بقلم . رمزي صادق شاهين
لمن لا يعرف تاريخ نقابة الصحفيين ، فلا بد لنا إلا المرور على تاريخها حين بدأت عملها كرابطة للصحفيين الفلسطينيين قبل مجيء السلطة الوطنية عام 1994م ، إلى أن تحولت إلى نقابة الصحفيين الفلسطينيين، هذه الرابطة أو النقابة فيما بعد بُنيت بجهد كوادر وطنية مخلصة ، جزء من هذه الكوادر تعرض للاعتقال والإهانة بسبب الإنتماء للعمل النقابي لأن الانتساب للنقابات الفلسطينية كان تهمة من قبل إسرائيل ومخابراتها .
مع إعادة تشكيل المؤسسات الفلسطينية عام 1994م تم تشكيل نقابة الصحفيين كباقي المؤسسات الفلسطينية ، لكنها اعتمدت في عملها على الخلط بين العمل المهني والفصائلي ، فظلت لسنوات طويلة تحمل رؤية وبرنامج واحد ، مما أفقدها جزء مهم من برنامجها الذي يؤكد على أهمية الوحدة الفلسطينية في مؤسسة تعد من أهم المؤسسات الوطنية ، والتي يقع على عاتقها مسؤولية وطنية كبيرة تتمثل في نقل صور وأشكال معاناة شعب تحت الإحتلال .
عام 2010م تم إجراء الإنتخابات في نقابة الصحفيين ، حيث قاطعت بعض الفصائل هذه النقابات نظراً لوجود ملاحظات لديها تتعلق باقتسام النقابة بالتوافق مع التوجه السياسي ، مما خلق حالة من الصراع أدت لتشكيل أمانة عامة أدارت النقابة ولازالت حتى تاريخه تُديرها .
في يناير 2012م أعلنت النقابة فتح باب التنسيب لعضويتها ، بعد عدة أعوام من غلق هذا الحق النقابي لشريحة واسعة من الصحفيين والعاملين ، حيث خلال هذه السنوات تم اعتماد العضوية ببطاقة تم تسميتها بطاقة ( التعريف ) وبرغم أن فتح باب الإنتساب جاء متأخراً ، إلا أنه خطوة هامة وبداية حقيقية تصويب العمل النقابي .
اتضح مع نشر أسماء الأعضاء المقبولين لعضوية النقابة ، أن الطريق للوصول لعضوية النقابة هو الواسطة والمحسوبية ، فإما أن تكون محسوباً على كوته مُعينه ، أو تكون مخبراً لدى آخر ، أو تكون حجر شطرنج يتحرك بتعليمات من هم مسيطرين على قرار النقابة والذين يُحركون ما تُسمى الأمانة العامة على مزاجهم ووفقاً لرغباتهم .
إن الناظر لكشف العضويات التي نشرته النقابة يصاب بحالة من اليأس ، عندما ترى بعض الأسماء التي مُنحت العضوية وهي لا تمت للصحفيين بأي صلة ، وأسماء تم وضعها كخواطر وإرضاء للمعرفة والصداقة ، وأخريات وضعت أسماءهن لكونهن صاحبات تاريخ طويل في العطاء والتضحية كما يحلو للبعض تسميتهن ، وآخرين أحضروا أوراق مزورة ومؤسسات وهمية للحصول على العضوية .
المقصود هو ليس التشويه ، بقدر ما هو توضيح الحقيقة المرة ، التي يحاول البعض الالتفاف عليها بمبررات واهية وغير صحيحة ، لدرجة أن لجنة العضوية التي شكلتها النقابة تضم أحد أعضاءها من هو ليس صحفي ولا يمت للصحافة بأي صلة ، وأتحداه إن كان يعلم أسماء الصحفيين أو المؤسسات العاملة في قطاع غزة ، هذا العضو حصل على العضوية الدائمة قبل انتخابات 2010م بــ 24 ساعة فقط ، والمضحك أكثر انه رئيس لجنة العضوية .
كنت أحد الذين تقدموا بطلب تجديد العضوية ، حيث أنني حاصل على بطاقة العضوية المؤقتة للعامين 2010-2011 ، وعند نشر الأسماء فوجئت بأن اسمي غير مدرج ضمن أسماء الأعضاء ، ولاحظت بعض الأسماء التي قمت بنفسي بإحضارها للنقابة وتنسيبها ، مما دعاني لمراجعة النقابة ، التي طلبت مني النقابة تقديم طلب اعتراض للجنة العضوية .
منذ تاريخ 5 يناير وأنا أراجع الأمانة العامة ولجنة العضوية ، لكن للأسف لازال الجواب مجهول ، وكان رد أحد أعضاء اللجنة أنك تعمل في جهاز أمني فلسطيني ، ومرة أخرى أنك شخصية معروفة ، ومبرر آخر بأنك تحتاج لتوقيع لجنة العضوية ، وللأسف لا تجد موقف مسئول تستند إليه ، فالقائمين على النقابة مجرد أشخاص لا قرار لهم وهم يأتمرون بإمرة أشخاص متنفذين ويتحكمون في مصير البشر عن بعد ، وهم من يقرر منح العضوية من عدمه حسب المزاج .
حاولت الحصول على رد مكتوب لرفض طلبي ، فكانت المماطلة ، لدرجة أن أحد أعضاء اللجنة قال لي سنعطيك بطاقة عضوية لكن بدون إدراج اسمك في الكشوفات ، وهذا المضحك والدليل على أن النقابة لا يوجد بها قانون ينظم العلاقة بينها وبين الأعضاء ، وهي تسير ببركات الرحمن .
لا أدرى كيف للنقابة أن ترفض منحي العضوية وهو لا تعترف بكوني صحفي ، وأنا أعمل في الإعلام قبل عام 1994 ، وحتى بعد إنشاء السلطة الوطنية عملت في مجال الإعلام في جهاز مدني ليس له علاقة بالعسكرية ، والأهم من ذلك أن الأمانة العامة للنقابة قامت بتعييني في فبراير 2011م عضو بدائرة التدريب في النقابة ، ثم مسئول عن العلاقات العامة بالنقابة من تاريخ 20 فبراير 2011م ومعي القرار الإداري الذي يُثبت ذلك ، وقد مثلت النقابة بأكثر من اجتماع مع مؤسسات دولية ومحلية بقطاع غزة .
لقد قررت أن أكتب مقالي هذا بعد نفاذ صبري ، وقناعتي بأن هناك ( فيتو ) على اسمي لأسباب خاصة منها ضغوط بعض المتنفذين والمسيطرين على قرار النقابة ، هؤلاء الذين منحوا العضوية لعشرات العسكريين والذين منهم من يعمل في الإعلام ومنهم لا يعمل ، لكن لمجرد أنهم يتمتعون معهم بعلاقة شخصية ، وسأحتفظ بالأسماء احتراماً مني لتاريخ كُل واحد منهم ونضاله وشخصيته .
رسالتي للنقابة هي أن الفشل سيكون حليفكم ، فمسلسل الفشل الذي بدأتموه من فترة سيستمر وسيلاحقكم ، وسيكتب التاريخ عنكم بصفحات سوداء لتقصيركم في حق الصحفيين ، وإهمال قضاياهم ، وعدم الدفاع عنهم وعن حقوقهم ، فالنقابة ليس مسؤوليتها فقط أن تمنح بطاقة بلاستيكية لا تمثل للصحفي أي شي سوى أنه يدفع الرسوم التي لا يعرف أين تذهب وأين تُصرف .
أعانكم الله على مسؤوليتكم التاريخية أمام الله والصحفيين ، هذا الجيش العظيم الذي سقط منه الشهداء فضل شناعة وخليل الزين وطارق أيوب ، ولازال منهم من يُضحى خلف قضبان الأسر العربي والإسرائيلي ، ولازالت أهات المبعدين تُلاحق كُل المتآمرين على نضالات وتضحيات ونجاحات الآخرين .
لا نريد بطاقتكم ، فهي لن تكون تصريح لدخول الجنة ، بل هي عار على من يقبل أن يعمل مخبراً لدى البعض أو يكون مُجرد اسم في كشف ، أو يكون صحفي بالإسم ويتحدث بإسم الصحفيين ، الصحفيين العمالقة الذين كانوا ولازالوا جنوداً أوفياء لفلسطين الوطن والهوية .