أماكن الشتات المنتشرة على اتساع مساحة الأرض، وبغالبيته قد افتقد لأبسط حقوقه الإنسانية بعد أن انتزعت منه أرضه أملاكه في غفلة من الزمن، وبغير وجه حق، ومنذ ذلك التاريخ لم يوفر جهدا لعودته واسترداد حقوقه المسلوبة عبر مسيرة كفاح طويلة ومعقدة .
وفي الذكرى الثالثة والتسعون لصدور هذا الوعد المشئوم اكدت قوى وفصائل العمل الوطني الفلسطيني "أن كافة الوعود المزيفة، والمؤامرات والضغوط والعدوان المتواصل الذي يمارس على الفلسطينيين، لن يزيدهم إلا تمسكا بثوابته الوطنية، وحقوقهم المشروعة في العودة، والحرية، والاستقلال، وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس."
فقد طالبت حركة المقاومة الشعبية كل المفاوضين وقف كل المفاوضات مع الإحتلال الإسرائيلي، وان يعودوا لصف الشعب وخيار الأمة في ضرورة المقاومة، إضافة لمطالبتها الدول العربية كافة باتخاذ المواقف الجادة والحاسمة من أجل مساندة فلسطين وإنهاء حصار غزة، ودعت بريطانيا تقديم اعتذار كامل عن هذا الوعد.
كما طالبت وزارة الثقافة في غزة بريطانيا بتقديم الاعتذار للفلسطينيين وتعويضهم وذلك في الذكرى الثالثة والتسعين لوعد بلفور الذي منح اليهود وعداً بإنشاء وطن قومي في فلسطين.
وقالت الوزارة في بيان صحفي لها "الثاني من تشرين ثاني/ نوفمبر 1917 كان يوماً مشهوداً في تاريخ الشعب الفلسطيني خاصة والمنطقة العربية عامة، هذا التاريخ المشئوم يوم أن أعلن وزير خارجية بريطانيا السابق (اللورد بلفور ) والذي أصدر وعداً لليهود بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين، وعداً ظالماً ممن لا يملك لمن لا يستحق".
وحمل البيان الحكومة البريطانية المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة وما ترتب عليها من جرائم ارتكبت على أيدي بريطانيا والعصابات الصهيونية، معتبرة أن هذا الوعد الجريمة وما ترتب عليه يستلزم من بريطانيا أن تقدم اعتذاراً واضحاً للشعب الفلسطيني، وتعويضاً كاملاً عما لحق به على مدار ثلاثة وتسعين عاماً من التشريد والمعاناة.
وطالبت الوزارة بريطانيا بالاصطفاف إلى جانب الحق الفلسطيني ووقف سياسة الانحياز إلى الكيان الصهيوني غير الشرعي.
وشدد البيان على أن فلسطين كل فلسطين هي حق كامل للشعب الفلسطيني، حق لا يقبل القسمة ولا يسقط بالتزامن، وأن هذا الكيان الغاصب إلى زوال.
من جهتها اكدت جماعة الإخوان المسلمون بالأردن على أن بريطانيا ما تزال مسؤولة عن جريمة وعـد "بلفور"، وما ترتب عليه من احتلال فلسطين وتشريد شعبها، وطالبتها بالاعتراف بجريمتها، وتصحيح ما ارتكبته من أخطاء فادحة بحق العرب والمسلمين.
وقالت الجماعة في تصريح صحفي الاثنين (1-11) بمناسبة الذكرى الـ93 لوعد "بلفور" المشؤوم، التي تحل غدا الثلاثاء (2-11): إن جريمة بريطانيا لا تسقط بالتقادم، وعلى كل حر وشريف في العالم أن يلاحقها في كل المحافل الدولية السياسية والقضائية وبكل السبل والوسائل المتاحة".
وأضاف: أن تهويد القدس وتغيير معالمها، وإلغاء حق العودة الذي اعترف به المجتمع الدولي لسبعة ملايين فلسطيني، ومحاصرة 1.7 مليون فلسطيني في قطاع غزة، وملاحقة المقاومة المشروعة للاحتلال في الضفة الغربية، والتهديد الذي ينذر بإخراج فلسطينيي الأراضي المحتلة (1948) من ديارهم بقانون يهودية الدولة، يعتبر استكمالاً لمؤامرة بريطانيا منذ وعد بلفـور".
وشدد البيان على أن التأسيس البريطاني لهذا الكيان العدواني، والرعاية الأمريكية الفائقة له، تؤكدان العقيدة العدائية والموقف التآمري لهما ضد أمتنا ومصالحها العليا.
ونـوه الإخوان إلى أن إصرار الغرب وعلى رأسه أمريكا وبريطانيا على جعل الكيان الصهيوني- بكل الوسائل غير المشروعة- جزءاً من العالم العربي والإسلامي، لن يجعل من الكيان حقيقة دائمة، ولن يمنحه الشرعية، وسيتم انتزاعه والإلقاء به خارج هذه المنطقة التي ترفضه جملة وتفصيلاً.
ودعا البيان الأمة إلى المطالبة بحقها ممن ظلمها ، وأن تسائله وتحاسبه، وأن تعيد تشكيل نفسها بالطريقة التي تحررها من دائرة التناحر والتنازع، وإعادة البناء والصمود أمام قوى العدوان، والتمسك بالحقوق، والاستعداد للوحدة والتحرير والنهوض.
وتعتزم الشخصيات المستقلة في الأراضي الفلسطينية تنظيم فعاليات تزامناً مع وعد بلفور يتضمنها وقفة صمت لمدة دقيقة رفضاً لوعد بلفور الذي أعطى اليهود وطناً في فلسطين.