غزة-محمد بلّور-الرسالة نت
دمّر انقطاع الوقود عن غزة طبقات الزمن في عيون الناس محذرا بإرجاعهم لعصور غابرة .
بدأت عجلة الحياة تدور بصرير مختلف فلم يغادر النور فقط مصابيح الإنارة وتصمت معه الأجهزة الكهربائية إنما وصل الأمر لخطر التلوث وتردي البيئة الآدمية. ما كنا نظنه خدمة اعتيادية لا نلتفت لاستمرارها مثل خدمات "المياه والنظافة والصرف الصحي وغيرها .." تهددنا الآن بالمغادرة .
وتعاني بلديات قطاع غزة من خطر توقف خدماتها الأساسية في ظل انعدام وصول الوقود وغياب التيار الكهربي لمرافقها ما ينذر بكارثة حقيقية .
وكان رئيس بلدية غزة رفيق مكي عقد أمس مؤتمرا صحفيا أكد فيه أن القطاع على باب كارثة إنسانية ستتسبب في تدهور خدمات الكهرباء والمياه والنظافة والصرف الصحي. و أوضح أن ما يزيد عن 200 بئر مياه و40 مضخة صرف صحي وأربع محطات معالجة لمياه الصرف وعشرات محطات التحلية والمئات من آليات النفايات مهددون بالتوقف .
تلوث بيئي
نجم الموسم والمشكلة الأكبر والأهم هي توقف محطات الصرف الصحي والمياه العادمة عن العمل ما قد يغرق المدن والمخيمات في وحل المياه القذرة .
ويرى مدير العلاقات العامة والإعلام في بلدية غزة المهندس حاتم الشيخ خليل أن نفاد الوقود سيعطّل عمل مضخات الصرف الصحي بالكامل
وأضاف:"عادة نحاول تجنّب ضخ الصرف الصحي للبحرحتى لا نلوّثه ولكن الآن إذا نفذ الوقود ستغمر المياه العادمة منازل المواطنين وشبكات الصرف في كل غزة" .
وتعيش بلدية مدينة غزة الآن مع آخر أيام الوقود الاحتياطي حيث تبقى ساعات فقط لتوقع حلول الكارثة الحقيقية .وكنموذج عن تعطل خدمات الصرف الصحي في المخيم أكد رئيس بلدية مخيم النصيرات محمد أبو شكيان أن منحنى الخطر يمضى الآن نحو الأسفل الخطر .
وأضاف:نستخدم الآن مخزون احتياطي لن يكفي لأكثر من 3 أيام وإذا نفذ الوقود ستحل كارثة فغياب الكهرباء والوقود لن يمكننا من تشغيل المضخات لخدمة أكثر من 80 ألف نسمة".
انقطاع المياه
المياه النظيفة أيضا لن تتمكن من السريان في شبكات المياه في رحلة تبدأ من آبار المياه الصالحة للشرب والاستخدام وصولا لمنازل المواطنين .
وقال المهندس الشيخ خليل إن بلدية غزة كانت تقوم سابقا بتشغيل مولدات الآبار والضخّ بواقع 20 ساعة "16 من الشركة و4 من مولدات البلدية" .
وتابع: "الآن والكهرباء تغيب 16 ساعة نضطر لتشغيل المولدات 10 ساعات بواقع 4 من عندنا لكن مخزوننا اليوم سينفذ ولن نستطيع تشغيلها مطلقا" .
أما رئيس بلدية قرية وادي غزة سالم أبو عيادة فأكد أن قريته لا تملك سوى بئر مياه واحد يعتمد عليه 6000 نسمة.
وأضاف:"لدينا بئر مياه واحد وشبكته طولها 30 كم ويمتد للجنوب أيضا بطول 8 كم وكل ما لدينا كان 400 لتر سولار والآن لن تصل المياه للمنازل".
ولا يكف هاتف أبو عيادة النقّال عن الرنين بينما لا يجد مبررات لإقناع المواطنين الذين أصبحوا يتجمعوا حول مبنى البلدية بعد انقطاع خدمة المياه.
أما رئيس بلدية مخيم البريج أنيس أبوشمالة فأكد أن آبار المياه العاملة على الكهرباء وفي ظل نفاذا الوقود لن تضخ المياه لأكثر من 43 ألف نسمة .
وأضاف:"كمية السولار المتبقية محدودة للغاية لذا نضخ فقط 4-5 ساعات ربما سنتوقف بعد يوم عن العمل !" .
تكدّس القمامة
وتعيش قرية وادي غزة حالة مفارقة عجيبة فرغم أنها الأقرب لمجمع النفايات الصلبة الرئيس لمدينة غزة إلا أنها لا تستطيع الوصول إليه .
عن ذلك يضيف أبو عيادة:"عربة النفايات الوحيدة توقفت عن العمل ونحن الأقرب للمجمع لكننا لا نستطيع الوصول إليه !" .
وفي شوارع مدينة غزة تبدو حالة النظافة أسوء حالا من الأسبوع الماضي بسبب توقف الآليات عن العمل ما قد يضطرهم لاستخدام العربات التي تجرها الحيوانات .
وقال المهندس الشيخ خليل إن بلديته قد تكتفي كحل جزئي لتجميعها في مناطق أملا في نقلها لاحقا للمجمع الرئيس .
وبالمثل تفكر بلدية مخيم النصيرات فهي لا تملك الوقود الكافي لتشغيل الآليات ونقل النفايات للمجمع الرئيس ما قد يضطرها هي الأخرى لاستخدام العربات .ويزيد المنخفض الجوي المصحوب بالأمطار من أعباء البلديات فأضيف لمهامها مسألة تسوية الطرقات المغلقة بفعل برك المياه .
واضطرت كافة بلديات قطاع غزة لتقليص خدماتها في إزالة برك مياه الأمطار التي تغلق الطرق وتسوية الشوارع الموحلة لأقصى حد نظرا لنقص الوقود
وبمرور الوقت تتفاقم أزمة بلديات قطاع غزة التي تمس حاجة كل مواطن أيا كان عمره فنقص الوقود لا يعني فقط انقطاع التيار الكهربي إنما يعني غياب النظافة والمياه وخدمات أخرى .