قائمة الموقع

التدخين.. "خلع" يتمناه الكثيرون

2011-11-22T08:23:31+02:00

غزة - هاني إبراهيم      

أعمارهم متفاوتة لكن هدفهم مشترك، فهم يحلمون به ليل نهار، وحالهم أفضل ممن يكابر على "الخطأ" ويبرره.. وما تبقى لهم -وفق وصف الشاب أحمد ناجي (15 عاما)- إلا إنشاء صفحة على (الفيس بوك) من أجل حلمهم: الإقلاع نهائيا عن التدخين.

"الرسالة" تجولت في بيوت عديدة للبحث عن بعض القصص المميزة والغريبة أحيانا لأناس قرروا وبكل حزم الإقلاع عما يسمونها "ورطة العمر"، وآخرين لم يفلحوا في ذلك.

*** لا أستطيع

الحالة التي يمثلها المراهق ناجي ليست كما تصف قواعد علم النفس بأن المدخنين فقط هم الذين يقعون ضحية للمشكلات الأسْرية؛ فالقائمة أوسع من ذلك وما زالت تكبر، فهناك من يسمون "أبناء الطبقة المترفة" والتي تتخذ من "النرجيلة" عنوانا أسبوعيا أو شبه يومي لها يداومون على هذه العادة "التدخين"، وآخرون يحثهم الفضول والفراغ والقدوة السيئة.

ويقول ناجي إن بدايات تدخينه كانت مقترنة بفضوله نحو هذه العادة التي يمارسها الكثير، متسائلا: "لم التدخين ممنوع عليّ والبيت -يقصد بيته- كله مدخنون؟".

وعند نيته لترك التدخين في الآونة القريبة علق:  "كنت بأنام على مخدة ولما فكرت أنام على مخدتين اخذت أسبوع  على عشان أتعود.. بدك إياني أسيب الدخان في شهر أو شهرين؟!".

يذكر أن التدخين في الأراضي الفلسطينية يستهلك ما متوسطه لإنفاق الفرد الشهري 5.4 دينار أردني على التبغ والسجاير في حين بلغ متوسط الإنفاق على التعليم 4.5 دينار أردني، و6.9 على الرعاية الطبية، وفق إحصاءات العام الماضي.

**** بعد 10 سنين

العنوان لا يشير إلى مدخن ترك التدخين بعد عشر سنوات، بل إن الأمر يبدو غريبا مع المواطن "أبو أحمد. د" (39 عاما). فقد بدأ التدخين منذ الثامنة عشرة وتركه في الخامسة والعشرين، وها قد عاد له في الخامسة والثلاثين بعد عشر سنوات من الإقلاع عنه ليكمل عادة وصفها بـ"السيئة"، والتي لا فكاك منها.

وعن هذا يعلق لـ"الرسالة": "لقد تركته عن قناعة تامة لكني عدت له بعد الفراغ العاطفي ولكثرة مشكلاتي في الحياة".

وقد تسبب الحالتان الأولى والأخيرة نوعا من الإحباط لمن يودّ ترك التدخين نهائيا بلا رجعة، لأن هذه الآفة سهلٌ الدخول إليها صعب الخروج منها.

**** تحقق لكن متأخرا

بيد أن الحاج أبو محمد -من شمال غزة- ترك التدخين وهو في عمر الستين بعد رفقة دامت 40 عاما؛ ليتمم بذلك حلما تمناه أبناؤه له بعد أن يأسوا من ترك أبيهم للسجائر بعد هذه العشرة الطويلة، كما يصفون.

وبهذا تكون قصة الستيني أبو محمد محفزا أكبر من أجل أن يعرف جزء كبير ممن يرغبون بترك التدخين أن العمر ليس هو الحاجز، بل إن إرادة المدخن وقوة عزيمته تساعدان على إنهاء هذه المعاناة التي ترافق جميع الأمراض المزمنة وغير المزمنة وتعزز من استفحالها.

***** حتى الفقراء

ويقول أحد أئمة المساجد من محافظة الشمال والقائم على جمع تبرعات لكثير من الفقراء إنه يستعجب كثيرا من حالات العائلات الفقيرة التي يشرف على مساعدتها بأن المعيل لها مدخن، "ومدخن شره"، مستغربا: "اعتقدت أن التدخين والفقر أعداء، لكن...!".

يشار أيضا إلى أن كثيرين من أزواج المدخنين وأبنائهم يعبرون عن تضايقهم الشديد من الأمر الواقع الذي يعيشونه باعتبار أن منزل المدخن تكون رائحة "عطره" -إن صح التعبير- هي رائحة الدخان.

****** قليل من التحايل

وهناك آخرون يحاولون أن يتحايلوا على رغبتهم الشرهة للتدخين ببضع أطعمة (مثل البزر أو المسليات) أو نشاطات جسدية.

وفي هذا يذكر (يوسف. ح) الذي يعمل في سوبر ماركت كبير وسط مدينة غزة أن ضغط العمل اليومي ينسيه التدخين بعد أن قرر تركه في مرحلة الشباب -عمره 25 عاما- حتى لا يشيب عليه. ويستدرك: "لكن زملائي في العمل مدخنون، وعندما يدخن أحدهم أشعر بجسمي كله يغلي كالبركان"، موضحا أن رأس ماله في محاولته الجادة هذه هو "العزيمة" التي يتمنى أن تكفيه إلى حين إنجازه لحلمه.

***** بلا نقاش !

وقد سألت "الرسالة" يوسف عن سر قراره المفاجئ بترك التدخين فأجاب: "الفكرة قديمة.. لكن قراري كان في ليلة وضحاها، لأنني لو جعلت كل يوم أقول غدا سأنتهي فلن اقلع عن التدخين".

ومن الأساليب الأخرى التي قد يتحايل بها من يرغبون لأحبائهم بترك التدخين إعطائهم "علكة" على أنها عادية لكنها من النوع التي يقلل الرغبة الشرهة في مادة النيكوتين المكون الأساسي للسجائر.

وفي هذا يشير الصيدلاني "أبو محمد. ل" -من مدينة غزة- إلى أن هناك طلبا -ليس بالسيئ كمّاً- على هذه العلكة.. "ويشتريها بعض الأبناء ثم يعطونها لآبائهم المدخنين على أنها علكة عادية من أجل المساهمة في التخفيف من تدخين آبائهم بصورة لا إرادية (...) لكن لا معلومات لدي حول فائدة هذه الطريقة لأن ترك التدخين مرهون بالمدخن نفسه وبعزيمته".

اخبار ذات صلة