الرسالة نت- أمينة زيارة
كانت الانطلاقة من جهاز "مجد" الأمني، حيث التخطيط المحكم لقتل (الإسرائيليين)، كان وقتها الشاب سعيد سكيك الذي لم يتعد العشرين عاما شعلة نشاط أوقدتها حملات الاعتقالات التي طالت الأطفال في حرب تكسير العظام وممارسات الاحتلال التعسفية.
انتفض الشاب سعيد سكيك ذي العشرين ربيعا لحفظ كرامة هذا الشعب، وبدأ بنشاطه المقاوم واجهه تعسف الاحتلال بالحكم 350 عاما. لم تنطفئ شعلة النشاط بل زادت اشتعالا، فحول محررنا السجن إلى مدرسة ومسجد ينهل منهما بحورا من المعرفة حفظ فيها كتاب الله بسند متصل عن النبي صلى الله عليه.
مسيرة جهادية
ويستهل المحرر سعيد سكيك حديثه بالتعريف عن نفسه لقراء "الرسالة نت": أنا من مواليد عام 1973 في حي الدرج الذي أكن له ولسكانه كل الحب والتقدير، قضيت 19عاماً من الحكم البالغ "350 عاما"، حفظت في السجن كتاب الله بسند متصل عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وحصلت على دبلوم تأهيل الدعاة من الكلية الجامعية، ومن ثم بكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة واشنطن".
وعن بداية عمله الجهادي ذكر أنه كان بالمشاركة في الانتفاضة الأولى ثم في جهاز الأحداث وجهاز "مجد الأمني" الذي كانت منه انطلاقة الشرارة للعمل العسكري والجهادي ثم عملت في جهاز الآداب لتأديب العملاء، ثم انضممت إلى كتائب الشهيد عز الدين القسام، إلى أن تم اعتقالي ومثلت أمام محكمة عسكرية للاحتلال.
ويشير المحرر سكيك إلى بعض المواقف التي لازالت في الذاكرة: يوم المحكمة قلت للقاضي عندما نطق بالحكم بتحد أغاظه "إن اليد التي أذاقت قلوب أمهاتنا الويل سوف تذوق الأسى والعذاب تحت زخات رصاص القسام".
"نقلت إلى سجن نفحة الصحراوي وكنت في قسم "ألف بيت" حيث يضم 800 أسير من أصحاب المحكوميات العالية، بعد أن عذبوني في معتقل السرايا في ذلك الوقت، لمدة تزيد عن أسبوعين.
وينوه إلى أن الاحتلال أراد أن يكسر إرادتهم ويلوي ذراعهم، "لكننا قهرناه بتحويل السجن "مدرسة وجامعة" نتعلم فيها العلوم الشرعية والفقهية والإنسانية وننهل من بحور المعرفة من أصحاب الشهادات العليا، موضحا أنه كان يوجد بينهم الكثير من أصحاب الشهادات والدعاة الذين ساعدوا في تحويل السجن إلى منحة ربانية وخلوة مع الله.
حفظ القرآن بسند متصل
وقال المحرر سعيد سكيك: استطعت بحمد الله حفظ كتاب الله بالسند المتصل عن النبي صلى الله عليه وسلم بدعم ومساندة من شيخي المجاهد "خميس عقل".
وتابع: عملت بالحديث الشريف "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" فقد قمت بتعليم أخواني في الأسر تلاوة وتجويد القرآن الكريم، كما ودرست دبلوم تأهيل الدعاة من الكلية الجامعية وحصلت على أعلى الدرجات من داخل الأسر.
ويذكر المحرر سكيك أن المجال فتح أمام الأسرى قبل عامين للالتحاق بالكلية الجامعية في تخصص تأهيل الدعاة موضحا أن الكثير من الأسرى التحقوا بها.
ولم يتوقف حلم أستاذ التلاوة والتجويد في إكمال التعليم عند هذا الحد فقد التحق، كما يقول، بجامعة واشنطن وحصل على بكالوريوس إدارة أعمال.
ذكريات
وعن أجمل المواقف التي مر بها في الأسر وأصعبها قال: من أسعد اللحظات التي مرت بنا وصول خبر أسر الجندي شاليط في عملية عسكرية معقدة، حيث كنا في الفورة وخرج علينا أحد الأسرى صارخاً بفرح: "لقد فعلها الأبطال وأسروا جندي" فكبرنا وسجدنا لله شكراً على هذه المنة، وقال: حلمنا منذ هذا اليوم بفرحة الإفراج التي جاءت بسعادة غامرة.
أما أصعبها فكان الحرب على غزة التي أثرت على نفوسنا كثيراً، كما يوضح سكيك، فكنا نقوم الليل ونبتهل إلى الله أن يمن عليهم بالنصر والتمكين ويفرج عنهم الكرب، والحمد لله خرجوا من الحرب منتصرين على أعدائهم.
"سعادتنا غامرة بمقابلة ذوينا والكتائب المظفرة لنا فقد تزينت غزة لاستقبالنا، فقد كان الإفراج حلم واستيقظنا منه لدى وصولنا إلى ساحة الكتيبة الخضراء حيث خرجت غزة عن بكرة أبيها تنتظرنا"، يضيف سكيك بفرحة غامرة.
ويعرج على الجدول اليومي في السجن فيوضح: يبدأ يومنا منذ الساعة الثانية فجراً فنقوم الليل ونقرأ القرآن والدعاء ثم صلاة الفجر ويعقبها القراءة في العلوم الشرعية أو الإنسانية، ومن ثم نخرج للرياضة والفورة ونعود لاستكمال البرنامج الثقافي والفقهي بالتدارس العلمي ومجالس مناقشة الأوضاع السياسية ومن ثم نتواصل مع الأهل بأي الطرق التي يبتكرها الأسرى حتى نطمئن عليهم.
وفي نهاية حديثه توجه سكيك برسالته لمن تركهم ولهم في القلب مكان –حسب تعبيره: لقد ترك فقدانهم في القلب غصة لكننا على أمل اللقاء قريباً إن شاء الله على أرض غزة العزة والكرامة، فالإفراج ليس مستحيلاً بل أصبح أقرب من أي وقت مضى بسواعد هؤلاء الأبطال الذي بقوا على عهدهم ووفائهم لنا.