قائمة الموقع

مقال: مَــن أُم الولد؟

2012-01-12T08:43:38+02:00

بقلم م. كنعان سعيد عبيد

هو الوطنُ والقضيةُ تنازعه ثنائيات الاستقطاب في كل شيء وكأنَّنا نعيش فيزياء أقطاب المغناطيس والكهرباء. ففلسطين بين احتلالَي النكبة والنكسة، والفلسطينيون بين الوطن والشتات وبين لاجئ ومواطن وبين ضفة وغزة، والسياسة بين فتح وحماس, والموظفون بين مستنكف وعامل.

المُتَتَبِّع لثُنائية الاستقطاب السياسي الفلسطيني يرى استقطاباً حاداً يفوقُ الاستقطاب العِرقي أو الطائفي، بين يَدَيْ آلات تجييش إعلامية تعمل كمقطِّعات الأرض والإنسان، جرَّت قِسمة وطنٍ نحسة فاقت النكبة والنكسة كأنهن الخَمس العِجَاف أَكَلن الأخضر والأصفر، أو كأننا في حضرة قاضٍ يهودي يقضي بتقطيع الولد بين امرأتين تدعيان أمومته.

ولعلي بحماس أراها أن تكون أمَّ الوطن تقبل بالتخلي عن حضانته لئلا يقطَّع؛ فدعِيّة الولد لا يَضِيرُها أن تأخذه أقساماً مذبوحة أو تذبِّحه على شَرف شرعيةٍ حزبية تأخذُها من (إسرائيل) وأميركا، وأراها أن تغضَّ البصر عن مناكفات وعَثَرات في طريق المصالحة فالوطن أكبر من الوطن وفلسطين أكبر من فلسطين، ومن حق الأحزاب السياسية أن تغفر وتسامح خصومها قُرباناً للمصالحة، ومن واجبها أن تتخلَّى عن بعض مصالحها دفعاً لمصلحة الوطن، ولها أن تُحالف وتخاصم من تشاء من أحزاب الوطن فالوطن يقبل المناكفات السياسية تحت قبة التدافع السياسي والحزبي، والوطن لا يناكفه إلا خائن أو عدو، وقاضي التاريخ لا يستأذن أن يصدر حُكمه، ولم يكن الانقسام الفلسطيني إلا مذبحة وطن تتحمل مسؤوليتها أياد يجب ألا تُبَرَّأ في أية مصالحة وطنية، ففلسطين لا تتصالح مع أعدائها حتى لو كانوا يوماً من أبنائها سواء مفاوضين أو منسقين أو من كادوا لها حصاراً أو حرباً، ولها ثأرٌ لا ينسى مع من باع جزءاً منها ولها غضبةٌ تُنتَظر.

وعلى الجميع الفلسطيني أن يدرك أن المصالحة من أجل الوطن وليست عليه، وهي الخطوة الأقرب لكل فلسطين، وألاَّ تكون على حساب حق المقاومة الشاملة ولا يُشترط لها خطوة واحدة للوراء حتى لو كانت تكتيكاً، كما يقول من سلَّموا فِلسطين متكتكين، والشعب الفلسطيني أن يقف حكماً لا متفرجاً، وأن يتَحرَّر من حِزبية الرَواتب والمناصب؛ ليقف قاضياً يقضي الشعب يريد تحرير فلسطين الشعب يريد المصالحة.

وعلى الرئيس أبو مازن أن يفهم أن خطوة في اتجاه التفاوض مع (إسرائيل) خطوةٌ عكس الوطن والمصالحة، وخطوة في التنسيق الأمني خطوةُ عداءٍ للقضية، وتأخيرُ المصالحة لعنةٌ تُلاحِق.

اخبار ذات صلة