قائمة الموقع

مقال: لماذا تلجأ "إسرائيل" لتفعيل سلاح الهجمات الالكترونية؟

2011-11-26T07:40:05+02:00

د.عدنان أبو عامر  

طالبت أوساط إسرائيلية عاملة في مجال حماية المعلومات بمهاجمة القوى المعادية للكيان باستخدام الحروب الالكترونية وفقاً لقاعدة "سايبر بدل طائرة, فيروس بدل قنبلة", لأنها تعبّر عن ساحة الحرب المتطوّرة في السنوات الأخيرة, ومن الممكن التوصل فيها لإنجازات عملانية لا مثيل لها.

وقالت أن ذلك يتم في الغالب من خلال افتعال أخطاء مقصودة في أنظمة الحواسيب المعادية، باللجوء لقراصنة الانترنت من كل مكان, تُشن هجمات كثيرة على تلك المواقع بطريقة تمنع عملها، أو بدلاً من ذلك اختراقه، وتدميره، وهما طريقتان ليستا معقّدتين, ويمكن أن نرى ارتفاعاً بحجمها، خاصة تجاه المواقع الأمنية السياسية، مشيراً إلى أسلوب هجومي آخر ومألوف كثيراً هو التجسس, من خلال الدخول إلى الشبكات، واستخراج معلومات.

من جهته، قال "شموئيل كينان", الضابط السابق في هيئة الاتصالات المحوسبة الرئيسي في الجيش أن الهيئة قامت بتحليل التهديدات الالكترونية القائمة, وتوصل لنتيجة مفادها أن هناك حاجة لتأسيس جهاز لكيفية الحماية، والهجوم في مجال السايبر، بعد أن باتت ساحة حرب "إستراتيجية وفعّالة"، ليس على صعيد الجنود الجالسين أمام الحواسيب، ويبقون أعينهم مفتوحة كي لا تتسلّل أيدي غريبة, إنما الميدان الحربي الحقيقي هو الدفاع والهجوم، ولا يجدر أن نُهزم فيها، حيث تضم عناصر للاتصالات المحوسبة واستخبارات, وعلى رأسهم ضابطان برتبة عقيد، مسئولة عن الحماية، ومنع جهات خارجية من اختراق حواسيب الجيش, آخرون هم "لاعبو الهجوم".

** المنظومات الدفاعية

وأضاف: في حروب "السايبر" هناك 3 مجالات: جمع معلومات, هجوم، ودفاع، وهي أبعاد مناسبة جداً لمفهوم الأمن في "إسرائيل"، لأن الجيش يعتزم توفير حماية جيدة للشبكات، وتشغيل هجمات سبرانية خاصة به، كما أسّسوا في مركز الشيفرة والأمن "طاقم أحمر", يعمل بشكل مماثل لسلاح الجو كـ"عدو", ودوره اختبار المنظومات الدفاعية".

كما أن عشرات الجنود والضباط الأكاديميين, يعملون يومياً، معظمهم خريجي البرنامج الرائع "تلفيوت" الذي يعني (حصن) لتحدي مجال حماية معلومات في الشبكة العسكرية بشكل هام، وقال ضابط شغل في السابق منصباً أساسياً في الهيئة إن الأمر يتعلق بمجال يتطور بشكل سريع جداً, ويجب تنسيق بدائل دفاعية قبل أن تتمكن جهات أخرى معادية من كشف نقاط الضعف، لأنه في حالة الاستهداف الالكتروني لا تقع إصابات في الأرواح, لكن حجم الأضرار قد يكون هائلاً.

وفي شهر أيار مايو الماضي، أسّس رئيس الحكومة "بنيامين نتنياهو" ما بات يعرف بـ"هيئة السايبر القومية"، وأساسها "زيادة قدرات دفاع الدولة عن منظومات البنى التحتية الأساسية إزاء هجمات السايبر المعادية"، حيث لم تكن "إسرائيل" الأولى التي عملت بهذا المستوى, فقد عرّف رئيس الولايات المتحدة "باراك أوباما" هذا التهديد، بأنه أحد أخطر الأمور على الأمن القومي للولايات المتحدة وعلى اقتصادها, وفي العام الماضي عرّفت وزارة الدفاع الأميركية ساحة "السايبر" بأنها "ساحة حربية"، وتأسّست هذه القيادة برئاسة الجنرال المتقاعد "مايكل هايدن", وكذلك فرنسا, ألمانيا وبريطانيا تعمل بنفس الاتجاه.

** ساحة الحرب الجديدة

وقبل عدة أشهر، حلّل المحققان د."شموئيل أيفن", من معهد بحوث الأمن القومي, و"دافيد سيمان" من معهد البحث الاستخباراتي, طبيعة الحرب في مجال "السايبر"، وقاما بإحصاء سلسلة من المميزات لساحة الحرب الجديدة من حيث أنها: قدرة عمل سريعة قريبة من سرعة الضوء, قدرة عمل سرية, استخدام سلاح يعتبر فتاكاً, خطر بسيط على الحياة البشرية.

أما أحد الأحداث الالكترونية المثيرة للاهتمام التي حصلت في إيران، ونُسبت إلى "إسرائيل" والولايات المتحدة، فقد كشف تقرير مفصّل أعدّته شركة التأمين "سيمنتك" أن الدودة "الفيروس نُسّقت لضرب محولات تردّد محددة مركّبة على أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم، وأوضح "أيفن" أن الأمر يتعلق بحادث محكم، من خلال لجوئه لوسائل متطورة, للمرة الأولى يتجه العمل في مجال السايبر إلى العالم المادي, بعبارة أخرى هناك تأثير نتج حتى الآن من خلال العمل الحركي, على سبيل المثل إلقاء قنبلة، ووفق كلامه, يُظهر هذا الحادث كيف يمكن لهجوم إلكتروني أن يتسبب بضرر كبير, بما في ذلك الجانب الاستراتيجي.

وكجزء من استعداد هيئة "السايبر" في الجيش الصهيوني, فقد تقرّر تأسيس عدد من المهن الجديدة, على سبيل المثال "حماية السايبر", حيث يتم تدريب الجنود في كلية شعبة الاتصالات المحوسبة، ويمكن الافتراض أنه بهذه الطريقة يدرّب الجيش "مهاجمي السايبر"، ويروي العميد في الاحتياط "كينان" أن تحديد مكان الجنود الذي يعملون في هيئة السايبر يتطلب تفكيراً عميقاً، فهناك أولاد عباقرة يمكنهم اختراق أي أمر، هذا يعطي لـ"إسرائيل" أفضلية كبيرة.

ولهذا ختم ضابط رفيع المستوى قائلاً: نحن نعيش في عصر آخر تماماً, تجري المواجهات والحروب بصورة مختلفة لما هو معروف, ومع مرور الوقت سنرى مناورات برية وغارات جوية أقل, سيُدار الميدان الحربي من داخل غرف العمليات التي يجلس فيها جنود وضباط ببدلات عسكرية رسمية، والحسم سيكون أقل وضوحاً, كذلك الردع سيغير أوجهه, لكن في نهاية المطاف, ستُحبط تهديدات, وهذا الأمر الأساسي الذي يطمح إليه الجميع.

اخبار ذات صلة