قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: القدس والتدويل وما يجري على الأرض

نواف الزرو

هناك في الدوحة يلوحون بتدويل القدس, ويدعون إلى إنشاء لجنة دولية على مستوى الأمم المتحدة للتحقيق في الإجراءات التي تتخذها (إسرائيل) منذ عام 1967 لتهويد القدس وإجبارها على التراجع عن هذه الإجراءات...!

لا شك أن جبهة التدويل ولجان التحقيق في غاية الأهمية, غير أنها ليست كافية لإجبار (إسرائيل) على التراجع عن التهويد...!

فهم هناك في(إسرائيل), يعملون من أجل اختلاق وصناعة قدس يهودية كما اختلقوا وصنعوا دولة (إسرائيل), غير أن تلك الدولة من وجهة نظرهم لا تكتمل إلا بتكريس "القدس يهودية عاصمة أبدية لهم".

وخلاصة القصة بالنسبة لهم اذن هي "السيادة على القدس" وتطويبها يهودية إلى الأبد".

وتترجم دولة الاحتلال بوزاراتها وجيشها ومستعمريها ومنظماتها السرية والعلنية وإداراتها المختلفة الأدبيات والنوايا والخطط الجهنمية على أرض القدس بسلسلة لا حصر من الحملات والهجمات التي تستهدف تهويد المدينة بالكامل وتطويبها تحت السيادة (الإسرائيلية) إلى الأبد...!

لكل ذلك, لا نبالغ أن قلنا إن دولة الاحتلال الصهيوني تعمل على اختطاف المدينة المقدسة مرة واحدة وإلى الأبد... فـ"التهويد الكبير في المدينة قد بدأ" حسب أحدث الوثائق العبرية والمعطيات على الأرض, والاحتلال يصعد حرب ابتلاع القدس, ويعمل ليل نهار على فرض الأمر الواقع الاحتلالي فوق أرض القدس عبر ما يمكن أن نطلق عليه أضخم حملة تزوير للتاريخ والتراث تستهدف اختلاق قدس ومملكة يهودية على أنقاض المشهد المقدسي.

ودولة الاحتلال تتحرك على مدار الساعة على امتداد المساحة المقدسية بهدف إحكام قبضتها الاستراتيجية على المدينة وإخراجها من كل الحسابات الفلسطينية والعربية والدولية...!

وهي أيضاً في سباق مع الزمن ومع عملية السلام - العبثية - مستثمرة حالة التشظي والتفكك والضعف والسبات العربية من أجل استكمال مخططاتها ومشاريعها قبل أن تأتي الصحوة العربية الإسلامية...!

وتمضي دولة الاحتلال في هجومها على المدينة المقدسة في إطار ما يطلق عليه الفلسطينيون هناك سياسات التطهير العرقي, إذ أكدت منظمة "بيتسيلم" (الإسرائيلية) لحقوق الإنسان مثلاً: "أن دولة الاحتلال تمارس سياسة التطهير العرقي ضد المقدسيين منذ سنوات, ومنها سحب هويات حق المواطنة ومنع البناء والسكن لإجبارهم على الإقامة خارج حدود المدينة", كما اتهم تقرير حقوقي (إسرائيل) بـ "ممارسة التهجير والتطهير العرقي ضد الفلسطينيين في مدينة القدس المحتلة".

فالواضح أن لا شيء حتى الآن يردع الاحتلال عن "التطهير العرقي" وعن اجتياحاته التدميرية والمجازرية والاستيطانية التهويدية على حد سواء..!

فلا الشريك الفلسطيني في المفاوضات قادر على تعطيل اجتياحات بلدوزر الاحتلال, ولا "خيار السلام" العربي و"النوايا العربية الطيبة" للتطبيع الشامل, ولا حتى الأمم والشرعية الدولية تحظى بأي تأثير أخلاقي على دولة الاحتلال بهذا الصدد...!

والأخطر أن كل ذلك يتم في ظل ليس سبات عربي وإسلامي غريب عجيب لا يصدق, وانما في ظل ما يمكن أن نطلق عليه "فك ارتباط عربي وإسلامي عن القدس...!

إن معطيات المشهد المقدسي تنذر الفلسطينيين والعرب والمسلمين بأن الانفجارات الدراماتيكية في مدينة القدس آتية, بل إن أهالي القدس والأوقاف والعلماء وفعاليات المدينة يتحسبون - وفق تقرير فلسطيني - من أن العام الجديد فعلاً سيكون عاماً صعبا لا سيما على المسجد الأقصى والقدس عموماً, حيث أن القوى الدينية (الإسرائيلية) المدعومة من قبل حكومة نتنياهو تعد لانتقال نوعي للاعتداء على المسجد الأقصى وقبة الصخرة وساحات وعمائر ومرافق الحرم القدسي الشريف".

أمين عام جامعة الدول العربية السابق عمرو موسى كان أعلن" أن مدينة القدس تحظى بأولوية واهتمام بالغ في عمل الجامعة وتحركاتها على مختلف الصعد", مضيفاً: "القدس في وجداننا, ولن نتركها لقمة سائغة في فم (إسرائيل), ولن تترك أبداً مهما كانت الظروف /الثلاثاء/11/5/2010", وننضم بدورنا لموسى مؤكدين:

لن نترك القدس لقمة سائغة في فم (إسرائيل) إذن, غير أن ما يجري هناك على الأرض المقدسية يحتاج إلى تحركات وأولويات عربية حقيقية وجادة وحاسمة, عبر لملمة الأوراق العربية, وفتح جبهات أخرى أممية وقانونية وإعلامية ودبلوماسية فاعلة.

وما يجري هناك على الأرض يحتاج إلى إعادة الارتباط ما بين القدس وفلسطين, وإلى إعادة الاعتبار للمدينة المقدسة لتغدو ثانية على قمة الأجندات والاهتمامات العربية والإسلامية حقيقة وليس إعلامياً...!

فالذي اعتدنا عليه حتى الآن عقد القمم والمؤتمرات العربية من أجل القدس, لتنتهي مع انتهائها, بينما قاطرة الاستيطان والتهويد واختطاف المدينة تسير...!

فنعم للتدويل وتشكيل اللجان الدولية, لكن تبقى الحاجة أولاً إلى إعادة الارتباط ما بين القدس وفلسطين والعرب...!.

صحيفة العرب اليوم الأردنية

البث المباشر