غزة- محمد أبو قمر
كعادته وبعد صلاة فجر السبت الحادي عشر من الشهر الماضي استقل الصائغ سليمان العطار -الذي يقطن حكر الجامع بمدينة دير البلح ويعمل تاجرا متجولا في أسواق القطاع - سيارته في طريقه إلى الشارع العام .
أثناء المسير ركن سيارته بجانب محطة الوقود القريبة من الشارع كما اعتاد كل يوم سبت، ومن ثم ينتقل لمدينة رفح بسيارة أجرة ، تفاجأ الصائغ بشخص مقنع يرتدي ملابس شرطية ويحمل سلاحا من نوع "كلاشنكوف" يجري في الشارع ويتبعه شخص آخر مقنع يرتدي سروالا قصيرا.
لم يلتفت الصائغ الخمسيني إلى ذلك المشهد وواصل مسيره، حيث وصل محطة الوقود التي بدت مغلقة دون أنوار ولم يجد الحارس الذي اعتاد رؤيته ، وركن سيارته هناك .
أمن العطار سيارته ، وهم بإخراج حقيبته التي تحتوي على الأموال والذهب من شنطة السيارة - فإذا باثنين مقنعين يحملون مواسير حديدية يفاجئونه بضربات متتالية .
يقول العطار الذي سرد الحادثة للرسالة ": الشخصان خرجوا من وراء ماتور المياه خلف المحطة ، وتناوبوا على ضربي لما يزيد عن عشر دقائق ، وهم يسألون عن مفتاح السيارة" .
وبحسب الصائغ- فان قوة الضربات ألقت به أرضا والدماء نزفت من جسده ، عندها اتجه شخص نحو شنطة السيارة ، وتمكن هو من القبض على أقدام الثاني الذي كان يحكم قبضته على عنقه وهو ملقى أرضا وعضه من يده .
هم الصائغ بإخراج مسدسه الشخصي من السيارة لكنه لم يتمكن من تعمير سلاحه بسبب انهيار قواه ، ولاحظ السارق الذي بجانبه حركة يده فصرخ على شريكه في الجناية الذي بادر بضرب الصائغ بقوة على رأسه مما أفقده وعيه.
بعد ما يقارب خمس عشرة دقيقة فاق الصائغ من غيبوبته وبدأت الدنيا تتكشف أمامه شيئا فشيئا ، ووجد ملابسه ممزقة وقد خلع السارقون سترته التي تحتوي أمواله حتى بطاقته الشخصية ألقوا بها تحت السيارة .
حاول العطار الاتكاء على باب سيارته للوقوف، إلا أن الآلام لم تمكنه من ذلك فانهار مرة أخرى على الأرض ، فيما نجحت محاولته الأخرى بالزحف تجاه غرفة الحارس ، لكن طرقات يديه لم تجد إجابة .
دارت الأفكار في ذهن الصائغ الغريق بدمائه عندها قرر الزحف تجاه الشارع العام عله يجد من يسعفه وأوقف سيارة مرسيدس أقلته إلى مستشفى شهداء الأقصى بالمدينة، حيث تلقى الإسعافات الأولية وتغريزه خمسة وسبعين غرزة في الرأس إلى جانب ضربات على الكتف والصدر وفوق الكلى لا زال يعاني من آلامها حتى اللحظة .
وفور الانتهاء من إسعافه نقل الصائغ المصاب إلى مستشفى ناصر بخانيونس خضع فيها لأشعة مقطعية كشفت عن كسر في الجمجمة ، رقد على إثرها ثلاث ليال داخل المستشفى.
ويقول العطار: إن الشنطة التي سرقت تحتوي ما بين 10- 15 كيلو من الذهب ، وسبعة آلاف دينار ، إلى جانب عشرة آلاف دولار ، وعشرة آلاف شيقل ، معظمها أموال لمواطنين يتاجر بها ، علاوة على ميزانين للذهب ، وآلة حاسبة ، وقطع ذهب لتصليحها ، ورخص المسدس والذهب والميزان ودفاتر فواتير ، وأخرى للديون .
وأدلى المجني عليه بإفادته لجهاز المباحث الذي لا زال يتابع القضية حتى هذه اللحظة .
لكن الصائغ الذي تحدث عن تفاصيل الحادث يخشى أن يمر الوقت دون التوصل للجاني ، وأكد أن الشكوك لديه تدور حول بعض الأشخاص ، تتحفظ الرسالة على ذكر أسمائهم .
وتوقع الصائغ أن يكون الشخصان اللذان رآهما أثناء مسيره مراقبين وحراسة على الذين انقضوا عليه .
وربط الصائغ بين عدة مشاهد يعتقد أن لها علاقة بالجريمة ، ويقول: " لدي خبرة في كشف السارقين ، وكشفت أكثر من مرة نساء ورجال يبيعون ذهباً مزوراً ، وأتوقع أن تكون شكوكي بمكانها " .
ووجه الصائغ مناشدته لرئيس الوزراء إسماعيل هنية ، ووزير الداخلية فتحي حماد ومديري الشرطة والمباحث العامة لمساعدته بالكشف عن الجناة وتقديمهم للعدالة.
ووعد العطار بمكافأة لمن يكشف عن الجناة أو من يدل على خيوط الجريمة .
من جانبه قال الرائد إياد سلمان مدير مباحث المحافظة الوسطى: إن قضية سرقة الصائغ العطار لا زالت قيد المتابعة على أعلى المستويات ، وتم استجواب عدد من المشتبه بهم في القضية ، مشددا على أنهم غير غافلين عن القضية ويتابعونها بشكل حثيث عبر عناصرهم الذين يقتنصون جميع المعلومات والتحريات .
وأبدى سلمان استعداده لاستقبال أية إفادة أو شكوك بأشخاص محددين لمتابعتهم .
وأمام استمرار عمل المباحث ، وشكوك الصائغ تبقى القضية قيد البحث والتحري لحين الكشف عن خيوطها والقبض على المتهمين ، والفوز بالمكافأة التي وعد بها الصائغ لمن يكشف الجريمة.