قائد الطوفان قائد الطوفان

إيران وابتسامة الموناليزا !

الرسالة نت -محمد بلّور

ترى ما هو وجه الشبه بين موقف إيران نصف المتحفّظ وابتسامة الموناليزا ؟! الحق أن الغموض يكتنف الاثنين.

رغم مرور مئات السنين على ابتسامة الموناليزا ثلثي المبهمة لم يتوصل أحد لسر الرضا البادي على محياها.

وتشبه رباطة الجأش التي يتحلى بها بحر العرب موقف إيران وهي ترد على تهديد أمريكا مكتفية بالمناورات ذلك الغموض في وجه تلك السيّدة.

صورة الخليج العربي تتفق مع ابتسامة اللوحة في الغموض الذي يكتنف الاثنين لكنهما قد يختلفان في القريب المحظور.

تحرّش متصاعد

في حين ترقد اللوحة بجوار "النوافير" التي تصب الماء من ثقوب التماثيل  التي لا زال يتدفق من حولها الجمال توشك الحرب على الاندلاع في بحر العرب مبددة أيام الثراء والنعيم !.

وفقدت إيران أمس أحد علمائها النووين ويدعى "مصطفى أحمدي روشانو" الذي كان يعمل في موقع "نطنز" لتخصيب اليورانيوم وأصيب اثنان برفقته في انفجار قنبلة ألصقها راكب دراجة نارية على سيارتها شمال طهران.

وخلال أقل من سنتين شهدت إيران مقتل ثلاثة علماء ذاتها، عبر تفجير سياراتهم اثنان منهم على الأقل يعملان في البرنامج النووي الإيراني.

وتشهد منطقة الخليج العربي توترا ملحوظا في الأسابيع الأخيرة مع تزايد تهديدات أمريكا و"إسرائيل" لإيران بسبب مضيها في برنامجها النووي.

الولايات المتحدة الأمريكية حركت حاملات الطائرات وقطع قتالية كبيرة في بحر العرب وإيران ردت بمناورات عسكرية تحفّزا للقريب المحظور.

مضيق هرمز

في طهران يعلمون أنهم بحاجة لأكثر من إلقاء كومة من الخردة حتى يغلق في وجه ناقلات النفط ! فطبول الحرب صوتها يتعالى.

هذا الشتاء ليس شتاء السجاد الشيرازي بقدر ما هو شتاء العودة للحرب التي ألفتها طهران مع أعداء قدامى يعودون للتحرش من جديد.

وفيما عاجلت إيران اتهام "إسرائيل" رد البريغادير جنرال يواف موردخاي وهو متحدث باسم الجيش "الإسرائيلي" بالقول "لا اعرف من انتقم من العالم الإيراني، إلا أنني لا اذرف أي دمعة عليه !".

أما البيت الأبيض فقال إنه بريء من الحادثة براءة الذئب من دم يعقوب نافيا أي تورط أميركي في الاعتداء.

ويرى المحلل السياسي د. عبد الستار قاسم إن ظاهرة اغتيال العلماء النوويين جزء من إستراتيجية وأساليب "إسرائيلية" للقضاء على برنامج إيران النووي.

واستبعد ارتباط الاغتيال بحالة التوتر العام في بحر العرب والتي ترد فيها كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإيران على بعضها بموافقة "إسرائيل" للأولى.

وأضاف: "كلما لاحت فرصة يغتالون فهذا مسلسل مستمر لا يرتبط بتوتر الساعة فهم يعتبرون برنامجها النووي معادي ويؤثر على قرارات "إسرائيل" وأمريكا سلبا وهيمنتهما على المنطقة".

أما المختص بشئون الحركات الإسلامية د. خالد صافي فله رؤية مغايرة فهو يرى أن اغتيال العالم الإيراني جزء من الحرب التي قد تندلع بين إيران و"إسرائيل" وأمريكا.

وأضاف: "إسرائيل توجه ضربات للعمق الإيراني لزعزعة الاستقرار ومحاولة تعطيل البرنامج النووي الإيراني".

وربط بين تلك الأهداف والتفجير الذي وقع السنة الماضية واصفا ما يجري بحرب استخبارات مكثفة.

وكانت "إسرائيل" قد ألمحت إلى مسئوليتها عن تفجير القاعدة العسكرية في نوفمبر الماضي حيث تحدثت مصادر "إسرائيلية" أن العشرات من الذين قضوا كانوا ينقلون الذخيرة والصواريخ داخل القاعدة.

صفيح ساخن

الولايات المتحدة و"إسرائيل" تريدان أن تؤكدا لإيران أن النار التي تلعب بها –البرنامج النووي-ستحرق أصابعها !.

ولا ننسى إعلان "إسرائيل" قبل شهر عن تشكيل "وحدة العمق" وهي وحدة عسكرية تنشط داخل أراضي العدو بالنسبة لـ"إسرائيل" ما يدلل أن ما يجري في إيران أحد أنشطتها.

وما يجري من تراشق للتهديدات والمناورات يعتمد بالأساس على تطور سلاح إيران وتعزز قدراتها التي يقول البعض أنها اقتربت من امتلاك النووي بعد أقل من عامين.

وأكد المحلل قاسم إن قيام إيران بالمناورات وتهديدها بإغلاق مضيق هرمز مرده لعدة أمور.

ووضع قاسم حالة التوتر مع سوريا على رأس القائمة وكأنها تقول لأمريكا وأوروبا إذا اعتديتم على سوريا فلا تغفلوا عن قوة إيران.

وتابع: "توجه عملية الاغتيال رسالة ثانية تتعلق ببرنامج طهران النووي وتهديدها بالعقوبات وأن محاصرتها بالنفط سيدفعها لمنع النفط من الحركة عبر مضيق هرمز بل وتدمير حقول نفط الخليج ما سيشعل حريق هائل".

أما المحلل صافي فأشار إلى أن مناورات إيران قرب بحر العرب وهرمز وحدود أفغانستان مؤخرا تبعث برسالة لأمريكا و"إسرائيل" مفادها "لسنا هدفا سهلا !".

حرب شاملة

من أعلى تستطيع إيران إلقاء الحجارة على الوادي فموقعها الجغرافي مرتفع جدا ودول الخليج العربي تقع أسفل منها لكن للحرب حسابات أخرى.

ولا يستبعد المحلل قاسم نشوب الحرب رابطا توقيتها بما أسمها الحسابات الدقيقة لكل طرف فيها.

وأضاف: "أمريكا وإسرائيل ترغبان في الهجوم وإيران تريد إثبات قوتها من خلال الحرب ولكل طرف قوة كافية ويمتلك تبادل الرعب لكن إسرائيل قد تتعرض لدمار هائل".

وتوقع أن تطال الحرب في حال نشبت كلا من سوريا وحزب الله اللبناني وربما حماس تدخل على الخط.

أما المحلل صافي فأكد أن "إسرائيل" تعلم أن أي حرب قادمة ستكون شاملة ولن تكون على جبهة واحدة وهو ما أكدته مناورات الاحتلال "الإسرائيلي" المكثفة في الفترة الماضية.

وقال إن تصريحات وزير الحرب "الإسرائيلي إيهود باراك قبل أسابيع تحدثت عن حرب شاملة إلا أن "إسرائيل" متخوفة من الجبهة السورية التي قد تمد حزب الله بمزيد من القوة إن اندلعت الحرب.

واستبعد دخول حماس في الحرب الجديدة موضحا أن الحركة تنشط في الآونة الأخيرة على الصعيد السياسي وتوثق علاقاتها على محور قطر-الأردن-السعودية.

ولا ترغب تركيا كما يرى صافي في نشوب الحرب على حدودها مطلقا حتى لا تقع في مشاكل جديدة وداخلية قديمة.

ويختلف المحللان حول قدرة إيران على الرد على أسلوب الاغتيالات بشكل متبادل فبينما يرى المحلل قاسم أن إيران عاجزة يقول المحلل صافي إن جهازها الاستخباري قوي وقد يفعلها.

ولن يمر الشتاء الحالي كغيره من الفصول فالحرب قادمة لا محالة ولكن التوقيت يبقى رهن الحسابات الكبيرة التي قد تحسم الأمر فإما إيران قوية وصامدة وإما "إسرائيل" تزول عن الخريطة.

البث المباشر