قائمة الموقع

مقال: من أجل هذا قطعوا الكهرباء!

2012-02-22T09:14:33+02:00

بقلم الكاتب / يوسف غبن

يكثرُ الجدلُ في الأيام الأخيرة حول انقطاع الكهرباء , ونقصِ الوقود , والمسؤولِ عن ذلك . ودونَ مقدمات , يكادُ كلُّ متأمل لهذا الوضع في غزة ,أن يجزمَ أن سياسة "العصا والجزرة" هي ما يتِّبعه المحاصِرون للنيل من هذا الشعب.

  الأزمةُ هي شكل جوهري من أشكال الحصار الذي طالما خبره الغزيون. لكنَّ تشديدها في هذا الوقت بالذات , له أكثر من مغزى.  فهو الوقت الذي يأتي بعد اتفاق مشعل عباس في الدوحة , والذي أفرز عباس كرئيس للحكومة الانتقالية. وهو يأتي أيضا وسط حديثٍ حول خلافات في حماس حول قرار مشعل , وعمَّا دار أن حماس الداخل (غزة) غير راضية عن قرار حماس الخارج (مشعل). وهو يأتي أيضا في آونة تسبق الانتخابات التشريعية والرئاسية المفترضة في مايو المقبل .

 فلماذا يمنع الوقود والكهرباء هنا؟ , إن فصول الأزمة تدل على الافتعال المشترك لها من قبل أطراف عدة , وهي ذات الأطراف التي فرضت الحصار ولا تزال تفرضه على غزة , متمثلة في إسرائيل , وأطراف فلسطينية, وأيضا الأجهزة الأمنية المصرية التي لا ت زال متنفذة حتى في ظلِّ مصر الثورة.

لقد اختاروا الكهرباء , لأنَّهم يعلمون ما لها من تأثير على كافة أنحاء الحياة,  وهي تمسُّ مختلفَ التركيبة الديمغرافية للناس في غزة . فبها يتوقف النُّور والمستشفيات ومحطَّات التحلية , ولا تصل المياه للبيوت , ما يجعلُ حياةَ الغزِّيِّين جحيما لا يطاق.

ففي وضع كهذَا , سيجعلُ الكلُّ غايتَهم الخلاصَ منه  وأن يتوقوا لمن ينقذهم منه , وبالتالي يكونُ عباس هو صاحبَ الحظِّ الأوفر في الانتخابات القادمة . وكذلك هي رسالة لحركة حماس في حال ثبت صحة الخلافات الحمساوية الحمساوية أن " هذا البديل إن رفضتم عباس كرئيس للحكومة "

أما على صعيد المسئولين عن الكهرباء هنا في غزة , فلا داعي لدعوات الاستقالة أو الهروب للأمام التي ينادي بها كثيرون . هذا الكلام ليس دفاعا عنهم , لكنه قراءة واقعية لوضعنا الاستثنائي كفلسطينيين .

 لنفترض أن فلانا, المسؤول عن الشركة أو الجهة المسئولة , قد استقال تحت وابل الدعوات والمسبات واللعنات , هل ستأتي الكهرباء بعدها؟ , ومن الذي سيجرؤ على تولي المنصب بعده؟ .

 ثم حتى لو تولاه سوبرمان , فهل سيمدنا بالكهرباء من السد العالي في بيتهم , أم سيشغل مولَّدهم في البيت لإمدادنا بالكهرباء ؟!. إن الصورة أوضح من أن نكون كالإبن العاق لوالِده الفقير الذي يُثقل والده بالمطالب , مع علمه اليقيني بأنَّ والده لا حول له ولا قوة بذلك .

الكل يعلم سبب الأزمة , ويعلم من المتسبب بها وهو نفسه المستفيد منها . لذلك , ما نمر به من أحوال هذه الايام , هو حلقة في مسلسل الأثمان الذي يدفعه الشعب الفلسطيني منذ زمن طويل , مقابل الحفاظ على ثوابته وحقوقه , وإلاَّ فليتنازل الشعب عن كرامته , وحينها لن تنقطع الكهرباء ساعة واحدة ,ولن تغلق المعابر وستفتح علينا الدنيا من حيث لا نحتسب .

اخبار ذات صلة