بقلم : م. كنعان سعيد عبيد
عاش الشباب العربي نشوة لافتات أحمد مطر الشعرية أواخر القرن المنصرف والتي مثلت في حينها ربيع ثورة الشعر العربي في الوقت التي كانت سيقان الحسناوات وعيونهن قصائد شعراء الشعير على رواية احمد مطر.
ولعل الحالة البوليسية التي عاشتها الشعوب العربية والإسلامية جعلت قصيدة أحمد مطر "كلب والينا المعظم" على رأس لافتاته الشعرية والتي من أمثالها تتسمم كلاب الأنظمة حين نظم قصيدته:
كلب والينا المعظم
عضني اليوم ومات
فدعاني حارس الأمن لأُعدم
عندما أثبت تقرير الوفاة
أن كلب السيد الوالي تسمم
وكأن قدر هذه الشعوب أن تكون فريسة الأنظمة وكلابها، وأن تعيش حالة انعدام الإرادة والوعي، أو كأن الحرية هي الوصفة المسممة للأنظمة والتي يجب أن تغيب عن ثقافة الشعوب حفاظاً على كينونة الكلاب ألا تتسمم، وكما كان للوالي كلاب كان ولاة أمورنا كلاب أنظمة الاستعمار العالمي.
وقد جاءت ثورات الربيع العربي لتمتلئ مزابل التاريخ والجغرافيا بجثث الكلاب المسممة بداء الحرية والإرادة ولتعلن الشعوب عن تطهير البلاد من الأنظمة وكلابها وجرائها سبع مرات إحداهن بالتراب مستبعدين كل من له طرف خيط بعلاقة بالحزب الحاكم المُنحل.
ولأن للكلاب شكل ثعلبي نخشى أن تقع الثورات العربية فريسة لعبة الأمم في استبدال كلابها بثعالبها أو ربما بثعابين ترقص على أنغام حرية الشعوب.
وعلى أقطاب الثورات وخاصة الإسلاميين أن يدركوا أن الاستعمار لا ينتظر أن تخلو ساحات الشعوب من كلابهم وعليهم أن يحتاطوا لكل من يقتحم دوائر العمل السياسي الثوري متزيناً بأي شكل من أشكال تسويق الذات ويجب ألا تخلوا أي دائرة من دوائر صناعة القرار من أُمناء صيانة الثورة والحفاظ على ميثاق شرف للثورة يُجَرِّم كل مَن يَحيد قيد أنملة.
ولعل الولايات المتحدة هي الأكثر تصديراً لتلك الكلاب البشرية للوطن العربي ولعلها الأوقح في التخلي عن كلابها وكأنها على عداء أبدي معهم، وكان الأجدر بالثورات أن تعلن للجميع أن الثورة كانت ضد النظام المستبد كلابا ً كانوا أم مكلِّبين ولابد للدول الاستعمارية أن تدفع ثمن خطيئتها في دعم تلك الأنظمة، وأن طول عمر هذه الأنظمة كان وزراً من أوزار أمريكا وأخواتها ولابد للحركات الإسلامية من تبني ثقافة تربوية لا تشبه ثقافة الأبواب المغلَّقة تقوم على الندية مع الاستعمار والإمبريالية وتنذر بخسارة كل من ليس مع شعوبنا وتخرج الشعوب من دائرة ثقافة التخفي من البوليس إلى ثقافة الثورة هي البوليس.
ولابد أن تعلم (إسرائيل) أنها ستكون الكلب المُسَمَّم الأكبر وأن أمريكا قبل غيرها ستمارس هوايتها الوقحة في التخلي عن كلبها الأوقح إذا رأت منا أمة لم تضحك من عارها الأمم على رأي يوسف السباعي.