مقال: ببساطة.. اختطاف الدويك إرهاب دولة

للكاتب الفلسطيني: خالد عمايرة

الرسالة نت-ترجمة خاصة

من الصعب حقاً أن نفكر في سبب واحد مقنع أو شرعي للاختطاف الآثم للأستاذ عزيز دويك من قبل القوات الإسرائيلية، التي تشبه قوات شرطة "الجستابو" النازية، منذ الأسبوع تقريباً.

فقد كان القائد الفلسطيني، البالغ من العمر 63 عاما، يهم بالعودة إلى بيته في الخليل، عانداً من رام الله، عندما انتشلته من سيارته –بشكل مهين- ثلة من جنود الاحتلال، الذين كانوا يحرسون حاجزا في الطريق، وقيدوا يديه كما لو كان مجرما معروفاً.

دويك هو رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، والذي انتخب عام 2006 في انتخابات حرة، ونزيهة راقبها العديد من المراقبين الأمريكيين والأوروبيين، بمن فيهم الرئيس الأمريكي الأسبق، جيمي كارتر، والذي شهد بشفافية تلك الانتخابات.

ودويك أيضاً له خبرة طويلة في التعرض للاعتقال وسوء المعاملة والسجن على يد سلطات الفصل العنصري الإسرائيلي، دون توجيه أي تهمة أو حتى محاكمة.

في عام 1991، كان من بين أكثر من 300 من ناشطي الحركة الإسلامية الفلسطينية، والذين تم ترحيلهم إلى مرج الزهور، جنوب لبنان، بأمر من رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين.

وفي عام 2008، اعتقل الدويك لأكثر من عامين، لعلاقته بالجناح السياسي لحركة المقاومة الإسلامية –حماس.

والآن، يجري إعادة اعتقاله من دون سبب حقيقي، إلا من أجل إشباع الرغبة السادية للصهيونية اليهودية، في حب مشاهدة الفلسطينيين يعانون.

وهذا يشبه إلى حد كبير اضطهاد اليهود من قبل النازيين إبان الحرب العالمية الثانية، وحبهم لاضطهادهم، فقط لأنهم يهود.

وظاهريا فيبدو لي، أن النازية الآرية والنازية الإسرائيلية، توأمان متشابهان، لا تستطيع التفريق بينهما.

ولكن بعد كل هذا، فلا يوجد شك في أن إسرائيل لديها أسباب كثيرة لترى أناساً مثل دويك يعذَبون ويتألمون، فهذه هي الطريقة التي يبرر فيها العديد من الصهاينة أنفسهم، فهم لا يشعرون بالارتياح، إلا إذا اعتبروا أنفسهم، سادة، وجلادين، وظالمين وطغاة.

ولأنهم يريدون أن يظهروا للفلسطينيين بأن اليهود ما زالوا الأسياد! فإن التفكير الجماعي المستشري في العقلية الإسرائيلية اليهودية، له مظاهر عديدة، ومما لا شك فيه، فإن اعتقال الفلسطينيين، وخاصة القادة منهم، هي واحدة من مظاهر الاعتلال العقلي الجماعي في إسرائيل.

بحصوله على شهادة الدكتوراه في التخطيط المدني من جامعة أميركية مرموقة، كان من الطبيعي أن يفضل الدويك وظيفة في التنمية الحضرية ،ولكن القمع الدائم بلا هوادة الذي يعاني منه شعبه من قبل نظام الفصل العنصري الصهيوني، أجبره على دخول المعترك السياسي على أمل أن ينال شعبه الحرية.

لم يلق دويك الحجارة على أحد، ولم يكن "منغمساً في أعمال العنف" أبداً، لا العنف اللفظي أو الجسدي، ورغم هذا فإن النظام الإسرائيلي، -والذي يصنف الفلسطينيين إما إلى إرهابيين يستحقون الإبادة، أو عملاء، لا يحترمهم- لا يتحمل رؤية أستاذ الجغرافيا يتكلم ضد الفصل العنصري الإسرائيلي، والاحتلال والقهر.

ومن الممكن أن نظام نتنياهو يريد إفشال المصالحة الفلسطينية، حين وقف الأستاذ دويك في طليعة الذين يسعون لإنهاء الانقسام بين حماس وفتح.

وبمعنىً آخر، فإن اعتقال الدويك يأتي طبيعياً في ترتيب الأشياء، لأنه يذكر الفلسطينيين وغيرهم بالطبيعة الشيطانية للاحتلال الإسرائيلي، وأن هذا الاحتلال الشرير، سيظل سيفاً يسلط على الحناجر الفلسطينية، حتى يختفي مرة، وإلى الأبد.

الاحتلال الإسرائيلي، بالنسبة لنا -على الأقل- كفلسطينيين، يشبه إلى حد كبير مرض السرطان، فإما تقضي عليه، أو أنه سيقضي عليك.

لقد نددت السلطة الفلسطينية باختطاف الدويك، ورغم هذا، فكان من الممكن أن تكون الإدانة أكثر ملائمة ما يتناسب مع العمل الإرهابي السافر من قبل إسرائيل، لأن من المفروض أن تكون قيادة السلطة، هي قيادة للشعب الفلسطيني، وما يمكن قبوله من دولة أخرى، قد لا يكون مقبولا من سلطة رام الله.

كان حرياً بأن تهدد السلطة الفلسطينية، الرايخ الصهيوني، بوقف التنسيق الأمني ​​الفاضح، أو تقوم بتحذير القيادة الصهيونية، بأنه، لا لقاءات ثنائية ستجرى في عمان، إن لم تفرج عن الدويك.

في الواقع، عن الصمت، ردود الفعل الضعيفة، تشجع الصهاينة على المزيد من الاستفزازات، وتصوير أن كل ما هو فلسطيني وتافه، ولا قيمة له، وقابل للاستهلاك. لقد حان الأوان لوقف الصهانية عند حدهم!

لم يفت الأوان للسلطة الفلسطينية بعد، لإصدار تحذير شديد اللهجة للنظام الصهيوني، لأن تضييع الوقت، وردود الفعل الراكدة، لن يقدمنا قيد أنملة.

إن وجود السلطة الفلسطينية بحد ذاته، هو مصلحة إسرائيلية في النهاية، وبالتالي، فإن السلطة الفلسطينية لا يخلو تصرفها من "صفقة" مع الاحتلال النازي، وأدل على ذلك أن السلطة الفلسطينية تفتقر إلى الإرادة، والكرامة الوطنية، لتتصرف على النحو الذي ينبغي عليها أن تتصرف به.

وعلاوة على ذلك، فإن اعتقال الدويك، من المرجح أن يكون رسالة من التحدي والاستفزاز للإسلاميين في المنطقة، من تونس حتى عمّان.

وبالتالي، فإن الشعب الفلسطيني ينتظر من قادته المسلمين ألا يدخروا جهداً، حتى يفرج نظام الفصل العنصري عن دويك.

على الإخوان المسلمين في مصر والأردن، التظاهر ضد النظام الصهيوني، منددين بالاعتقال الصارخ، وحاثين جماهيرهم ضد أي تطبيع مع الكيان الصهيوني.

فنحن لُحمة واحدة، وإذا لم نتحرك ضد عدو مشترك، فإن الدول والقوى الغربية، لن تأخذنا على محمل الجد.

وبهذه المناسبة، أود أن أحث بشدة الطرفين الإسلاميين الرئيسين في مصر، حزب الحرية والعدالة، وحزب النور، إلى تبني مواقف متصلبة وقوية تجاه إسرائيل.

ونأمل أيضا من الحكام الجدد في القاهرة، أن يربطوا أي مستوى من الالتزام بمعاهدة السلام التعيسة مع إسرائيل، بالسلوك الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين.

وأنا واثق من أن هذه الخطوة، وفي هذا الاتجاه، من شأنها أن تخفف كثيراً من الضغط الصهيوني على الشعب الفلسطيني.

*خالد عمايرة كاتب فلسطيني، أغلب كتابته بالانجليزية، حاصل على شهادتي البكالوريوس في الصحافة من جامعة أوكلاهوما، والماجستير في الصحافة من جامعة جنوب إلينوي، وعمل مراسلا للعديد من الصحف والقنوات التلفزيونية بما فيها قناة الشارقة، ووكالة الأنباء الإيرانية، وصحيفة الشرق الأوسط الدولية اللندنية، وأسبوعية الأهرما، وقناة الجزيرة الانجليزية

البث المباشر