فايز أيوب الشيخ
الحديث المتكرر لرئيس السلطة محمود عباس حول نيته عدم الترشح للرئاسة الفلسطينية فتح شهية البعض ممن يطمعون بهذا المنصب منذ زمن، وعلى رأس هؤلاء "محمد دحلان" المفصول من حركة فتح، و"سلام فياض" المستبعد أصلا توليه رئاسة حكومة الوفاق الوطني المقبلة.
ونقلت وكالة "فرانس24" عن دحلان عزمه المشاركة في أي انتخابات فلسطينية قادمة ضمن قوائم حركة فتح، كما علمت صحيفة "القدس العربي" -من مصادر مقربة من فياض- أن الأخير يعتزم الترشح للانتخابات الرئاسية الفلسطينية المرتقبة إذا ما أصر عباس على عدم الترشح.
صراع فتحاوي
ويأتي الصراع على الرئاسة في وقت تصر فيه حركة فتح على أن يكون عباس مرشحها الأوحد، وهذا ما عبر عنه عباس زكي -عضو اللجنة المركزية لحركة فتح- قائلا: "سنبقى مُصرين على عباس مرشحا لأي انتخابات رئاسية مقبلة"، معتبرا أن إصرار عباس على عدم الترشح سيبقى في أدراج فتح المغلقة لحين مناقشته، "وسنبذل جهدنا لإقناعه بعدم التخلي".
وأوضح زكي لـ"الرسالة نت" أنه لم يجر التطرق في لقاءات فتح إلى مسألة طرح مرشح للرئاسة، لافتا إلى أنه وحين يجري التطرق لهذا الموضوع فإن الأولوية ستكون لترشيح عباس بحكم خبرته وقدرته على الإدارة وما يتمتع به من فضاءات دولية ترحب به، على حد زعمه.
زكي الذي فضل عدم الحديث عن البدائل التي تطرح نفسها للرئاسة مثل دحلان وفياض قال: "لستُ معنيا بالحديث عن دحلان ومن على شاكلته"، نافيا أن يكون أيّ من أعضاء اللجنة المركزية لفتح طرح نفسه لهذا المنصب غير أنه اعتبر أن هناك آليات معينة يجري الاستعانة بها لاختيار مرشح حركة فتح.
ووفق "القدس العربي" فإنه وبمجرد إعلان عباس الأسبوع الماضي -من فيينا- أن الانتخابات الرئاسية والتشريعية الفلسطينية ستجري في أيار/مايو القادم -وفق التفاهم مع حماس- فقد تزايد حديث العديدين من أعضاء مركزية فتح في مجالسهم الخاصة عن ضرورة تحضير الحركة لنفسها جيدا لخوض تلك الانتخابات واختيار شخصية قيادية لها حضور في صفوف الحركة للترشح للانتخابات الرئاسية في ظل إصرار عباس على عدم الترشح.
وذكرت مصادر في أوساط فتح أن عزام الأحمد يطمح لاختياره مرشحا عن حركة فتح لخوض الانتخابات الرئاسية في الوقت الذي يرى فيه محمد اشتية أنه أكثر جدارة لذلك المنصب، ويقال إن صائب عريقات مرشح الرئيس لرئاسة السلطة كونه عضوا في اللجنة المركزية وعضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ولكن العديد من المسؤولين يرون أنه غير ملائم ويفضلون ترشيح نبيل شعث أو محمود العالول.
تحضيرات خفية
وفي السياق ذكر مصدر مقرب من حركة فتح في الضفة الغربية لـ"الرسالة نت" أن عددا من القيادات الفتحاوية منشغلة بصورة خفية في الترويج لنفسها كبديل للترشح للرئاسة في حال أصر عباس على عدم ترشحه، مؤكدا أن إجماعا يسود لدى هذه الأوساط القيادية بعدم منح الفرصة لدحلان أو فياض بطرح نفسيهما لهذا المنصب الكبير.
وأشار المصدر إلى أنه من غير المستبعد أن يقوم فياض بطرح نفسه مرشحا بديلا عن عباس إذا ما حسم الأخير على موقفه بعدم الترشيح، مستبعدا -في الوقت نفسه- أن يقوم دحلان بالتقدم لهذا المنصب، "وذلك لافتقاره للقاعدة الجماهيرية".
وشكك في جدية عباس في الإعراب عن عدم نيته الترشح لفترة رئاسية قادمة، منوها إلى أن أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح واثقون من قدرتهم على إقناعه بالبقاء لفترة رئاسية أخرى، "ولاسيما أن هؤلاء الأعضاء لم يطرحوا الموضوع في أي من اجتماعاتهم الرسمية"، وفق زعمه.
دحلان وفياض
دحلان الذي قررت اللجنة المركزية لحركة فتح -حزيران (يونيو) الماضي- فصله من الحركة قال إن عباس ومنذ خمسة وثلاثين عاما وهو يدعي أنه لا يريد أن يعمل وسيتوقف عن ممارسة السياسة لكن ذلك لم يحدث، "وما يزال الرجل يعمل بطريقته ويفكك حركة فتح".
ويرى د. معاوية المصري -عضو في التشريعي سابقا- أن كلا من دحلان وفياض غير مقبولان على مستوى الشارع الفلسطيني للفوز بالرئاسة، مبررا وجهة نظره لـ"الرسالة نت" بأن الجمهور الفلسطيني يتعامل مع الشخصيتين على أنهما مدفوعان من الإدارة الأمريكية ومفروضان على الشعب الفلسطيني.
وأشار المصري إلى أن نسبة التأييد لدحلان على مستوى الضفة الغربية لا تتعدى أصابع اليد في كل محافظة، "كما يرجع هذا التأييد الضعيف لأسباب مادية ليس أكثر"، مشددا على أن دحلان شخصية لا تستحق أن توصف بالمسؤول الفلسطيني، "لأن ممارساته –بطريقة أو بأخرى- بعيدة كل البعد عن كونه فلسطينيا"، طبقا لتعبيره.
وقال: "دائما كان يتصف دحلان بمتاجرته بالشعب الفلسطيني والاستفادة على حساب الآخرين"، مستدلا في حديثه بشكوى قُدمت للمجلس التشريعي تتهم دحلان ببسط نفوذه على معابر قطاع غزة واحتكاره للحصمة والرمل آنذاك، علما أنه -وفق المصري- تم استدعائه ولم تكن إجاباته مقنعة، "وتم رفضها وتبجح بأنه ليس بالإمكان إدانته لأنه كان مدعوما من مؤسسة الرئاسة حينئذ".
وفيما يتعلق بفياض أوضح عضو التشريعي سابقا أن فياض ربما يعتقد أن ما يزعمه من إنجازات في الضفة الغربية سوف يمكنه من فرصة توليه لمنصب رئاسة السلطة، لافتا إلى أن ما يدعيه وهم وسراب، "ولا يجانب الحقيقية في شيء.. فالواقع على الأرض مغاير ولا يوجد إنجاز في أي مؤسسة بالضفة".
وإلى حين موعد إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة تبقى حركة فتح في اختبار: هل تحسم خياراتها وتجمع على مرشح لها، أم تترك الساحة لـ"دحلان" و"فياض" يرتعا فيها ويستغلا الخلاف الفتحاوي لاقتسام الكعكة؟.