الرسالة نت - محمد حسام
بنبرة واثقة تشوبها بحة صغيرة من دموع الفراق، تروي "أم عبد الرحمن" زوجة الأسير القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الشيخ خضر عدنان، معاناة زوجها الذي يخوض إضراباً عن الطعام منذ خمسين يوماً في سجون الاحتلال، رفضاً للاعتقال الإداري.
تقول أم عبد الرحمن لـ "الرسالة نت" إن إدارة سجن الرملة (الإسرائيلي) نقلت زوجها إلى مركز طبي مجهول المكان، لتلقي العلاج، نتيجة تدهور حالته الصحية، مضيفة "حتى محاميه لا يعرف على وجه الدقة أين هو موجود الآن".
وأوضحت، أنها لم تره سوى مرة واحدة منذ اعتقاله قبل نحو شهرين، مستنكرة ادعاء الصحافة (الإسرائيلية)، أنها زارته في سجنه واطمأنت عليه، مؤكدة أن "هذه الانباء عارية عن الصحة تماماً".
زوجة صابرة
ولا يختلف حال أم عبد الرحمن عن باقي زوجات الأسرى المكلومات، التي لا توجد كلمات كافية تصف حجم معاناتهن، قائلة :"بأن كل كلمات الدنيا لا تستطيع أن تصف لك ما الذي يمكن أن أقوله لخضر، فأنا في النهاية زوجة، تتلقف أي خبر من هنا أو هناك عن مصير زوجها المضرب عن الطعام منذ خمسين يوماً"، مستطردة:"لا أملك سوى إني أشيل همه..وأخاف عليه...وأصبر".
وأكدت أم عبد الرحمن، أن زوجها وقبيل إضرابه قد أبلغها بخطوته هذه إن حُكم عليه بالاعتقال الإداري، مستدركة: "وكزوجة تخاف على حياة زوجها، كنت رافضة لهذا المبدأ، ولكن كإنسانة، شعرت بألم وهم المعتقل الإداري، وما يراه من صنوف من العذاب، لذا فقد أيدته، ولكن يدي على قلبي، أشعر بالخطر على حياته كل يوم، خاصة بعد تجاوز ذلك الخمسين يوماً".
تعاطف غير مسبوق
ولم تتوقف الفعاليات التضامنية مع الشيخ عدنان، التي كان آخرها إعلان بعض الشباب المعتصمين في خيمة أمام مقر الصليب الأحمر بغزة إضرابهم المفتوح عن الطعام، وقد توجهت أم عبد الرحمن بالشكر الجزيل، لكل من وقف مع قضية زوجها، خاصة من خاض الإضراب منهم، قائلة:"أتمنى من الله أن يحذو الجميع حذوهم، لأن الإضراب خارج السجون لا يقل أهمية عن الإضراب داخله، فهو يحرك الرأي العام، تجاه قضية عادلة"
وأكدت أن لهذه الخطوات مفعولا قويا على إدارة المعتقل "لأنه وكما أبلغني المحامي، فكل خطوة نقوم بها خارج السجن، فإن إداراته تعلم تماما بها"، متمنية السلامة لجميع المضربين عن الطعام، آملة أن تؤتي هذه الخطوة ثمارا طيبة.
وأشارت إلى أن أكبر من يضغط على السجان هو الأسير نفسه، لكن هذا لا يعني –وفق الزوجة- أن الدعم الخارجي، ليس له قيمة، مضيفة، أنها كانت ضيفة على ندوتين إحداها نظمت من الجالية الفلسطينية في فرنسا والأخرى كانت ذات الندوة في الدوحة التي ألقى فيها رئيس الوزراء الفلسطيني أ. إسماعيل هنيه كلمته قبل عدة أيام، واصفة حجم التضامن الذي وجدته من الناس، "وكيف كانوا يتحدثون إليها، والدموع توشح وجوههم، "والحمد لله كم كنت سعيدة بهذا التضامن." على حد تعبيرها.
معجزة إلهية
ويحصل الأسير عدنان على منحة من قلب المحنة، منحة إلهية عجيبة تتمثل بأن معدلات جسمه، تقترب من الطبيعية، مما أذهل الأطباء الفاحصين له، وقالت أم عبد الرحمن: "العناية الإلهية لم تنسه، فضغط دمه بلغ 12070، ومعدل نبضات قلبه 87، بينما، نسبة السكر في دمه 92%، وهذا أثار استغراب الأطباء الذين عاينوه"، مضيفة:"ولكنه فقد من وزنه حوالي 19 كيلو، حيث كان وزنه قبل الاعتقال 91 كجم، وأصبح الآن 70 كجم".
وشددت على أن ثقتها بالله كبيرة، "لأن الله لم ولن ينساه، ألم يقل ذلك في محكم كتابه:"وأطعمهم من جوع وآمنهم من خوف"؟ "
وعن دور المنظمات الدولية "ذات المعيار الثقيل" مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، قالت بأن المؤسسة الدولية استنكرت مشهد تقييده في المستشفى، حينما زاره وفد منها، وقد "اشمأز الوفد من هذا المنظر، وقالوا لي أنهم لا يستطيعون أن يفعلوا أي شيء حيال ذلك، فكل الصلاحيات مسحوبة منا."
بابا حياتي
أطفال الشيخ عدنان كان لهم نصيب من رعب حرمان والدهم، فمعالي، التي تبلغ من العمر 4 سنوات، وبيسان سنة ونصف، يحلمون كل يوم بابا، وقالت أم عبد الرحمن: "أن معالي أصبحت تستيقظ ليلاً، في بكاء شديد، وتقول: بدي بابا..بدي بابا...بابا بده يموت، بابا بحكوا عنه إنه مات".
وأوضحت أم عبد الرحمن أنها أرسلت ابنتها إلى الروضة كي تخرجها من جو الاكتئاب النفسي الذي تعيشه طفلتها، بسبب اعتقال والدها، مستطردة أن معالي -بالذات- متعلقة بوالدها بشكل جنوني لا يصدق، "ففي أكثر من مرة، وهي متواجدة معنا في الوقفات التضامنية، أمام سياج معتقل والدها، تبقى تردد: "بابا حياتي..بابا قرص العسل، واليهود قرص البصل".
وأكدت أن طفلتها هي وحدها من ابتدعت تلك الكلمات، دون أن يوجهها أحد، "لأن والدها كان دائماً يلقبها بقرص العسل، وبالتالي فإن عقلها الصغير حكم، تلقائيا إنه بابا قرص العسل، واليهود قرص البصل."