رام الله- الرسالة نت
في ظل الحصار والظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطن الفلسطيني، وجد المواطن ياسر حمدان من النصارية الطريقة المثلى للتخلص من سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الثروة المائية، بزراعة أسماك في أحواض مائية يبنيها بنفسه.
ووجد حمدان ضالته عند تبني وزارة الزراعة ضمن إستراتيجيتها مشروع الإستزراع السمكي ’تربية الأسماك وتكثيرها’ لأول مرة في فلسطين، كمتنفس لدعم الاقتصاد الوطني المرتبط بشكل كبير بإسرائيل.
واعتمدت الوزارة في إطلاقها لهذا المشروع على إنشاء أحواض مائية للنهوض بالثروة السمكية، كبديل لفقدان أكبر مورد لتواجد الأسماك فيه وهو البحر الأبيض المتوسط، جراء سيطرة الاحتلال الإسرائيلي عليه بشكل مباشر في الأراضي المحتلة عام 1948، وغير مباشر في قطاع غزة حيث يعاني الصيادون شتى أنواع الممارسات الاستفزازية من قبل القوات البحرية الإسرائيلية التي يعج البحر بأساطيلها الحربية.
وقدم مدير مشروع الاستزراع السمكي محمد قمحية من وزارة الزراعة تفاصيل حول المشروع، حيث أوضح أن المشروع سينفذ بداية العام المقبل، وسيتم إنشاء ثلاث محطات إنتاجية، وعشرين بركة لتربية الأسماك في محافظات أريحا، ونابلس ’العقربانية، والنصارية، والباذان، وطوباس، والفارعة’، وجنين، وطولكرم، وقلقيلية، وستزود كل منها ببركتين تبلغ مساحة الواحدة من 110-120 كوب مياه.
وعن توقعاته لنتائج المشروع، أظهر قمحية أنه في السنة الأولى سيتم إنتاج 48 طنا من الأسماك، وسيزداد العدد إلى الضعف في السنة الثانية، نظرا للتربية الشبه مكثفة في السنة الأولى، مبينا أن الزيادة ستأتي من إثراء خبرة المزارعين وتجاوز المخاطر التي قد تواجههم في مراحل التربية الطويلة التي غالبا ما تكون فترة التربية فيها من 7-8 أشهر.
وأوضح أنه سيتم إعداد أنشطة تدريبية للمزارعين من ضمن كوادر الوزارة، وكوادر فنية خارجية لتدريبهم على أسس وطرق التربية قبل المباشرة بالعمل.
وأشار قمحية إلى أن المشروع دُعم من الحكومة البرازيلية بمبلغ 785 ألف دولار، وتم توقيع الاتفاقية بالتعاون مع وزارة التخطيط في آواخر شهر آذار، موضحا أنهم لم يتمكنوا من البدء بالعمل إلا بعد نهاية شهر آب الماضي.
وعزا التأخير في البدء إلى الإجراءات المعقدة بوزارة المالية، حيث تم تفعيل الحساب بعد توقيع الاتفاقية بوقت طويل، علما أنه لا توجد إمكانية لفتح حساب خاص لإيداع مساهمات المزارعين.
وحول العوائق الأخرى، بين أن لعدم الاستقرار السياسي دوراً في تعطيل المسيرة الاقتصادية الفلسطينية، حيث الحواجز العسكرية التي تعيق نقل أصبعيات الأسماك، وتؤدي إلى نفوق أعداد كبيرة منها، مشيرا إلى أنهم سيتخذون إجراءات للسيطرة على ذلك من خلال تزويدهم بأنابيب أكسجين.
وأشار إلى أن هناك مشروعاً آخر مدعوم من الحكومة الدنماركية، لإنشاء مفرخ لإنتاج الإصبعيات في أريحا بداية عام 2010 لتوريدها للمزارعين بسعر التكلفة تقريبا وبمواصفات فنية عالية الجودة.
كما سيتم إعادة تأهيل أربع برك ترابية مخصصة للري، لضمان تربية الأسماك فيها والحصول على أكبر فائدة من مياه الري في تربيتها، وري المزروعات بمياه غنية بالمواد العضوية مما يخفف عن المزارع أعباء مالية في تسميد الخضروات المثمرة التي يمتلكونها.
وقال إن الهدف الأساسي من هذا المشروع، هو نقل التكنولوجيا الحديثة والمعرفة حول الإستزراع السمكي بين الدول المشتركة، وتأهيل كادر من المزارعين لإنجاحه في فلسطين، ونقل التجربة بين الدول الأعضاء.
وبين أن الميزانية المخصصة للوزارة من قبل السلطة الوطنية لا تتجاوز 2% من ميزانية الدولة، موضحا تلقي الوزارة وعودا بإمكانية رفعها في عام 2010 إلى 8%.
وأكد أن هذه الميزانية المخصصة قليلة جدا مقارنة بالوزارات الأخرى، معتبرا وزارة الزراعة ’وزارة الدفاع الفلسطيني’، وعلى كافة المسؤولين تقديم يد العون لها.
بدوره، أشاد المهندس ياسر اشتيه مدير دائرة الاستزراع السمكي بوزارة الزراعة بهذا المشروع الذي اعتبره الأول من نوعه في فلسطين، ويساهم بشكل كبير في خفض معدلات البطالة، ويحافظ على العملة الصعبة، إضافة إلى أهميته في إدخال قطاع جديد غير موجود في فلسطين.
وأشار اشتيه إلى أن معدل استهلاك الفرد الفلسطيني للسمك لا يتجاوز 2.5 كغم سنويا، نظرا لارتفاع سعرالكيلو الواحد منه إلى 40 شيقلاً، على الرغم من توصيات منظمة الأغذية العالمية بتناول ’13 كغم’ منه للفرد الواحد، موضحا أن نسبة الاستهلاك للفرد الإسرائيلي تتراوح من 15-17 كغم.
وأكد أن الوزارة قامت بالماضي بمشاريع مشابهة، لكنها فشلت لأسباب تتعلق بقلة الخبرة والدراية الكافية لدى المزارعين، وضعف السوق.
ودعا اشتية المواطنين إلى الاعتماد على الصناعات المحلية والابتعاد عن المستورد منها، لإنعاش السوق الفلسطيني، وتناول الأسماك باستمرار لقيمتها الغذائية العالية ولحاجة الجسم لمكوناته الغنية.
أول قصة نجاح لتكاثر الأسماك في فلسطين وعن أول تجربة شخصية للإستزراع السمكي في فلسطين، سطر ياسر حمدان من بلدة النصارية شمال شرق مدينة نابلس، قصة نجاح اقتصادية مثمرة شهدت له وزارة الزراعة بها، حيث قام بإنشاء 10 أحواض مائية للاتجار بالأسماك، كخطوة بديلة للمصدر المائي الوحيد الذي يمكن للأسماك العيش فيه.
وقال حمدان إنه بدأ مشروعه منذ ثلاث سنوات، بعد أن قام ببناء بركة زراعية واحدة تحتوي على 500 سمكة بمجهوده الشخصي، تلاها بناء برك إضافية حتى بلغت 10 أحواض، ينتج كل حوض منها ما يقارب 900 كغم من السمك.
وأشار إلى أن قطر كل حوض يبلغ ستة أمتار وبعمق متر واحد، يتسع كل منها إلى 30 كوب من الماء، وشكلها مقعر من الداخل.
وأكد أن التكلفة الإجمالية لمشروعه وصلت إلى 75 ألف شيقل، حصل على جزء كبير منها بقرض من أحد البنوك.
وقال إن الكيلو الواحد من سمك المشط ’المفرز’ يبلغ سعره في السوق 25 شيقلاً، وانه قام ببيعه ’حي’ بـ20 شيقلاً.
وأوضح أنه فقد بالبداية 50% من كمية الأسماك، بسبب تراكم فضلاتها، وقلة الأكسجين المزودة به، لكنه استطاع تجاوز ذلك بتجميع الفضلات في مكان واحد وسحبها والتخلص منها مباشرة، كما تم تزويد الأحواض بأنابيب أكسجين كخطوة مهمة تضمن بقاءها على قيد الحياة، مشيرا إلى أنها بحاجة لدرجة حرارة لا تقل عن 25 درجة مئوية.
وأشاد حمدان بدور وزارة الزراعة في متابعة مشروعه باستمرار، وتقديم النصح والمشورة والتعليمات لضمان نجاحه.