هيثم الصادق
أيام معدودة وتدق عقارب الساعة معلنة ميلاد عام جديد.. فهل ما زلنا نملك مساحة للتفاؤل بعام فلسطيني خال من التجاذبات السياسية التي تحركها أجندات خارجية ومصالح فئوية ضيقة لشرائح استشرى فيها الفساد.
انعقاد اجتماع الإطار القيادي الوفاقي لمنظمة التحرير الفلسطينية المنوط به الوصول إلى صيغة توافقية لإصلاح المنظمة تنظيمياً وتفعيل دورها السياسي الذي تم تهميشه لصالح رموز متنفذة بالسلطة التي جاءت من خلال اتفاقيات أوسلو، ولفائدة رموز أجهزة تقتات على التنسيق الأمني المتواصل مع الكيان الصهيوني، وصولاً إلى برنامج سياسي توافقي، يعد خطوة إيجابية تحمل العديد من المضامين، فاختيار العاصمة الأردنية عمان لاجتماع الإطار القيادي لـ م.ت.ف هو إعلان فلسطيني لرفض فكرة الوطن البديل من قلب العاصمة الهاشمية، وتأكيد على العلاقات التاريخية الوثيقة بين الشعبين الشقيقين، وإعادة اعتبار لقضية اللاجئين الفلسطينيين والتي تضم الأردن التجمع الأكبر لهم، وهو - الاختيار - بمثابة إعادة إحياء للعلاقة الفلسطينية- الأردنية التي تضررت منذ خروج الفلسطينيين عن المسار التفاوضي المشترك الأردني- الفلسطيني وتوقيعهم اتفاقية أوسلو بشكل سري ومنفرد.
إن انعقاد الإطار القيادي المؤقت للمنظمة في الأردن والتوجه لإشراك الجاليات الفلسطينية في الخارج بانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني هو نجاح للقوى التي جاهدت من أجل إبقاء قضية اللاجئين الفلسطينيين حية ومتفاعلة في وقت بدا التنازل عنها وشيكاً.
معالجة الملفات الأخرى التي تضمنتها اتفاقيات المصالحة وأهمها ملف الاعتقال السياسي والمجلس التشريعي هي الترجمة الحقيقية لهذه الاتفاقيات على الأرض، وهي الحكم على مصداقية الأطراف خاصة فريق أوسلو في انتهاج المسار التصالحي الفلسطيني- الفلسطيني، ووفقاً لهذه المصداقية يمكن المضي قدما نحو تكريس الوحدة الوطنية الفصائلية والمجتمعية والسياسية في إطار برنامج مشترك ينطلق من الثوابت الوطنية الفلسطينية، ويركز على القواسم الكفاحية المشتركة لا على تأجيج عوامل الفتنة والتشرذم والتفتت والانقسام.
المصالحة التي حملت بشائرها الأيام الأخيرة من هذا العام الذي يرتب حقائب سفره إلى عمق التاريخ تبعث في النفس تفاؤلاً بأن يجتاز الشعب الفلسطيني هذه المحنة القاسية التي نتجت عن الانقسام، وينطلق مع مطلع العام الجديد إلى إعادة بناء مؤسساته الوطنية على أسس كفاحية تزامنا مع اتخاذ الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية «182» دولة قراراً يؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وتصدياً لمشروع القانون الصهيوني باعتبار القدس عاصمة أبدية للدولة العبرية واستمرار الاستيطان مما يضفي للمقاومة الفلسطينية بكافة الأشكال شرعية أممية عالية.
مع بداية العام الجديد ومع هذه المستجدات والتطورات ومع ما تشهده المنطقة العربية من ثورات الربيع العربي، لنطلق مساحة للتفاؤل والحلم المشروع بترسيخ المصالحة الوطنية وتوحيد الصف الوطني الفلسطيني.
صحيفة الوطن القطرية